2010 / 2011... قراءات غير فلكية
يسدل عام 2010 ستارته على أحداث تفاوتت في جسامتها ولكنها طبعت مسار التطورات في دول وشعوب المنطقة والعالم، على أساس مواصلة وتصعيد الحروب الامبريالية غير المباشرة، سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً وحتى طبقياً، وهي تحمل مفاعيل ستستمر في العام الواقف على الأبواب، 2011.
ومن دون تسلسل زمني أو ترتيب بالأهمية فقد ظهرت في العام الذي نودع أيامه الأخيرة عناوين بارزة، فقد كان عام إعادة انتشار قوات الاحتلال الأمريكية في العراق، وعام نشر مداميك إضافية في متاريس دفع بلاد الرافدين إلى أتون التقسيم والاقتتال الأهلي طائفياً وعرقياً وعلى الموارد الطبيعية والثروات، مع تعطيل المحتل بالدرجة الأولى للتوافقات السياسية بين القوى المصنعة، والمصطنعة بالتالي، على طراز «المدرسة» الطائفية اللبنانية..
وهناك في بلاد الأرز كان 2010 عام تصعيد الهجوم والتآمر على المقاومة وحزب الله، عبر بوابات «المحكمة الدولية»، مع تحول الأمور في لبنان باتجاه أحد احتمالين، إما الحرب الأهلية مجدداً، أو انفتاح الجبهة مع العدو الأساسي، «الكيان الصهيوني».
وعلى تخوم الاحتكاك المباشر واليومي مع هذا الكيان وجرائمه، أي في فلسطين المحتلة، أصبح 2010 عام النقلات النوعية الجديدة في تصفية القضية الفلسطينية «بامتياز» حتى تاريخه، مع اختزال قضية الصراع التاريخي، وحقوق عودة اللاجئين وإقامة الدولة وحدودها ومسألة القدس ورفع الحصار والإبادة الجماعية التدريجية للفلسطينيين فوق أرضهم المحتلة بالتوازي مع طرح وبدء تنفيذ «يهودية الدولة»، في المسألة «العقارية» المتعلقة بالمستوطنات وتجميدها أو فك تجميدها، وذلك في مقابل بروز 2010 كعام آخر من «اللامصالحة» الفلسطينية، ولكن عام الاعتراف «اللاتيني» بدولة فلسطين «على حدود 67»
وبينما يعد هذا العام عام الخسائر الأمريكية الأطلسية المطردة في أفغانستان، فإنه أيضاً عام استعار الخطاب الطائفي والمذهبي والعرقي المتشدد، مع محاولات غير مفهومة لترويج زعماء دول وقادة حكومات ذات أوزان إقليمية كـ«قيادات وزعامات طائفية» على مستوى المنطقة تضاهي بعضها بعضاً (نجاد يحضر احتفالاً شعبياً دعماً للمقاومة وخيارها في جنوب لبنان، فيحضر أردوغان احتفالاً موازياً في شماله..!).
وعلى خطوط التماس يسير السودان نحو هاوية التقسيم، «يسابقه» اليمن «غير السعيد» باحتمالات التدخل الأجنبي المباشر عسكرياً أو لوجستياً تحت يافطة مساعدته «في مواجهة التطرف والإرهاب»، أو بالأحرى لوضع موطئ قدم جديد في مضيق باب المندب مقابل القرن الأفريقي «المفجوع» بالقدرات الاستثنائية «المنسوبة» لقراصنة الصومال.
وعلى اعتبار دولنا «عالمثالثية» فقد كان لا يقل أهمية وخطورة في عام 2010 «القلق» على صحة العاهلين السعودي والمصري، ونشر التوقعات والسيناريوهات المختلفة حول «الخلافة» والمستقبل السياسي في بلديهما، بموازاة تناقض الإشارات الصادرة عن الأداء الداخلي الإيراني، مع تشديد الحصار والحرب غير المباشرة مع طهران، والذريعة دائماً هي البرنامج النووي واستعصاء الحلول معه من وجهة النظر الأمريكية- الإسرائيلية..
وفي سورية برز 2010 عاماً للنشاط الدبلوماسي الاستثنائي توجهاً وانفتاحاً على العالم كسراً لما تبقى مما محاولات عزل دمشق، وتثبيتاً لخط المواجهة ودعم المقاومات في المنطقة، لتبقى الأسئلة مرتبطة بالبرنامج الاقتصادي المطلوب لتدعيم هذه المقاربات، والذي لا يرتبط في كل الأحوال، بل ويتناقض منطقياً مع ما يجري تنفيذه على أرض الواقع من برنامج ليبرالي موغل في نيله من مستوى معيشة عموم السوريين، وليس نخبهم المالية، وهو البرنامج نفسه الذي يبتغي إعادة رسم خارطة التمثيل السياسي في البلاد ولكن ضمن بنى وهياكل وتعبيرات تضمن نفوذه ومصالحه الضيقة.
وضمن العقلية الليبرالية المتوحشة ذاتها فقد كان 2010عام اشتداد الأزمة الرأسمالية الدولية رغم ادعاءات انحسارها بدليل اشتداد الهجوم الليبرالي تحت يافطة الإصلاح على المكتسبات الاجتماعية لشعوب المنطقة والعالم ووصول أرقام الفقر والبطالة ومعدات النمو المنخفضة أو السالبة إلى تخوم البيانات الفلكية. ولذلك فإن 2010 هو عام تصعيد الشعوب لاحتجاجاتها المضادة، ولاسيما في أوربا.
وبينما يعد عام تصعيد الهجوم غير المفهوم ظاهرياً على ستالين وحقبته التاريخية، فإن 2010 للمفارقة هو عام وصول المزيد من ممثلي القوى الاجتماعية (اليسارية) إلى سدة الحكم في أمريكا اللاتينية..
وبالمحصلة فإن 2010 بالمعاني السياسية والاقتصادية- الاجتماعية والطبقية هو عام بداية الإعلان الرسمي أن «الاشتراكية هي الحل»، ولا بديل حقيقياً عنها في مواجهة الرأسمالية وتغولها، وهو ما ستظهر المزيد من علاماته في العام المقبل.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.