لماذا هوجمت قنصلية أميركا ببيشاور؟
تحت هذا العنوان نشر موقع الجزيرة نقلاً عن مجلة «فورين بوليسي» الاستخبارية العسكرية الأمريكية مقالاً للكاتب فيها «امتياز غل» حول الهجوم الأخير الذي استهدف القنصلية الأميركية في بيشاور. وقال الكاتب إن العملية أثارت تساؤلات عن دوافعها واصفاً إياها بأنها الأكثر تنسيقاً والأفضل تخطيطاً ضد المصالح الأمريكية في باكستان.
وأوضح أن هذا الهجوم المزدوج نفذه انتحاري مع مجموعة من المسلحين الذين تنكروا بزي قوة الحدود شبه العسكرية على المبنى الشديد التحصين, واستخدموا مركبتين تحتويان على مائة كغم من المواد الشديدة الانفجار.
ويرى الكاتب أن الهجوم الذي تم على غرار أسلوب الكوماندوز واستخدام الصواريخ يوضح دون أدنى مجال للشك أن القنصلية الأميركية كانت مستهدفة, فهي تقع قرب معاقل المسلحين الرئيسية في كل من أوراكزاي, خيبر, وموهماند وكورام وهي مناطق قبلية تحيط ببيشاور تحولت إلى مكان مشتعل وملتهب حيث كانت تشهد هجوما انتحاريا بمعدل كل 36 ساعة خلال الربع الأخير من العام الماضي.
ووفقا لما يقوله مدير شرطة بالمنطقة فإن هذه العمليات أثارت مخاوف عن قرب اجتياح طالبان لتلك المدينة.
التساؤل الأبرز كان عن دوافع شن الهجوم, وما إذا كان دليلاً على اليأس والقنوط لدى المهاجمين أم على قوتهم. يشير المقال إلى دوافع رصدها محللون وجهاز المخابرات الباكستانية لدى المهاجمين لشن مثل هذا الهجوم, منها:
1 - صرف انتباه الجيش عن العمليات في منطقة أوراكزاي القبلية المجاورة حيث تجرى مطاردة المسلحين, مما أوقع العديد من الإصابات هناك.
2 - تأكيد معارضتهم للولايات المتحدة وحلفائها, حيث يعتقد المهاجمون أن بيشاور باتت نقطة الانطلاق للحملة ضد «الإرهاب» على المناطق القبلية المجاورة لأفغانستان.
3 - التعبير عن قوة المسلحين وتفنيد مزاعم الحكومة من أنها قصمت ظهر المنظمات المسلحة نتيجة لعمليات جنوب وزيرستان في تشرين الأول الماضي.
4 - سعي المهاجمين لتأكيد قدرتهم على الكر والفر واختراق التحصينات المشددة المحيطة بمبنى القنصلية الأمريكية, حيث كان يخطط لهجوم يوصف بأنه نموذجي, حينما تمكنت الموجة الأولى من المهاجمين من صرف انتباه قوات الأمن عن طريق إلقاء قنابل يدوية أو تفجير الذخيرة في حين تقوم الموجة الثانية باقتحام المبنى.
5 - كما يمكن أن يحمل الهجوم رسالة ازدراء للأجهزة الأمنية التي يعتقد «الراديكاليون الإسلاميون» أنها عميلة ومتواطئة مع المؤسسة الأمنية الأميركية.
وبالرغم من تحسن قدرات ولاية الحدود الشمالية الغربية المسماة خيبر باختونخوا والقوات شبه العسكرية في المناطق القبلية, فإنها تبدو بحاجة لدعم أجهزة الاستطلاع الإلكترونية وجمع المعلومات الاستخبارية بواسطة العامل البشري عن طريق اختراق صفوف المسلحين وبذلك يمكنهم إحباط مخططات «الإرهاب».
ويمضي الكاتب امتياز غل, فيقول إن المسلحين أثبتوا مرة أخرى أن بإمكانهم تغيير تكتيكاتهم عندما تقتضي الحاجة, حيث تنكروا بزي القوات شبه العسكرية التابعة للحكومة وهو ما فعلوه حينما اجتاحوا مقر قيادة الجيش يوم 10 تشرين الأول 2009, وكذلك عندما أقدم انتحاري على نسف مقر برنامج الغذاء العالمي, قبل ذلك بخمسة أيام.
ويخلص الكاتب في النشرة الأمريكية المذكورة والمقربة من مصادر القرار في وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض والمجمع الصناعي العسكري إلى الإشارة لآراء محللين ترى أن أمام الأجهزة الأمنية الباكستانية مشواراً طويلاً, قبل أن تحسن من قدرتها على جمع المعلومات سواء بواسطة العامل البشري أو الإلكتروني وتحسين القدرات المهنية لجهاز الشرطة وهي أمور لا غنى عنها...(!)
اللافت أن الهجوم على القنصلية في بيشاور جاء يعد أسبوعين تقريباً من اجتماع «استراتيجي» استضافته واشنطن جمع وزيري خارجية الولايات المتحدة وباكستان وكبار قيادات جيشي وأجهزة استخبارات البلدين لتعزيز «التعاون الثنائي» في «مكافحة الإرهاب» مقابل «معونات اقتصادية أمريكية» جديدة لإسلام آباد.