المأزق الأمريكي في العراق ومصير بوش المقبل
قال مسؤول أمريكي يقيم في أفغانستان إن مصير بوش مرهون بعوامل أربعة:
1. الاقتصاد الأمريكي الخارج عن السيطرة، فهو غير مستقر وغير مطمئن.
2. الوضع في العراق حيث يزداد خطورة وتدهوراً في ظل تصاعد أعمال المقاومة وازدياد الخسائر البشرية والمادية للقوات الأمريكية، فضلاً عن أن الاحتلال الأمريكي للعراق يجد معارضة دولية شديدة، وقد برز ذلك في المظاهرات الشعبية الواسعة في أكثر من 70 بلداً في العالم وهي مرشحة للاتساع.
3. تدهور الوضع في فلسطين يوماً بعد يوم ووضع خارطة الطريق على الرف.
4. الوضع في أفغانستان الذي تود واشنطن استخدامه كورقة لتحسين صورتها البشعة، ولكن اتساع نطاق المقاومة وعدم حل مشكلات الشعب الأفغاني الأمنية والاقتصادية وإعادة إعمار ما دمرته الحرب الأطلسية بجعلها ورقة خاسرة.
المأزق العراقي
ولو تناولنا الوضع في العراق لوجدنا أن بوش واقع في مأزق حقيقي بعد مضي خمسة شهور على احتلال قواته لهذا البلد العربي المجاور. والعالم كله شامت وفرح. وبخاصة الدول الغربية، وهو ما يبشر بأفق أفضل للوضع العراقي، وقد حدث ذلك بفضل بطولات المقاومة المسلحة للمحتلين ومساندة الشعب العراقي لها، لابفضل دبلوماسية السادة السلمية، ولا بدبلوماسية السادة القادمين تحت حماية الدبابات الأمريكية.
حقيقة المقاومة
وأول ما يلاحظ في العراق هو التخبط الذي يحكم سلوك إدارة الاحتلال حيال المقاومة. حيث تصف المقاومين بالإرهابيين وبأنهم من بقايا النظام السابق فهل هذا الادعاء حقيقي؟
لقد ركزت الإدارة الأمريكية في إعلامها على أن رجال المقاومة هم عناصر إرهابية!! ومن فلول النظام السابق دون الاستناد إلى معلومات صحيحة.وذلك لإخافة الشعب العراقي من أنه إذا ما أيد هؤلاء فسيساعد على عودة الحكم الديكتاتوري الدموي بقيادة صدام حسين.
أما الحقيقة فتقول غير ذلك، فالقسم الأكبر من المقاومين هم من غير أنصار صدام، وأن المقاومة مازالت تنفذ بأيد عراقية وإذ ما وجد بين عناصرها متطوعون عرب أو من قوى إسلامية فهم قلة لايغيرون في طبيعتها. فهناك ما لايقل عن ثلاثة آلاف عملية من العمليات المشروعة لأنها موجهة ضد قوى محتلة.
فماذا كان واقع الحال العراقي اليوم لو لم تكن المقاومة موجودة ومؤثرة؟ فالمقاومة هي التي أرغمت الأمريكيين على الإسراع بإنشاء مجلس الحكم الانتقالي والوزارة المنبثقة عنه. مع منح الشيعة قدراً كبيراً من الحصة السياسية لإبعادهم عن خيار المقاومة.
وهي التي أجبرت الأمريكيين على أن يتراجعوا عن سياسة الاستئثار بالعراق بعيداً عن الأمم المتحدة والدول الكبرى.
وإن سلوك الاحتلال الهمجي حيال الشعب العراقي وعلى مختلف الصعد هو الذي منح المقاومة عطفاً شعبياً واسعاً وحماها ورفض الناس الإخبار عن رجالاتها.
إخفاق عزل المقاومة
ولذلك فإن خطاب الإرهاب الأمريكي لمطاردة المقاومة وإضعافها وعزلها عن الجماهير قد أخفق، مما زاد من عمق الأزمة التي يتعرض لها بوش داخل الولايات المتحدة وخارجها، وهذا ما دفعه نحو خطاب ذليل في الأمم المتحدة يستجدي فيه حلفاء الأمس بتناسي خلافات الماضي حول العراق ويناشدهم قائلاً: دعونا لانقع أسرى لخلافات الماضي، دعونا نتحرك إلى الأمام.
لكن هذا الخطاب لم يؤد إلى التخفيف من الأزمة الواقع فيها، بل دفع حلفاء الأمس إلى التمسك بمواقفهم السابقة، والدعوة إلى وضع العراق كلياً تحت رعاية الأمم المتحدة ورفع القبضة الأمريكية عنه.
إن المقاومة العراقية الباسلة التي تتسع عمقاً وامتداداً ستكون أحد المقاتل التي ستودي بحياة بوش السياسية وتفشله في معركته الرئاسية القادمة.