القمة الثالثة لقادة الأمريكيتين شباب القارة الأميركية ينتفضون على العولمة

عقدت في مدينة «كيبك» الكندية القمة الثالثة لقادة الأمريكتين، وذلك ما بين 20 و22 نيسان، بمشاركة 34 دولة، وغياب كوبا، لبحث إقامة سوق حرة.

وذكرت الأنباء أن الحكومة الكندية تحسبت من قيام أعمال احتجاجية ضد القمة فهيأت لذلك بسلسلة من الإجراءات الأمنية وأعدت نحو 700 شرطي دربوا على مكافحة أعمال الشغب، وشادت حاجزاً حديدياً ثبت على ركائز من الإسمنت المسلح طوله 7 كم وارتفاعه ثلاثة أمتار. وقد حطم المحتجون قسماً منه وأطلقوا عليه «جدار العار».

في ذلك المساء تدفق أكثر من 60 ألف متظاهر قدموا من كافة أنحاء مقاطعة كيبك وخارجها، ولا سيما من الولايات المتحدة القريبة منها «نيويورك وفيرمونت»، وجرت معارك كر وفر بين المتظاهرين ورجال الشرطة الذين استعملوا لأول مرة القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، مما أثار استنكاراً واسعاً في أوساط الرأي العام الكندي ووصفها أحد مندوبي تلفزيون «راديو كندا» بأنها ممارسات شاذة لم تحدث إلا في فلسطين.

وقد شارك في أعمال الاحتجاج قوى اجتماعية متنوعة: حركات نسائية وشبابية، منظمات حقوق الإنسان، نقابات عمالية، مثقفون وفنانون وجامعيون، عمال ومزارعون وأنصار البيئة وأطباء بلا حدود ومجموعات يسارية، عبروا جميعاً عن عدائهم الشديد لعولمة «العم سام» ورفضهم لمنطقة التبادل الحر.

مؤتمر عنصري

وقد وصفت رئيسة الاتحاد النسائي في كيبك «فرانسواز ديفيد» القمة بأنها مؤتمر عنصري ذكوري مدمر للبيئة، وقالت أن النساء يملكن 1% من مصادر الثروة في العالم، وأن أربعة ملايين بنت تباع كل سنة، ومليار طفل وامرأة يعيشون في الفقر. علاوة على التباين الفاضح بين الرجال والنساء في ميادين العلم والثقافة والأجور وتكافؤ الفرص.

وقالت الناطقة باسم «مسيرة الشعوب» «مونيك ريتشارد ـ 27 عاماً» أننا لسنا ضد العولمة بالمطلق، إنهم يريدون إفراغها من مضامينها الاجتماعية والإنسانية، نحن نريد عولمة يكون فيها تلازم بين التنمية الاقتصادية والتنمية الديمقراطية دون أن تطغى إحداهما على الأخرى أو تتجاوزها.

وقال المخرج السينمائي موريس بنوا، الذي صور فيلماً عن أحداث كيبك: إن هذا الفيلم الوثائقي سيكون «صوت الذين لا صوت له، وأكد أنه خرج يسارياً أكثر من ذي قبل.

وقد أدان رئيس اتحاد الجامعيين كريستيان روبيناي استعمال العنف ضد المحتجين وأعلن رفضه لشعار التربية في خدمة العولمة، لأنه شعار مخادع يرمي إلى جعل المؤسسات التربوية ومناهجها الدراسية مجرد أدوات في خدمة الرأسمالية الخبيثة واحتكاراتها الدولية العملاقة.

وصرح رئيس الحزب الديمقراطي الجديد «الكسان ماكدونغ» الذي شارك حزبه في مظاهرات الاحتجاج «إن الجيل الناشئ يتمسك بوطنيته الكندية ولا يرضى بأن تكون بلاده نجمة في علم الولايات المتحدة الأميركية أو تابعاً لها».

لقد تحولت الساحة المحيطة بمقر المؤتمر إلى ساحة حرب حقيقية جرح فيها عدد كبير من المتظاهرين ومن رجال الشرطة واعتقل أكثر من 430 شخصاً.

إن تنديد بوش ورئيس وزراء كندا بالمظاهرات الاحتجاجية المناهضة لقمة الأمريكيتين لم يلق التأييد من جميع القادة فالرئيس البرازيلي فرناندو كاردوسو قال إن سبب التظاهرات هو الخوف من اتفاقات التجارة الحرة والعولمة التي لا وجه إنسانياً لها.

والرئيس الفينزويلي هوغوشافيز، قال: لم يتحقق من أهداف القمة السابقة إلا القليل، بل تراجعنا إلى الوراء، وارتفعت معدلات الفقر، عما قيل، وازداد عدد الأولاد المشردين.

أما الغاضبون المناهضون للعولمة فقالوا بصوت عالٍ إن منظمة التجارة الحرة ستضر بحقوق العمال وتسبب بأضرار للبيئة وستوسع الهوة بني الدول الغنية والفقيرة وأن الشركات الكبرى ستكون هي الرابح الرئيسي من المنطقة المقترحة.

هكذا برزت قمتان: قمة الشعوب وقمة الأغنياء، ولا يجمع بينهما أي جامع، والمعركة لن تتوقف إلا بانتصار الحق على الباطل والعدالة على الاستغلال والنهب.