إعادة ترتيب أوراق اللعب
«سعداء بخطوات الإصلاح السياسي والاقتصادي في الأردن» هذا ماقاله باراك أوباما في عمان للملك الأردني الذي يهتز عرشه يومياً بفعل موجات الاحتجاج الشعبي، لكن الملك طمع بالمزيد من أوباما فطلب منه المساعدة في ملف اللاجئين السوريين فماكان من أوباما إلا أن وعده بمنحه مساعدة بقيمة 200 مليون دولار
هل قبل الأردن دوره الجديد؟
تلقي المقدمة السابقة شيئاً من الضوء على مايُحاك من ترتيبات جديدة حملتها زيارة أوباما الأخيرة، فالرجل أعلن نجاحه في وساطة الصلح بين الأتراك والصهاينة، كما خص الأردن بزيارة رسمية أجزل فيها المدائح والعطايا على حكومة الملك. تبعت الزيارة مجموعة من المواقف الرسمية الأردنية المتضاربة، وجاءت تأكيدات الملك على استمراره بسياسة النأي بالنفس وحديثه عن تخوفات كبرى حول إمكانية تحول سورية إلى مرتع للتنظيمات الإرهابية، كما خرجت تأكيدات ناصر جودة وزير الخارجية بأن بلاده لاتسعى للتدخل العسكري وأنها تتخوف من حرب طائفية في سورية، لتوحي بأن الأردن على مسافة واضحة من الدور الأمريكي الخليجي في الأزمة السورية.
لم يزر أوباما الأردن لإجزال العطايا بكل تأكيد إلا أنه وعلى مايبدو أعاد رسم تموضع ودور كل الدول المحيطة بالأزمة السورية بناء على المعطيات الجديدة والتوازن الدولي الذي برز فيه الروس والصينيين كقطب متعاظم الدور. فنجاح الروس والصينيين بفرض فكرة الحل السياسي والحوار على الأمريكيين تفرض عليهم تغييراً تكتيكياً على مستوى الأدوات الإقليمية، فالأتراك يجب أن ينسحبوا تدريجياً حفظاً لماء الوجه وتفادياً لاضطرابات داخلية تركية قد تؤدي لخسائر أمريكية كبرى وتحضيراً للدور القادم في المنطقة وقد تكون الساحة الإيرانية والعراقية الملعب فيه. بينما يمكن أن تلعب الدول المجاورة كالأردن ولبنان ذي التوترات المتصاعدة، دور الفتيل المُشعل عبر الحدود الملتهبة كتتمة للمشروع الأمريكي القائم على التدخل العسكري غير المباشر، ورغم تصريحات وزير الخارجية الأردني حول عدم قطع شعرة معاوية مع النظام السوري وحديث البعض عن خلافات قطرية أردنية حول تسليم مقعد سورية في الجامعة لائتلاف الدوحة المعارض التي رافقت مؤتمر القمة، إلا أن ذلك لم ينعكس مطلقاً في أروقة الجامعة بعد الزيارة الأمريكية.
العراق يبتعد أكثر فأكثر
زار جون كيري العراق في وقت لاحق وذلك بغية تغيير موقف حكومة المالكي من الحدث السوري، إلا أن المسؤوليين العراقيين لم يغيروا شيئاً جدياً في موقفهم على مايبدو، فرغم دعوات هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي للمعارضة السورية للاجتماع في العراق في فترات سابقة، إلا أنه أصر على موقف واضح من استحواذ الائتلاف على مقعد سورية في القمة متحدثاً: «العراق يتحفظ على منح مقعد أية دولة عربية لأية جهة معارضة، لأن هذا يخلق سابقة ويقوِّض ميثاق جامعة الدول العربية». كان ابتزاز جون كيري واضحاً للعراقيين، حيث أصر على ضرورة ممارسة العراق دور الرقيب على الأجواء الرابطة بين طهران ودمشق، مقابل تعهداته بدور مساعد في المحافظات الشرقية كالأنبار، إلا أن العراقيين الذين رفضوا في وقت سابق تنفيذ تعهداتهم بتفتيش الحمولات الإيرانية المتوجهة إلى سورية لم ينصتوا جدياً للأمريكي هذه المرة، وسرعان ما أعلنوا عن خطوات إصلاحية تتعلق بإصدار عفو خاص لأبناء المناطق الشرقية وإجراءات أخرى في محاولات لقطع الطريق على أية ضغوط خارجية مدعمين موقفهم بعلاقات متصاعدة مع الروس جسدتها صفقة السلاح الأخيرة مع موسكو، في مساعٍ تشي بالابتعاد المتسارع للعراقيين عن الدور الأمريكي في المنطقة.