هل يخرج الأردن من براثن «الصندوق»؟

«الأردن.. إحدى الدول القليلة من العالم الثالث التي تعتبر من الدول عالية التحضر في العالم...»، هذا ما سنجده كتعريف أول عن الأردن في الإنترنت.

 

عيوب بنيوية

الأردن في مصاف الدول عالية التحضر ببساطة لأن 82.6% من سكان الأردن هم سكان مدن، بالتالي أقل من خمس الشعب الأردني يعيش في الريف..! لهذا السبب بالذات يعتبر الأردن في مصاف الدول عالية التحضر، يتذرع البعض بهذه المشكلة ليقول: إن الأردن لا ينتج ما يأكله أبناؤه، و بالتالي يعيش الأردن، تاريخياً، على المساعدات والقروض السنوية من «الولايات المتحدة» و«بريطانيا» و«صندوق النقد الدولي..هنا تكمن مشكلة الاقتصاد الأردني وبالتالي الإشكالية الجوهرية الوطنية حيث تبعية القرار السياسي الأردني بالضرورة لـ«المانحين والمقرضين».

من هنا يمكن رؤية جوهر التحركات الاجتماعية في الأردن التي تزايدت في السنتين الأخيرتين وخصوصاً في الأشهر الخمسة أو الستة الأخيرة على وقع الاختناقات الاقتصادية وارتداداتها في البلد، مع الإشارة إلى أن الأردن شهد حركتين احتجاجتين تذكران بقوة في عامي 1989 و 1996 فيما يسمى «الحراك الجنوبي» رداً على رفع أسعار المشتقات النفطية آنذاك وارتفاع أسعار السلع الأساسية نتيجة ذلك.

 

وصية صندوق النقد

تعود الحكومة اليوم لرفع أسعار المشتقات النفطية لتكون هذه المرة الثانية خلال ثلاثة أشهر وبعد الأخذ والرد والمواجهات السياسية والشعبية، إذ كانت الحكومة قد اتخذت قراراً برفع الدعم عن المحروقات في 13/11/2012 ما أدى إلى تفجر غضب شعبي كبير، دفع الملك عبد الله الثاني إلى إعلان سحب القرار مرة أخرى خوفاً من تطور رد الفعل الشعبي وعدم السيطرة عليه خصوصاً بعد بدء الإضرابات العمالية كالنقابات المهنية والتعليم والأطباء وغيرها العديد. وفي الأسبوع الأول من الشهر الحالي تم الإعلان عن تجاوز آخر العقبات التي كانت تقف في وجه إتمام القرض من «صندوق النقد الدولي» بقيمة ملياري دولار، وكانت آخر تلك العقبات هي إصرار ممثلي «صندوق النقد الدولي» التزام الطرف الأردني بالاتفاق السابق بشأن رفع سعر الكهرباء في نيسان، في حين أصرت الحكومة الأردنية أنها لن تقوم برفع الأسعار «حتى شهر حزيران»..!.

قرار رفع أسعار المشتقات النفطية الأخير ووجه باحتجاجات واسعة شملت أكثر من نصف البلد حيث شارك الآلاف من اليساريين والإسلاميين في تلك التظاهرات وطالب المتظاهرون عموماً باستقالة رئيس الوزراء «عبدالله النسور» الذي دافع بشراسة عن قرار رفع الأسعار معتبراً أنه لا بديل آخر مهما كانت النتائج والمصاعب، ورفعت التظاهرات الأخيرة شعارات ضد الانتخابات الأخيرة التي جرت في كانون الثاني الماضي معتبرة تلك الانتخابات مزورة.

 

هزلية القوى السياسية والخطاب الرسمي

وبعيداً عن التخوفات و«الصيحات» الإعلامية التي تركز على حدة الصدامات والعنف الذي مارسته أجهزة الأمن في التعامل مع التظاهرات وتحذر من خطورة تلك المواجهات على أمن الأردن، فإن جذرية وموضوعية الأسباب الاقتصادية الدافعة لهذه التحركات تستفزنا للسؤال عن وجود برامج سياسية تربط تلك الأزمات الاقتصادية بأساس التخطيط لاقتصاد البلد وارتباطه بسياسة التبعية، والسؤال عن برامج سياسية تعارض توصيات «صندوق النقد الدولي» وسياساته الاقتصادية، ولم تعبر أي من القوى السياسية التي تدعي نفوذها في الشارع حتى اللحظة عن أي برنامج شامل يربط بين التبعية السياسية للأردن ووضعه الاقتصادي.

 لايحاول الخطاب الرسمي اليوم إيجاد أي تغيير في سياسة السوق وقوانينه وثقافته الخطيرة على الجيل الصاعد، حيث لاتزال خطط التعليم في المدارس والجامعات تركز على تقنيات الدخول إلى «سوق العمل» المحدد والمرسوم مسبقاً للأردنيين كما يعتبر الخطاب الرسمي ذلك مثاراً للاعتداد وهو ماتحدث به الإعلام الرسمي بأن «الأمير تشارلز» أكد خلال زيارته الأخيرة: «إن الأردن لديه القدرة على مواجهة التحديات بكفاءة الموارد البشرية المتعلمة والطاقات الشبابية المدعومة بنظام تعليمي متقدم، والدليل على ذلك إسهام الأردن بإنتاج 70% من المحتوى العربي على شبكة الإنترنت، وقطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات المتطور»!!.

 

آخر تعديل على الأربعاء, 18 أيار 2016 23:37