بعد مطالبتها بغداد بدفع فواتير الاحتلال واشنطن تلوح بإبقاء آلاف الجنود بالعراق

قال مسؤولون أمريكيون إن الولايات المتحدة «تعرض» على العراق حالياً إبقاء نحو عشرة آلاف جندي بعد إكمال سحب قواتها بنهاية العام، في وقت «حذر» فيه البيت الأبيض «إن الوقت ينفد أمام الحكومة العراقية لتقديم طلب في هذا الاتجاه»..!

ونقلت وكالة أسوشيتد بريس عن مسؤولين أمريكيين سياسيين وعسكريين رفيعين لم يكشفوا هوياتهم حديثهم عن عرضٍ بإبقاء قوة تتراوح بين 8500 وعشرة آلاف جندي، مهمتها المعلنة «تدريب القوات العراقية خلال 2012» بعد أن يكتمل الانسحاب بموجب الاتفاقية الأمنية.

وعلى الرغم من تأكيد باراك أوباما بعد تقلده الرئاسة في 2008 ما وعد به في حملته الانتخابية من التزام بالانسحاب الكلي، فإن أكثر من مسؤول أمريكي تحدث الأشهر الأخيرة مُواربة عن رغبة واشنطن في إبقاء احتلالها للعراق من خلال إبقاء بعض القوات بعد نهاية العام، كما فعل وزير الدفاع السابق روبرت غيتس في أيار الماضي، وقائد العمليات الأمريكية الخاصة ليام مكرافن مؤخراً حين تحدث عن «الحاجة إلى بقاء قوة خاصة صغيرة» من دون أن يحدد لماذا..!

وقال الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني الثلاثاء إن الحكومة العراقية لم تقدم بعد طلباً في هذا الاتجاه، وأضاف أن الوقت ينفد لفعل ذلك.

وقال «إذا قدموا طلباً فإننا سندرسه وإلا فإننا سنواصل العمل وفق الجدول الزمني».

وليست هذه أول مرة يقول فيها مسؤول أميركي إن الوقت ينفد أمام بغداد لتقديم طلبٍ لإبقاء جزء من القوات التي يقدر تعدادها الآن بنحو 46 ألفاً، بعد أن بلغ أوجه في تشرين الأول 2007 بـ166 ألفاً.

وإنْ لم يقدم العراق هذا الطلب، فلن يبقى حسب ما تعرف بالاتفاقية الأمنية إلا نحو 200 جندي أمريكي في دور «مستشارين»، كجزء من البعثة الدبلوماسية الأميركية.

ولكن شكلياً يحتاج بقاء أي قوة أمريكية إلى طلب عراقي رسمي، وإلى موافقة البرلمان العراقي.

وعلى الرغم من أن رئيس أركان الجيش العراقي الفريق بابكر شوكت زيباري قال مراراً إن القوات العراقية تحتاج عقداً آخر من التدريب والمساعدة لتستطيع وحدها حماية البلاد، خاصة في المجال الجوي والحدودي، فإن رئيس الوزراء نوري المالكي لا يريد أن يتحمل وحده مسؤولية تقديم طلبٍ، تتحد في معارضته أطراف هي على طرفي النقيض سياسياً، كما هو الحال مع التيار الصدري والحزب الإسلامي.

وتخشى الولايات المتحدة تزايد النفوذ الإيراني في العراق إن انسحبت القوات، وهو نفوذ تخشاه أيضاً دول الاعتدال العربي.

ويتوقع أن يدعو الرئيس العراقي جلال الطالباني قادة المجموعات السياسية العراقية إلى لقاء يبحث موضوع القوات الأمريكية.

وأحد الإشكالات التي يطرحها بقاء القوات الإصرار الأمريكي المتوقع على أن تكون لها حصانة من القضاء العراقي، وهو ما لا يبدو البرلمان العراقي مستعداً لقبوله، خاصة في ضوء تجربة شركة بلاك ووتر الأمنية الأمريكية الخاصة سيئة الصيت في 2007 والانتهاكات والجرائم الموثقة التي ارتكبتها بحق أبناء الشعب العراقي والتي برأها منها القضاء الأمريكي كالعادة.

وبحسب بعض المراقبين الغربيين فلا تقتصر الإشكالات على بغداد، ففي واشنطن أيضاً يلقى الاحتمال اعتراض سياسيين بعضهم حلفاء بارزون لأوباما كزعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ هاري ريد، الذي يرى أن بقاء القوات لم يعد ضرورياً بالنظر إلى التكلفة الضخمة للحرب (والتي قدرها بتريليون دولار منذ 2003 والتي بدأت واشنطن تطالب بغداد بدفع فواتيرها) وبالنظر إلى المكاسب الأمنية الحديثة التي حققها الأمن العراقي.

وتصريح رايد أول معارضة علنية من سياسي ديمقراطي رفيع لإستراتيجية أوباما في العراق، وقد يؤشر على انقسام ديمقراطي على ما يسمى بالمهمة العراقية قبل حملة انتخابات 2012 الرئاسية.

آخر تعديل على الإثنين, 17 تشرين1/أكتوير 2016 23:20