تجاهل الكوادر العلمية الوطنية لصالح «الإصلاحيين» المتطرفين الأجانب! لماذا اختيارغايدار«خبيراً»اقتصادياً للعراق؟

إن اختيار أمريكا لغايدار  كان«صائباً جداً»؟! لأنه صاحب خبرة وتجربة تكاد تكون حقاً فريدة من نوعها في العالم   في عملية التخريب الاقتصادي والاجتماعي وإن ما تم تنفيذه منذ عام 1992 ولغاية اليوم يفوق كل التصورات والواقع أنهم حولوا روسيا من دولة عظمى إلى دولة نامية في مؤشراتها الاقتصادية ـ الاجتماعية، وحولوا روسيا من بلد غني في موارده البشرية والمادية إلى بلد فقير غارق في المديونية الداخلية والخارجية ومعتمداً على «المساعدات» الأجنبية، و فقدت روسيا أمنها الغذائي وهذا يعني فقدان استقلالها السياسي والاقتصادي، و الغالبية العظمى من المواطنين الروس يعانون من الأمراض والجوع والبطالة وتفشي الجريمة والمخدرات والدعارة وهيمنة المافيا على أهم المفاصل الأساسية للاقتصاد الوطني.

إن «الإصلاحيين» و «الديمقراطيين» الروس حولوا غالبية الجامعات والمعاهد ومؤسسات البحث العلمي والمدارس إلى مؤسسات بعيدة عن العلم والبحث العلمي الحقيقي، لأن الدولة تخلت عن الدعم المالي لهذا القطاع الهام مما اضطرت هذه المؤسسات لمعالجة مشاكلها المالية إلى تأجير قسم من بناياتها وأقسامها الداخلية كمطاعم ليلية للعب القمار وتعاطي الكحول، وتحولت معظم هذه المؤسسات العلمية إلى مراكز لبيع وتعاطي المخدرات وأن هذه المؤسسات الخدمية تعمل 24 ساعة؟! وكما حولوا غالبية دور الحضانة والسينما والنوادي الرياضية إلى مقرات للشركات المحلية والأجنبية لبيع الموبيليا والملابس والسلع المعمرة وهذه تابعة للقطاع الخاص اللصوصي، فلا علم ولاثقافة لاتربية أطفال.. يمكن أن تتم في ظل «الإصلاح الاقتصادي» إن الهدف الرئيسي من ذلك هو تخريب وقتل كل القيم الإنسانية لدى المواطن الروسي، وأن يكون هدفه الأول والأخير هو المال، ثم المال، ثم المال، وبغض النظر عن طريقة الحصول عليه سواء كانت شرعية أم غير شرعية؟!

إن العراق لا يحتاج إلى خبرة «الإصلاحيين» و «الديمقراطيين» المتطرفين من أمثال غايدار وتشوبايس وغيرهم ولن  يحتاج إلى خبراء أجانب من المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية من أجل وضع خطة اقتصادية لإعادة بناء العراق، فالعراق لديه ما يكفي من الكادر العلمي الوطني الذي يستطيع وضع الخطط الاقتصادية ـ والاجتماعية لإعادة بناء ما خربته حروب الطاغية صدام حسين، والعراق لديه إمكانيات وثروات طبيعية يمكن استغلالها واستثمار عوائدها وطنياً لبناء الاقتصاد العراقي.

من هو إيغور غايدار؟

إيغور غايدار من مواليد 1956، عضو في الحزب الشيوعي السوفييتي (1980 ـ 1990)، دكتوراة في الاقتصاد من جامعة موسكو، عمل في المجلة النظرية للحزب الشيوعي السوفييتي مجلة «الشيوعي» وكذلك عمل في القسم الاقتصادي في جريدة «البرافدا»، رئيس منظمة «خيار روسيا» سابقاً، رئيس مجلس النادي الماسوني «فزايماديستفي»، رئيس الحكومة الروسية لعام 1992، وفي كانون الأول من 1992 تم إقالته من قبل مجلس النواب الروس (البرلمان) لفشل سياسة حكومته في الميدان الاقتصادي ـ الاجتماعي، ومنذ عام 1994، أصبح غايدار مستشاراً في المحفلين العالميين وهما «اللجنة الثلاثية» و «مجلس العلاقات الدولية»، يهودي الأصل، ومن خلال معهد كريبيل الأمريكي وثيق الصلة مع المخابرات الأمريكية منذ أن تم تكوين شبكة من «عملاء النفوذ» في الاتحاد السوفييتي ـ روسيا ومنهم غايدار، تشوبايس، غافريل بوبوف، وهو وثيق الصلة بالمؤسسات المالية والاقتصادية الدولية، ويمكن القول أنه ممثل هذه المؤسسات منذ عام 1992 ولغاية اليوم، وهو المستشار الخفي ـ العلني للحكومة الروسية منذ عام 1993 ولغاية اليوم، وحتى أعلن بعض قادة اتحاد قوى اليمين الروسية، أن «بوتين» وحكومته ينفذون برنامجه الاقتصادي ـ الاجتماعي؟!

ماهي «منجزات» غايدار وفريقه؟!

في 27/2/1992، أعلنت حكومة غايدار ـ تشوبايس «الإصلاحية» المتطرفة برنامجها الاقتصادي المتمثل في تطبيق وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين، واعتمدت حكومة غايدار ـ تشيرنوميردين ـ تشوبايس على خبراء أجانب ومنهم «جفري ساكس» و«م.بريشتاي»م وغيرهم، وبسبب هذه السياسة الهوجاء أَلحق ضرراً مادياً كبيراً وخاصة بأصحاب الدخول المحدودة، وقدرت الخسائر المادية لهؤلاء في ظل حكومة غايدار ـ تشيرنوميردين ما بين 470 إلى 530 مليون دولار، وبلغ عدد المتضررين من هذه الوصفة السوداء ما بين 70 إلى 80 مليون شخص!!

«وزارة الخصخصة الروسية»!!

إن تنفيذ برنامج الخصخصة في روسيا اعتمد بالدرجة الأولى على الخبراء الغربيين، حيث بلغ عدد هؤلاء 30 ألف خبير، وأكثر من نصفهم عملوا في وزارة الخصخصة الروسية برئاسة أناتولي تشوبايس أما البقية فعملوا في الوزارات الروسية المختلفة وبرواتب خيالية، ناهيك عن الخدمات الأخرى، والغالبية العظمى من هؤلاء الخبراء الأجانب وثيقي الصلة بالمخابرات الغربية وخاصة بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

وكما هو معروف، فإن تنفيذ ما يسمى ببرنامج التخصيص الذي بدأ التنفيذ به منذ عام 1992 حتى عام 1999، لم يكن شرعياً، أي إنه لم يحظ بمصادقة السلطة التشريعية الروسية (البرلمان)، بل كان تنفيذه يتم عبر إصدار مراسيم رئاسية من قبل الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين، إنه برنامج لصوصي وألحق ضرراً كبيراً بالغالبية العظمى من المواطنين الروس، إذ قدرت هذه الخسائر المادية منذ عام 1992 حتى عام 1996 بأكثر من 9.2 ألف تريليون (التريليون = ألف مليار) روبل بأسعار عام 1995.

 

■ د.نجم الدليمي