وحيد الشامي وحيد الشامي

غيوم حالكة السواد تتكاثف فوق بغداد عدوان أمريكي وشيك على العراق الشقيق

تتكاثف، يوماً بعد يوم، فروق سماء العراق غيوم حالكة السواد، منذرة بوقوع عدوان أمريكي واسع النطاق على هذا البلد الشقيق بحجة القضاء على الخطر المزعوم من أسلحة التدمير الشامل العراقية.

وأعرب الرئيس الأمريكي بوش عن تصميمه على التحرك عسكرياً، إذا اقتضى الأمر وقبل فوات الأوان، حسب تعبيره. ضد الأنظمة التي تسعى إلى امتلاك أسلحة الدمار الشامل، ويقصد بذلك العراق، وتابع: يجب أن يفهم أصدقاؤنا وأعداؤنا بوضوح أننا لن نترك أمن مواطننا، ومستقبل السلام، بين أيدي بعض الرجال الشيطانيين والمخربين!!
إن هذه اللغة العدوانية وذات النبرة العنجهية واضحة لالبس فيها.

هل الغزو وشيك
وإذا كانت صحيفة «فيغارو» الفرنسية قد استبعدت أن يكون الهجوم العسكري على العراق بات وشيكاً، فإن تواتر التصريحات بشأن شن الهجوم يحمل في طياته تسريعاً حقيقياً للتحضيرات العسكرية، وتحقيقاً لرغبات الصقور في الإدارة الأمريكية،و بخاصة، القوى التي تمثل الصناعات الحربية والاحتكارات النفطية الكبرى التي يعبر عن موقفها نائب الرئيس ديك تشيني.

لماذا الإسراع بالعدوان
ومن هنا تبين أن واشنطن تمشي بخطوات متسارعة نحو العدوان على العراق وأن الاستعدادات جارية على قدم وساق.

إن هذا الموقف المتسارع يخفي وراءه أسباباً تقلق الإدارة الأمريكية بعد فشلها في تحقيق أحلامها بالسيطرة على العالم من خلال الحرب، وأهمها:
1. هبوط سعر الدولار والإعلان عن التفليسات المالية الكبرى التي تجري حالياً.
2. إخفاق العدوان الأمريكي على أفغانستان. إذ أخذت القوات الأمريكية المرابطة هناك تواجه مقاومة شديدة وغدت حياة الجنود الأمريكيين في خطر، وبخاصة بعد أن تبين أن العدوان استهدف الشعب الأفغاني المسالم وأن بن لادن والملا عمر ومنظمات «القاعدة» لم يقض عليها.
3. إن العدوان الإسرائيلي المدعم أمريكياً بصفاقة، لم يجلب للولايات المتحدة أكاليل النار، بل ازداد الغضب الشعبي العربي عليها وأن المقاومة الوطنية الفلسطينية لم تمت ومازالت تقاوم وتوجه ضربات يومية موجعة للقوات الإسرائيلية المدعمة بالأسلحة الأمريكية.
4. ثبات سورية على مواقفها ومطالبها ورفضها أي ضغوط أمريكية وغير أمريكية عليها لزحزتها عن مواقفها وإصرارها على عدم التفريط بأي حق من الحقوق العربية.

سيناريو العدوان
فما هو السيناريو المعد للعدوان على العراق الشقيق؟
1. سيبدأ العدوان بقصف مركّز كبير على القوات العراقية، بسبب قيام القوات الأمريكية، التي يتراوح عددها بين50 ألفاً و75 ألفاً بالتوجه نحو جنوب العراق وصولاً إلى بغداد، وسيستغرق إنجاز هذه الخطة شهراً كاملاً.
2. ستوضع تحت تصرف القوات الأمريكية النازية خمس حاملات طائرات تكون على أتم الجاهزية للعمل هذا الشتاء.
3. لكن الولايات المتحدة تعول على استخدام قواها العسكرية في تركيا والأردن والكويت وقطر والبحرين والإمارات.
4. دور أردني متحيز: وإذا كان الزعماء العرب قد أعلنوا في قمتهم، بشكل جماعي، معارضتهم لأي هجوم عسكري أمريكي على العراق. فإن بعض الإشاعات المتداولة تؤكد أن خطة الولايات المتحدة للتدخل البري ستنطلق من الكويت والأردن وأن ممرات العبور الملائمة على الحدود الأردنية ـ العراقية قد تم تفقدها، أخيراً، وتجهيزها فنياً وعسكرياً من جانب القوات الأمريكية.

وعلم أن بعض التقارير العسكرية قد أوصى بأن تقوم وحدات من الجيش الأردني المدربة دخول المناطق المدنية في العراق للمحافظة على  الأمن وحماية اية حكومة انتقالية، قد يصار إلى تشكيلها بعد الغزو الأمريكي، وفكر في هذا الإجراء بسبب معارضة وزارة الدفاع الأمريكية تعريض قواتها لمخاطر حرب المدن!!
وإذا كان الأردن قد أنكر  تكرار تورطه في أية خطة أمريكية ضد العراق فإن وجود الأمير حسن، عم الملك الأردني في الاجتماع الذي عقده كبار الضباط العراقيين المنشقين في لندن. يؤكد اهتمام الأسرة الهاشمية في تشكيل النظام الجديد الذي تنوي الولايات المتحدة أن يكون خلفاً لنظام صدام حسين.
ويرى المحللون أن واشنطن ولندن شجعتا الأمير حسن على المشاركة لأكثر من سبب:

1. لإعطاء الأسرة الهاشمية دوراً كدور الملك الأفغاني ظاهر شاه. أي دور عامل الإنصهار بين المذاهب والقوى المتنافرة المتنازعة على خلافة صدام.
2. منح الأردن دوراً رئيسياً في حملة التغيير داخل العراق، وخاصة إذا كان المطلوب منه استيعاب الفلسطينيين داخل حدوده.
وفي هذا السياق لابد من الاهتمام بما توقعه شارون وهو أن يأتي إلى الحكم في بغداد نظام «متعاون» يقبل بتوطين ثلاثة ملايين لاجئ فلسطيني.
3. إشعار المملكة العربية السعودية بأن الولايات المتحدة تشجع عودة الهاشميين إلى حكم العراق والأردن في محاولة منها لتليين موقفها تجاه المطالب الأمريكية المرفوضة.

عقبات أمام العدوان
إن هذه المخططات الأمريكية المجرمة تقف أمامها تنفيذ عقبات تتمثل بالتالي:
1. تغطية نفقات العدوان: من المعروف أن الكويت والسعودية قدمتا الجزء الأعظم من نفقات حرب الخليج الثانية عام 1991 والتي قدرت بـ 100 تريليون دولار. أما اليوم فقد لايكون من السهل الحصول على تمويل عربي للهجوم على العراق فهذه الحرب ستكون كلفتها باهظة من دون حلفاء أغنياء، وسيكون أكثر  من قدرة الولايات المتحدة وحدها على تحمل هذه النفقات الباهظة وخصوصاً بعد هبوط سعر الدولار، والإعلان عن التفليسات المالية الحالية الكبرى والمخفي القادم أعظم.
2. إن عدداً قليلاً من زعماء المنطقة أبدى استعداده للمجازفة بالمشاركة في حرب «صليبية» أمريكية ضد العراق.
3. ستقف الشعوب العربية وقواها الوطنية والتقدمية ضد هذه الحرب العدوانية على بلد عربي شقيق مهما كان رأيها بحكامه الحاليين، وسيزدادون حقداً  على الدولة الإمبريالية الأولى في العالم وسوف تحدث هبة كبرى على هذا العدوان كما حصل في السابق.
4. معارضة الاتحاد الأوروبي وروسيا لأي حرب ضد العراق.
إن هذا العدوان المرتقب، فيما لو قدر له النجاح، لن يتوقف عند هذا البلد الشقيق، بل ستمتد نيرانه إلى بلدان أخرى كإيران وسورية ولبنان وستشتعل المنطقة برمتها.
ولذلك فإن على الشعوب العربية وقواها الوطنية والتقدمية أن تكون في حالة من اليقظة التامة والاستعداد الكامل لمقاومة الغزو وإفشال المخططات الأمريكية في السيطرة الكاملة على المنطقة، وبالتالي على العالم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
178