الكلمة التي «قصمت ظهر رايس»
خلال الجلسة الأولى للدورة العادية 37 من اجتماعات المؤتمر العام لمنظمة الدول الأمريكية في مدينة بنما في 4 حزيران 2007 ألقى وزير السلطة الشعبية للشؤون الخارجية في جمهورية فنزويلا البوليفارية، نيكولاس مادوروموروس، مداخلة بلاده بحضور كامل الأعضاء. وننشر فيما يلي مقاطع من هذه الكلمة التي دفعت بخروج كوندوليزا رايس من القاعة مخذولة مفضوحة على مرأى ومسمع ممثلي المجتمع الدولي.
لا يمكنني البدء بطريقة أخرى إلاّ أن أقول نحن على الأرض التي عبر فيها سيف المحرر سيمون بوليفار، فنحن إذاً على أرض بوليفارية. نحن في مركز حلم المحرر، حلم بناء كتلة من الأمم لمواجهة الأخطار التي تحيط بنا وبأرضنا منذ 200 عام، وأيضاً بشعبنا الذي تحرر حديثاً.
200 عام من النضال من أجل الاستقلال. في هذه الأرض كان مركز حلم المحرر سيمون بوليفار، لذلك فهي أرض عزيزة علينا، والتي نشعر بها بعمق نحن بوليفاريو هذا العصر، نشعر بعمق حلم الاستقلال، حلم السيادة الكاملة التي أرادها محررونا.
وهي أيضاً أرض عمر توريخوس. لقد مضى ثلاثون عاماً على وقفة شعبنا العميقة والعزيزة. هناك كنا معاً جميعاً، أمريكيين لاتينيين وكاريبيين، رافقنا بنما من أجل استعادة سيادتها على قناتها. كم من الدماء سالت في بنما، من أجل أن تقوم بنما برفع علمها هناك على القناة، وتستعيد سيادتها كاملة عليها.
لقد اجتمعنا في مؤتمرنا العام لمنظمة الدول الأمريكية بوجود جدول أعمال ولدينا النية لاحترام هذا الجدول، كما سبق واتفقنا بشكل ثنائي مع كل من وزراء الخارجية.
جدول الأعمال هذا يؤسس لهدف مركزي ألا وهو الطاقة من أجل التطور. نحن نريد أن ننقل وبكل تواضع تجربتنا التي خضناها في المائة سنة الأخيرة.
كانت فنزويلا لمدة مئة عام مستعمرة نفطية للولايات المتحدة الأمريكية. قامت الشركات الأمريكية الشمالية بنهب ثروات بلادنا واستخدمت النفط كوسيلة للهيمنة والسيطرة.
مئة عام من السيطرة والتحكم بالنفط كانت نتيجته الكارثية أن أصبح 80% من الشعب في حالة فقر، معزولين تماما، وكنتيجة لذلك أيضاً سلسلة من العزل الإقليمي التي كانت تحمل كميات كبيرة من النفط باتجاه الشمال، ولكن لم يكن أبداً وخلال سنوات كثيرة، بل عقود، أن تكرست كميات النفط باتجاه الكاريبيي، باتجاه أمريكا الجنوبية، باتجاه مناطق طبيعية لإخوتنا من نفس القارة. بدل من أن تكرس إلى أمريكا الشمالية.
(..) إن نتائج هذه العملية ليست آنية. فالطاقة نستخدمها الآن في داخل وطننا من أجل النمو الاجتماعي. إن شعبنا اليوم يبني نظام صحة عامة متكامل وفعّال بمساعدة إخواننا الكوبيين. إن شعبنا اليوم يبني نظاماً تعليمياً للجميع ولأول مرة منذ وقت طويل. كما أن شعبنا يبني نظاماً غذائياً وآخر للضمان الاجتماعي أكثر من أي وقت مضى، منذ الزمن الذي كنا فيه مستعمرة نفطية تابعة.
إن مشروع البتروكاريبي قد أضحى اليوم حقيقة ساطعة تمكن إخوتنا من خلاله وبشكل كبير في الكاريبي، من استخدام الطاقة النفطية بشكل تضامني من أجل الاستقرار، والتطور الاجتماعي، الاقتصادي، والتكاملي مع إخواننا في إطار سياسة تعاونية.
لقد رأينا اليوم كيف تم اغتصاب جدول أعمال الجمعية العامة، كما اغتصبت أو تمت محاولة اغتصاب سيادة أمة تنتمي إلى هذا المجتمع، إن تدخل ممثلة حكومة الولايات المتحدة هو تدخل غير مقبول جملة وتفصيلاً في الأمور الداخلية لأمة ديمقراطية وذات سيادة كجمهورية فنزويلا البوليفارية، نرفض هذا التدخل.
إن الولايات المتحدة تتحدث عن انتهاك حقوق الإنسان. من الواجب على هذه المنظمة أن تشكل لجنة خاصة للتحري عن الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان في المنطقة الحدودية بين الولايات المتحدة والمكسيك، فكم من إخواننا من الكاريبي وأميركا الوسطى والجنوبية يلاحقون ويتم اصطيادهم كالحيوانات، يعتقلون ويعذبون، بل وحتى يقتلون في تلك المنطقة من خلال بناء «جدار الذل». يجب على أمريكا اللاتينية ودول الكاريبي أن ترفع صوتها عاليا ضد «جدار الذل»، هذا الذي يشكل جزءا من الانتهاك اليومي لحقوق الإنسان.
(..) يجب على المنظمة أن تشكل لجنة خاصة للذهاب لسجن غوانتانامو. كم من المعتقلين لديكم في سجن غوانتانامو؟ يجب أن نسأل الولايات المتحدة، كم عددهم؟ من هم؟ هل تمتعوا بحق الدفاع القانوني؟ هل طبقت عليهم الإجراءات العادلة؟ أين تم اعتقالهم؟ رجال ونساء دون هوية، دون اسم، في القسم الشمالي من هذه الأرض، في أرض مغتصبة من كوبا دون أي حق.
وهكذا، فإذا تحدثنا عن حقوق الإنسان يجب أن نقوم بمراجعة عميقة للانتهاكات التي تعرض لها اللاتينيون والكاريبيون خلال عقود من الاستعمار.
لن نذهب بعيدا، فهنا في هذه الأرض البطلة بنما، كم من النساء والرجال قتلوا على بعد عشر دقائق من مكان اجتماعنا هذا، وبالضبط في شارع تشورييوس، في ذاك الهجوم البربري والوحشي الذي نجم عنه موت 3 آلاف من الأبرياء القابعين والنيام في منازلهم. (على يد واشنطن).
إن فنزويلا تطالب باحترام سيادتها، لدينا ديمقراطية منظمة وعاقلة، تضمن سقفا كبيرا لحرية التعبير، تحاول الكثير من البلاد تطبيقها من خلال ديمقراطية تشاركيه، واسعة، حية. لقد قامت فنزويلا باتخاذ قرار سيادي ديمقراطي، عادل دستوري وقانوني، حول إنشاء قناة تلفزيونية باسم: تلفزيون الخدمة العامة، بهدف كسر احتكار وسائل الإعلام العجوزة، وفتح المجال أمام من كانوا مستثنين لعقود طويلة لفتح نافذة الإعلام، نحو وسائل إعلام اجتماعية، لا تقبل أن تكون مدارة من أي حكومة وخصوصا تلك الحكومة التي تدعم وتمول محاولات زعزعة الاستقرار والانقلاب على الرئيس شافيز.
إننا لنندد أمام جمعيتكم هذه، بهذا المخطط الجديد لزعزعة الاستقرار والذي تقف خلفه الحكومة الأمريكية، ويواجهه شعبنا البطل على كلا النطاقين الدولي والوطني، وبخبراتنا المتراكمة سنتمكن من فضح وتعرية هذا المخطط أمام المجتمع الدولي إضافة إلى إسقاطه داخليا، وستخرج ديمقراطيتنا منتصرة.
نودّ أن نصادق ونؤكد أمام جمعيتكم هذه على إرادة حكومتنا وشعبنا بتقديم جدول عمل يقوم على علاقات الاحترام والتساوي واحترام السيادة. لسنا بلادا تحت الوصاية. لا توجد بلاد أفضل، أقل أو أدنى من أخرى، لم نخلق أقل من غيرنا، بل نسير سوية.
لا يحق لأي بلد أن يأتي ليقيّم البلد الأخر بأي شكل كان. ديمقراطيتنا ليست ديمقراطية وصاية أو خضوع، لقد حطمنا قيود الاستعمار ونحن الآن بلد حر. نشكر الله، نشكر شعبنا ونشكر ذاك الحلم الذهبي لمحررنا سيمون بوليفار.