وجدتها: إعادة إعمار الماركسية البيئية
في كتاب كوهي سايتو «كارل ماركس في القراءة الإقتصادية الإجتماعية» الذي نشر حديثاً، ينضم الكاتب إلى مجموعة مؤلفي كتب أساسية عن الماركسية وعلم البيئة، وقد بدأت هذه الكتب، التي نشرت في عامي 1999 و 2000، موجة جديدة من العمل من قبل الناشطين العلماء، الذين أمعنوا «النظر في العلاقات بين الإنسان والطبيعة من وجهة نظر العلاقات الطبقية ومتطلبات تحرير الإنسان».
يسهم هذا الكتاب في إعادة الإعمار الجارية للماركسية البيئية، استناداً إلى دراسة كيفية دخول البيئة في تطور نقد ماركس للاقتصاد السياسي. إذ يقدم كوهي سايتو استعراضاً نصياً مفصلاً للعلاقة بين تحليل ماركس القائم على القيمة للرأسمالية، ودراسات ماركس للعلوم الطبيعية.
ويظهر أن اهتمام ماركس بالعلوم الطبيعية لم يكن مجرد تحول عن عمله الرئيس الذي أكمل رأس المال، ولكنه كان حاسماً بالنسبة لتأكيد ماركس المتزايد، حيث استمر عمله، على عدم الاستدامة البيئية والاجتماعية لمجتمع تهيمن عليه علاقات الأجور مقابل العمل، والمال، والتبادل السوقي.
ويظهر سايتو أيضاً بشكل واضح جداً، أن تحليل ماركس للانقسامات الاستقلابية (انتهاكات شروط الاستدامة البيئية) التي أنشأتها الرأسمالية كان مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بتزايد اهتمامه بالتخلف المنهجي في الرأسمالية، في المناطق المستعمرة والمستعمرة حديثاً، حيث توسعت في أنحاء العالم جميعها. وبعبارة أخرى، هناك صلة ضيقة بين الشقوق الاستقلابية والإمبريالية البيئية في تفكير ماركس.
وهذا بدوره يلقي ضوءاً جديداً على اهتمام «ماركس الراحل» بالتشكيلات السابقة للرأسمالية مثل «المير» الروسي (الكومونة الريفية)، حيث يقدم أدلة محتملة لإدارة عقلانية لعملية التمثيل الغذائي الإنتاجي للطبيعة البشرية في ظل الشيوعية.
ويوضح سايتو: أن تنسيق ماركس لدراسات العلوم الطبيعية والاقتصاد السياسي مكّنَه من تجاوز المفهوم غير التاريخي نسبياً للإغتراب البشري (من العمل والطبيعة والمجتمع) الذي رسمه في كتبه 1844، تحت تأثير مفهوم فيورباخ العام حول الإنسان من الكائنات البشرية.
إن وعي ماركس بظروف الاستدامة البيئية، واتجاه الرأسمالية إلى انتهاك هذه الظروف، وضرورة قيام مجتمع ما بعد الرأسمالي بإدارة علاقاته الاستقلابية بطريقة عقلانية مع الطبيعة، أصبح أعمق وأشد ضرورة، ويشير سايتو أيضاً، إلى أن سياق القرن التاسع عشر لرأسمالية التصنيع لم يكن متفائلاً إلى حد كبير بشأن القضايا البيئية، كما يؤكد علماء البيئة الاجتماعية اليوم.