الغربيون سيستمرون بالخسارة وصولًاً إلى نهايتهم

الغربيون سيستمرون بالخسارة وصولًاً إلى نهايتهم

خلافاً لما يرددونه، لا يبدو أن الغربيين يريدون إنهاء الحرب في أوكرانيا قريباً، ويستمرون بتكرار نفس الألاعيب والتكتيكات السياسية ذاتها منذ 3 أعوام، كلّ حسب دوره المناط به، رغم ذلك، تخسر أوكرانيا المزيد من الأراضي عسكرياً، وتتفاقم أزمة الغرب الجماعية.

منذ 3 أعوام: تدعم الدول الأوروبية والولايات المتحدة أوكرانيا مالياً وعسكرياً، يتبعها ردّ روسي سريعٌ تارة وبطيء تارةً أخرى، فتخسر أوكرانيا المعركة، فيعود الغرب لدعمها أكثر، وتخسر مجدداً، ثم يتباكى الغرب على دماء الأوكرانيين مدّعين استعدادهم لإنهاء الحرب، دون تقديم أي تنازل للجانب الروسي بما يضمن أمنه القومي، وإبعاد الناتو عن حدوده، بل العكس، يمدّون كييف
بأسلحة جديدة أكثر تطوراً، وأبعد مدى ويساندوها بعمليات نوعية، فترفض موسكو أيّ مساومات لا تضمن لها أمنها مستقبلاً، وعليه، يُشيطن الغرب موسكو باعتبارها لا تريد إنهاء الحرب، ومنذ 3 أعوام تردد موسكو استعدادها لحوار جدّي دون شروط مسبقة، فيشترط الغربيون وقف إطلاق النار وانسحابها من الأراضي الأوكرانية أولاً، هكذا تدور عجلة القتال في أوكرانيا دون توقف، وتتصاعد وتيرتها، وسط خطر توسّع رقعتها لما هو أبعد من حدودها.

مؤخراً، يجري الأمر نفسه، فبعيداً عن مدى صدق نوايا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من عدمها فيما يتعلق بـ «إنهاء الحرب الأوكرانية خلال يوم واحد»، إلا أن «صفقته» المقدمة لموسكو لا تؤمن لها شروط أمنها القومي، ومصالحها باستقرار استراتيجي، بل إنها وفي أحسن أحوالها تدعو لـ «تجميد» الوضع على ما هو عليه، ظناً منه أنها «صفقة» ترضي جميع الأطراف، أي سلام مؤقت، ترى فيه موسكو فرصة تمكّن الغربيين من تضميد جراحهم وترميم خساراتهم قبل الانطلاق بتصعيد جديد، وعليه تقوم برفضها، فيعتبر ترامب أن نظيره الروسي لا يسعى لإنهاء الحرب مثله، ويبدأ تصعيد جديد:
سياسياً: أعلن ترامب إلغاء لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بودابست.
اقتصادياً وتجارياً: أعلنت واشنطن فرض عقوبات جديدة على أكبر شركتي نفط روسيتين، روس نفط ولوك أويل.

عسكرياً: تمارس أوكرانيا بدعم غربي تصعيداً عبر سعيها للحصول على تراخيص لاستخدام صواريخ «توماهوك» الأمريكية بعيدة المدى، بينما يُهدد ترامب بالموافقة على هذا الأمر.

وبالتوازي مع ذلك، يرتفع التهديد بتوسع رقعة الصراع، لتزعم ليتوانيا مؤخراً- الدولة العضو في الناتو- أن مقاتلتين حربيتين روسيتين قد اخترقتا أجواءها، رغم نفي الجانب الروسي لذلك.
وبطبيعة الحال، لا يمكن قراءة الحرب الأوكرانية بعيداً عن المشهد الدولي العام، أو بمعزل عنه، فعلى الرغم من أنها النقطة الأكثر سخونة عالمياً في الوقت الحالي، ويدخل بها الروس والأوروبيون بشكل مباشر، إلا أنها مرتبطة بعموم الصراع بين دول الجنوب العالمي والغرب، وتحديداً الصين والهند اللتين تستهدفهما العقوبات الاقتصادية على النفط الروسي أكثر من روسيا نفسها، باعتباره مورداً رئيسياً لهما من روسيا، كمثال واحد.

ولا يبدو أن هذه التطورات تؤثر بشيء جديد على روسيا، فاقتصادياً لم تؤدِّ العقوبات إلا إلى تحسين الاقتصاد الروسي، وتمتين علاقاتها أكثر مع دول الجنوب العالمي، وعسكرياً تسيطر بشكل مستمر على أراضي أوكرانية جديدة، كان من آخرها 4 قرى جديدة خلال الأسبوع الماضي، وفي حين رفع الاتحاد الأوروبي من نسبة إنفاقه الدفاعي، قامت موسكو بتخفيضها، وسياسياً يتأزم الغربيون بشكل أكبر وأسرع.. وفيما يتعلق بالصين والهند، فإن مصلحتهما تدفعانهما أكثر باتجاه الابتعاد عن واشنطن وتوطيد علاقاتهما مع موسكو.
أزمة الغرب تكمن بعدم قدرته على كلا الخيارين: إنهاء الحرب فعلاً، وتحمّل الخسائر، أو خوضها فعلاً بشكل مباشر لعدم وجود الإمكانات والقدرة على ذلك، فضلاً عن عدم ضمانة ربحها أساساً حتى وإن وجدت القدرة، وعليه، يخسرون بشكل تدريجي، وتصاعدي، إلى حين..

معلومات إضافية

العدد رقم:
1249