البعد السوري الإقليمي في مصالحة أنقرة و«تل أبيب»

البعد السوري الإقليمي في مصالحة أنقرة و«تل أبيب»

ما موقع الأزمة السورية، تحديداً، وأوضاع المنطقة، عموماً، في «المصالحة» التركية- الإسرائيلية الأخيرة؟ وكيف تمت الترتيبات لها بعد ثلاث سنوات من القطيعة الاستعراضية المعلنة من أردوغان؟

تستعرض هذه المادة المعدة من «قاسيون» مقاطع من الصحافة والدراسات «الإسرائيلية» التي تناولت هذا الموضوع، بعد أن ترجمتها مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية.

كتب إيال زيسر، «عميد كلية العلوم الإنسانية في جامعة تل أبيب» في «يسرائيل هيوم» بتاريخ 24/3/2013 أن «النتيجة العملية الوحيدة، إلى الآن، لزيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لـ«إسرائيل» كانت إنهاء الأزمة الطويلة في العلاقات بين «إسرائيل» وتركيا. فقد استجاب «زعيما الدولتين» لضغوطه ووافقا على إلقاء خلافات الماضي وراء ظهريهما وأن ينزلا عن الشجرة العالية التي تسلقاها».

وأضاف «إن أحداث القافلة البحرية إلى غزة تبدو أيضاً بعيدة، وهي في الأساس «تافهة» إذا قيست بالعاصفة التي تهب على الشرق الأوسط كله وتهدد مصالح حيوية تركية و«إسرائيلية» على السواء. فمنذ كانت الحادثة على متن «مرمرة» سقط نظام حكم حسني مبارك في مصر، وتغير الواقع بين «إسرائيل» وقطاع غزة تماماً، أما في سورية فنشبت «ثورة دامية» تهدد بالانتقال وراء حدود هذه الدولة، إلى الأردن ولبنان والى تركيا و«إسرائيل» أيضاً».

ويقر الكاتب أنه «في المجال الاقتصادي، استمرت بل ازدادت عمقاً في السنوات الأخيرة العلاقات الاقتصادية بين الدولتين برغم القطيعة السياسية(...) ونمت العلاقات التجارية وازدهرت وبلغت أرقاماً قياسية غير مسبوقة».

ويشير: «أمل أردوغان وزملاؤه أن تفتح سياستهم المؤيدة للعرب والمناهضة لـ«إسرائيل» لهم الأسواق العربية. بيد أن الاستثمارات التركية الضخمة في سورية احترقت بالحريق المشتعل منذ سنتين في هذه الدولة، وأصاب مصير مشابه الاستثمارات في مصر التي سقطت ضحية لعدم الاستقرار في هذه الدولة».

ويستدرك: «لكن دُرة التاج في تطبيع العلاقات بالطبع قد تكون في المجال السياسي. وفي برنامج عمل الدولتين هناك قضيتان ساخنتان:

- الأولى، سورية. إن الثورة في هذه الدولة التي راهن أردوغان عليها لا تنتقل إلى أي مكان، وأصبحت هذه الدولة مستنقعاً مُغرقاً أخذت تركيا تغرق فيه. وهو لا يعرف كيف يفضي إلى إسقاط الرئيس بشار الأسد، ولا يعرف كيف يعالج تهديد السلاح المتقدم الذي قد يقع في أيد غير مسؤولة، ولا يعرف كيف يعالج اليقظة الكردية في سورية، ولا يعرف آخر الأمر كيف يمنع سقوط سورية في أيدي مجموعات جهادية متطرفة إذا انهار النظام آخر الأمر.

- والثانية هي إيران، فالربيع العربي والزعزعة التي أصابت الشرق الأوسط على إثره كشفا، بل عمّقا، الهوة الواسعة بين تركيا وإيران حيث تتصارع هاتان على التأثير وعلى السيطرة في العراق وسورية والساحة الفلسطينية بل وفي لبنان.

وإن سياسة أردوغان «صفر مشكلات» في بدء ولايته أفضت به إلى وضع «صفر أصدقاء». فلا عجب من أنه يريد الآن أصدقاء جدداً. وهو يعانق بحرارة الحكم الذاتي الكردي في العراق ويريد أن يصالح الأكراد في بلاده فكان من الصحيح الآن أن ينزل عن الشجرة أيضاً ويصالح نتنياهو»...!

وفي السياق ذاته كتبت أتيلا شومفلبي في «يديعوت أحرونوت» بتاريخ 23/3/2013، أن أول إنجاز تحقق خلال زيارة أوباما لإسرائيل، وقبل لحظة من مغادرته مطار «بن غوريون» تمثل بالمصالحة الدراماتيكية التي تمت بين «إسرائيل» وتركيا بعد نحو ثلاث سنوات من العداء، حيث اتفقا على استئناف العلاقات الطبيعية وعلى وقف الإجراءات القضائية ضد جنود جيش (الاحتلال) الإسرائيلي وقادته، على أن تقوم «إسرائيل» بتحويل أموال تعويضات أسر الضحايا التي طلبتها تركيا إلى «صندوق خيري»...!

وبحسب المادة المنشورة في «يديعوت أحرنوت» فإن مصادر أمريكية وإسرائيلية أوضحت أن نتنياهو «اتفق مع أردوغان على عدم قيام الطرفين بالتحدث حول الحصار على غزة، خلافاً للطلب التركي سابقاً، وإنما أكدت «إسرائيل» بأنها ستقدم تسهيلات للسكان المدنيين»..!!

وقالت المصادر السياسية ذاتها: «هذا إنجاز لإسرائيل. لقد أتى أوباما إلى هناك وطلب إغلاق هذا الموضوع، وإن الاقتراح الذي اتخذ هو الذي تمت بلورته في إسرائيل، فيما يضع ذلك أوباما في موضع زعيم العالم»..

وبحسب الصحيفة فقد أوضحت مصادر في القدس بأن استئناف العلاقات الطبيعية مع تركيا يكتسب أهمية كبيرة جداً وخاصة في هذا الوقت بسبب ما يحدث في سورية وحاجة الولايات المتحدة لتشكيل تحالف في مواجهة القيادة السورية، مضيفة أن الأمريكيين مارسوا مؤخراً ضغوطاً كبيرة على الطرفين التركي والإسرائيلي من أجل التصالح، في ضوء رغبتهم في التقريب بين الحليفين المهمين في الشرق الأوسط، في فترة استمرار مواجهة البرنامج النووي الإيراني وعلى خلفية الحرب الدائرة في سورية..!