فلنتعلم من غرور بشار الأسد (2)!
في الجزء السابق من هذه المادة، تناولنا طريقة بشار الأسد في التعامل مع الخارج على حساب الداخل، لنتعلم ألا نكرر طريقته المدمرة. وفي هذا الجزء نتابع في الموضوع نفسه، ولكن من زاوية أكثر تفصيلية...
فلننظر في سلسلة الأزمات والمشكلات التي تعيشها سورية اليوم على المستوى الأمني-السياسي. ربما بين أكثرها وضوحاً وبروزاً في اللحظة الراهنة، واحدة في الجنوب في محافظة السويداء، وأخرى في الشمال الشرقي.
بالنسبة لكل من الأزمتين، جرت وتجري اجتماعات لا حصر لها مع أطراف خارجية، أو بوساطة أطراف خارجية؛ في عمان وباريس وموسكو وباكو وإسطنبول وغيرها. وضمن حسابات النسبة والتناسب، فمقابل كل لقاء داخلي يجري في هذه المنطقة أو تلك في سورية بين الأطراف السورية، ربما تجري 5 إلى 10 اجتماعات خارج البلاد، وبحضور الأجانب وبوساطتهم، وربما تحضر الأطراف السورية المتنازعة في هذه اللقاءات معاً، وغالباً يحضر أحدها فقط.
رغم أن الأرقام والنسب قد تكون مؤشراً شكلياً في كثير من الأحيان، ولا يمكن التعويل عليه للوصول إلى نتائج نهائية ودقيقة، إلا أنها مؤشر في نهاية المطاف، ولها معنى ينبغي فهمه؛ وهذا المعنى هنا، هو أن درجة التدويل التي نعاني منها هي درجة عالية جداً، بحيث يكون من السهل على الأطراف السورية المختلفة أن تجتمع مراراً وتكراراً مع أطراف أجنبية في حين يصعب عليها أن تجتمع مع بعضها البعض.
في حالة بشار الأسد، كان من السهل عليه أن يقدم مختلف أنواع التنازلات للدول الخارجية المتدخلة في الشأن السوري، ولكنه لم يكن مستعداً لتقديم أي تنازل للشعب السوري نفسه، أو للأطراف السورية المتصارعة. وماذا كانت النتيجة؟ تم تقديم تنازلات أكبر بكثير من أي تنازل كان يطلبه الشعب السوري نفسه، وتم تقديم هذه التنازلات على حساب سورية والسوريين بكل أطرافهم، بمن فيهم سلطة الأسد نفسها التي انتهت إلى الانهيار الشامل.
الدرس الذي ينبغي تعلمه وتطبيقه، وعلى وجه السرعة، هو أن الطريق الأقصر والأكثر سلامة وفائدة لكل السوريين، ولكل الأطراف السورية، هو أن تجلس مع بعضها البعض بشكل مباشر، وأن تكون قادرة على تقديم التنازلات المنطقية لبعضها البعض، وبالمحصلة للشعب السوري، بما يخدم وحدة سورية ووحدة شعبها، وحقن دماء أهلها…
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 0000