العزلة الشارونية

تشير كل الدلائل إلى أن سياسة حكومة شارون العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني ومطالبه العادلة قد وصلت إلى طريق مسدود، ودخلت في أزمة مستعصية لن تحل إلا بزوالها والاعتراف الكامل بحقوق الشعب الفلسطيني التي لا يمكن التنازل عنها. وقد أخذت الأصوات ترتفع ضد سياسة شارون داخل إسرائيل وخارجها، وبدأت العزلة تضيق الخناق عليها حتى تقضي عليها.

ومن أبرز مظاهر العزلة الشارونية في داخل إسرائيل:

■ رفض عدد من الطيارين الإسرائيليين المشاركة في ضرب المدنيين الفلسطينيين.

■ رفض متزايد للجنود الإسرائيليين الاعتداء على الفلسطينيين.

■ تحذير أربعة من رؤساء الموساد الإسرائيليين من الاستمرار في احتلال الأراضي الفلسطينية.

فقد أطلق أربعة من الرؤساء السابقين لجهاز الأمن الإسرائيلي «الشاباك» تحذيراً من أن إسرائيل تواجه خطراً عظيماً وكارثة محدقة، مؤكدين بأن استمرار الصراع مع الفلسطينيين قد يصل بإسرائيل إلى حالة الانهيار الكامل.

وأضاف هؤلاء المسؤولون: إن حكومات إسرائيل المتعاقبة بعد اغتيال رابين لم تضع نصب عينيها أهدافاً، ولم تعتمد سياسة معروفة الوجهة النهائية كي تقصدها، ودعوا إلى العمل من أجل إزالة النقاط الاستيطانية في الضفة الغربية حتماً لو اقتضى الأمر المجابهة مع المستوطنين.

■ توقيع عدد من المسؤولين الإسرائيليين سابقاً على وثيقة جنيف ـ مع أنها لا تلبي طموحات الشعب الفلسطيني ـ والدعوة إلى نشرها بين الإسرائيليين لأخذ موافقتهم عليها، مما يشكل محاولة ضغط جديدة على حكومة شارون لكي توقف نهجها العدواني والذي لم يجلب للإسرائيليين، لا الأمن فقط، بل سبب لها ايضاً الخراب الاقتصادي والاضطراب الاجتماعي وانتشار البطالة.

أما في الخارج، فلم يكن حظ شارون أفضل:

■ فقد وجه البابا يوحنا بولس الثاني انتقاداً شديداً إلى الجدار الفاصل الذي تشيده إسرائيل في عمق الأراضي الفلسطينية، وشدد على أن الأرض المقدسة ليست بحاجة إلى جدران وإنما إلى جسور.

■ تدهور صورة إسرائيل في أوروبا عكسه الاستطلاع الذي أجرته المفوضية الأوروبية والذي بين أن 60% من الأوروبيين يعتبرون شارون أخطر رجل على السلم في العالم ويأتي بعده جورج بوش.

■ ويرجح دبلوماسيون أوروبيون أن يوجه الاتحاد الأوروبي انتقادات إلى إسرائيل لرفضها التعاطي مع المبعوث الأوروبي «مارك أوتي» بسبب زيارته الرئيس عرفات، وما زيارة شارون لإيطاليا إلاّ لتبييض صفحة حكومته ولكنها ستبوء بالفشل.

■ حتى الولايات المتحدة، الداعم الأساسي لإسرائيل ضاقت ذرعاً بسياسة شارون وتصرفاته التي تسبب الحرج للإدارة الأمريكية.

فقد ذكرت صحيفة «هاآرتس» أن الإدارة الأمريكية بعثت أخيراً بمجموعة رسائل شديدة اللهجة إلى تل أبيب تتعلق بعدم وفائها بالتزاماتها ووعودها بتفكيك نقاط استيطانية غير شرعية، وكأنه يحق لإسرائيل أن تبني مستوطنات في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967.

إن هذا الوضع الذي آلت إليه إسرائيل لم يكن ليحدث لولا مقاومة الشعب الفلسطيني الباسلة والتي أدخلت إسرائيل في عزلة دولية ووضع داخلي صعب لامخرج منه إلا بالانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967، وعلى الشعب الفلسطيني أن يتابع مقاومته وأن لا يلقي السلاح من يده حتى تتحقق مطالبه العادلة، والتي لايرضى عنها بديلاً.

■ محرر الشؤون العربية

 عادل الملا

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.