الثروات على الأجندات انفصال جنوب السودان إلى الواجهة مجدداً

بالتزامن مع خروج تظاهرة حاشدة في جنوب السودان للمطالبة بانفصاله، وسط تحذيرات جنوبية من أي تأخير للاستفتاء بالجنوب مع اقتراب موعد إجرائه لحسم مصيره بين الانفصال أو الوحدة الاستفتاء، بدأت أجهزة الإعلام الغربية على وجه الخصوص تبدي اهتماماً متعاظماً بالشأن السوداني وانحيازها دون مواربة مع خيار الانفصال.

وحسب «الجزيرة نت» تبرز في هذا الجانب التغطية الصحفية التي يوليها موقع «تقرير واشنطن» الإلكتروني للحدث المنتظر، الذي استهل ملفه عن علاقات أمريكا بجنوب السودان، قاطعاً بانفصال الأخير وميلاد دولة جديدة ذات سيادة.

و«تقرير واشنطن» هو خدمة خبرية أسبوعية يقدمها معهد الأمن الدولي من العاصمة الأميركية.

وجاء في الملف أن الدولة الجديدة سيكون لها علمها الخاص وجيشها الخاص وعملتها الخاصة وسفارات بالخارج، إضافة إلى اسم جديد يتم التباحث حوله الآن.

ورغم أن واشنطن لا تهتم كثيرا بالتاريخ، فإن حالات حدوث انقسام دولة لتصبح دولتين على أثر صراعات مسلحة موجودة، وما تجارب دول مثل باكستان والهند، وإثيوبيا وإريتريا وشطري شبه الجزيرة الكورية إلا بعض أدلة على ذلك.

وينقل «تقرير واشنطن» عن خبير الهويات الوطنية سيمون أنهولت توقعه أن يختار الجنوبيون في الأغلب اسما من بين «جمهورية جنوب السودان» أو «جمهورية السودان الجديد» لدولتهم المتوقعة.

غير أن هناك على ما يبدو معارضة كبيرة لتضمين لفظة «السودان» في اسم الدولة الجديدة، إذ إن السودان مرتبط في الذاكرة السياسية العالمية بصورة مشوهة وغير جيدة، على حد تعبير التقرير.

ويرى أنهولت أن شمال السودان لن يغير اسم دولته من «السودان» إلى «شمال السودان»، لذا من الأفضل أن يختفي اسم السودان من مسمى دولة الجنوب الجديدة...!

في الوقت نفسه، اقترح البعض أن تسمى الدولة الجديدة نفسها باسم «دولة النيل»، غير أن المخاوف من رد فعل مصر قد تعيق هذا الطرح.

ونسب «تقرير واشنطن» إلى مصادر صحفية أميركية القول إن إدارة الرئيس باراك أوباما، شأنها شأن إدارة الرئيس السابق جورج بوش، تقدم دعماً مالياً كبيراً لجنوب السودان، ضمن جهودها المكثفة الرامية إلى مساعدة الجنوب على الانفصال عن السودان.

وأكد إزيكيل لول جاتكوث، رئيس بعثة حكومة جنوب السودان في واشنطن، أن الولايات المتحدة تضخ هذه الأموال للجنوب السوداني بهدف مساعدته على الانفصال عن الشمال.

واعتبر جاتكوث أن السنة القادمة ستكون حاسمة بشأن مستقبل البلاد، وأضاف أنه «في العام 2010 إما أن نعمرها أو أن نخربها»، مشيراً إلى أن الانتخابات قد تقود إلى الحرب إذا شعر المرء بما سماه الغش والخيانة.

أما عن الغايات التي تنشدها الإستراتيجية الأميركية تجاه السودان فقد أوجزها المبعوث الخاص للسودان الجنرال سكوت غريشن- في شهادة أدلى بها مؤخرا أمام لجنة أفريقيا الفرعية المنبثقة عن لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأميركي- في ثلاثة أهداف رئيسية.

وتتلخص تلك الأهداف حسب غريشن في إنقاذ الأرواح وضمان سلام دائم، وتطبيق اتفاق سلام طويل الأمد، ومنع السودان من أن يصبح ملاذاً آمناً للإرهابيين...!

وبجانب الموقف الرسمي الأميركي، تؤثر قوى عديدة في عملية صنع القرار الأميركي بخصوص جنوب السودان. وهناك مصالح شركات الطاقة والتعدين أملا في الحصول واغتنام فرص في دولة يعج باطن أرضها بثروات كثيرة.

ويحتفظ جنوب السودان بأكبر احتياطيات غير مستغلة من النفط في أفريقيا، والولايات المتحدة تهدف إلى إحكام السيطرة على تلك الموارد الهائلة دون منازع إن أمكن، رغم علمها أن الصين هي الأخرى تركز الكثير من جهودها هناك.

ويصطدم الطموح الأميركي بالتغلغل الصيني هناك، غير أن باقان آموم- الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان- أكد أنه حصل على تأكيدات من الصين وروسيا بدعم جنوب السودان حال انفصاله عن الشمال عقب الاستفتاء المقرر مطلع العام المقبل. وهناك أهداف دينية تدافع عنها كنائس ومنظمات تبشيرية وأعضاء محافظون بالكونغرس، حيث يختم «تقرير واشنطن» ملفه بالقول إن زعماء تيار المحافظين الجدد المتدينين لا يخفون خططهم «لإعادة بناء مئات الكنائس التي دمرتها الحكومة السودانية والمليشيات الموالية لها في جنوب السودان».

وبدأ شمال وجنوب السودان منتصف الأسبوع الماضي محادثات طال تأجيلها بشأن كيفية اقتسام الثروة والسلطة وترسيم الحدود بينهما قبل خمسة أشهر من الاستفتاء المقرر.

وينبغي لوفدي المؤتمر الوطني والشعبية أن يحسما القضايا الحساسة ومنها ترسيم الحدود، وتعريف المواطنة، واقتسام النفط ومياه النيل، سواء تمخض استفتاء التاسع من كانون الثاني المقبل عن الانفصال أو الوحدة.

ويتوج الاستفتاء اتفاق سلام أبرم عام 2005 وأنهى الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب. ولكن هناك فترة انتقالية مدتها ستة أشهر بعد الاستفتاء للسماح بتنفيذ نتيجة التصويت التي يعتقد محللون أنها ستكون الانفصال، ويعتقد أن أغلب ثروة السودان النفطية توجد على طول الحدود المتنازع عليها بين الشمال والجنوب ولا يزال ترسيمها عالقاً منذ سنوات.