قرنان على ميلاد ماركس... و(الشبح» يجول
«إنّ التاريخ يطلق صفة أعظم العظماء على أولئك البشر الذين تشرَّفوا بالعمل من أجل الخير العام. والسّعيد، بالتجربة، هو ذلك الإنسان الذي يجعل أكبر عدد من الناس سعداء». كارل ماركس (5 أيار 1818 – 14 آذار 1883)
«إنّ التاريخ يطلق صفة أعظم العظماء على أولئك البشر الذين تشرَّفوا بالعمل من أجل الخير العام. والسّعيد، بالتجربة، هو ذلك الإنسان الذي يجعل أكبر عدد من الناس سعداء». كارل ماركس (5 أيار 1818 – 14 آذار 1883)
نتيجة التناقض الحاد الذي تعيشه الرأسمالية في العالم، ما بين نزوعها لتدمير القوى المنتجة من جهة، وبين التطور الموضوعي لهذه القوى كالتكنولوجيا الذكية من جهة، لم يعد هذا التناقض محصوراً في جانبه الاقتصادي فقط، لدى ممثلي الرأسمالية بل تعداه إلى جانبه الفكري السياسي بشكل بارز.
احتدام تناقضات الرأسمالية عالميا، يعني اشتعالا لجبهة الفكر من جديد، ما بين الرأسمالية وافكارها من جهة، وبين الاشتراكية العلمية والماركسية من جهة أخرى. صراع تفرضه مهام التغيير في الواقع الجديد، على قوى التغيير الجذري، والمعركة الفكرية في مواجهة الفكر السائد في محاربه احتمال عودة الماركسية الى الميدان الفكري. وفي هذا الصراع تتطور الماركسية فهي فكر هذا الصراع نفسه.
ضمن الصراع الاجتماعي السياسي الاقتصادي الأيديولوجي، يمتاز حقل الممارسة الأيديولوجية للفكر الرأسمالي بتنوع أشكاله، فإلى جانب القمع المباشر للفكر النقيض يقوم الفكر الرأسمالي بتمويه ممارسته لتحقيق الدور نفسه، أي: التعمية على الواقع وحركته.
تطرقنا في المقال السابق على التركيز على المنهج البحثي الكمي في العلوم الاجتماعية الذي أصبح يسيطر عليها. وذكرنا بعض أسباب هذا التركيز
في كتاب كوهي سايتو «كارل ماركس في القراءة الإقتصادية الإجتماعية» الذي نشر حديثاً، ينضم الكاتب إلى مجموعة مؤلفي كتب أساسية عن الماركسية وعلم البيئة، وقد بدأت هذه الكتب، التي نشرت في عامي 1999 و 2000، موجة جديدة من العمل من قبل الناشطين العلماء، الذين أمعنوا «النظر في العلاقات بين الإنسان والطبيعة من وجهة نظر العلاقات الطبقية ومتطلبات تحرير الإنسان».
تكمن قدرة الفكر العلمي الذي تقدمه الماركسية في كونه قادراً على الوعي بقوانين الواقع، ما يمده بالقدرة على الفعل فيه. بناء على هذه المنهجية عالجت القوى والتنظيمات الثورية(التغييرية) علاقة الفكر بالواقع من الناحية السياسية وعكستها في برامجها السياسية لتقديم الحلول العملية للمهام المطروحة على الشعوب حسب المراحل التاريخية المختلفة.
للماركسية صبغتها الطبقية التي اكتسبتها من علم التاريخ الذي صاغته المادية التاريخية، العلم الذي أكّد أن الصراع الطبقي هو الصراع الذي حرّك عجلة التاريخ، وليس الصراع الديني أو غيره من الصراعات الثانوية الأخرى، ولم تجبر الماركسية المناضل على القناعة بغير هذه الحقيقة عن التاريخ عبر التاريخ كله.
ولد كل من ماركس وإنجلس في ألمانيا الرينانية - بروسيا: ماركس في ترير 1818، وإنجلس في بارمن 1820. وكانت الحياة الثقافية فيها، رغم التخلف الاقتصادي، متأثرة بأفكار الثورة الفرنسية. بدأ ماركس وإنجلس حياتهما الباكرة كعضوين في حركة الهيغليين الشبان في برلين، وسرعان ما انفصلا عنها وانتقداها (كل منهما على حدة)، متأثرين بمادية فورباخ.
أول ما يتبادر للذهن عند ورود عبارة «البطل الإيجابي»؛ هو مذهب الواقعية الاشتراكية، الذي تكرس في الثقافة الإنسانية التي اعتمدت الفلسفة الماركسية في تفسيرها للتاريخ ورؤيتها للمستقبل، وفق منطق التطور التاريخي للشعوب، وحتمية انتصارها لذاتها، سواء كان ذلك في الأدب، وخاصةً في الرواية، أو بغيرها من مجالات العمل والإبداع الإنساني، العلمي والنظري.