حزمة التسهيلات الصناعية... دعم حقيقي أم تعقيد إضافي؟
أعلنت وزارة الاقتصاد والصناعة بتاريخ 5 تشرين الثاني 2025 عن حزمة «تسهيلات» وإجراءات لدعم القطاع الصناعي، تشمل مجموعة من القرارات التي تهدف إلى تخفيف الأعباء على الصناعيين وتحفيز الاستثمار المحلي. لكن القراءة النقدية لهذه الحزمة تكشف عن مزيج من الفرص والتحديات التي قد تؤثر على فعاليتها على أرض الواقع.
وقد شملت التسهيلات العناوين الآتية: ترخيص المنشآت- الإعفاءات الجمركية- تخفيض رسوم المواد الأولية- المعايير والجودة- الرقابة الميدانية.
ترخيص المنشآت... خطوة نحو السرعة أم تفاوت في التطبيق؟
بشأن الترخيص للمنشآت يمكن رصد بعض الإيجابيات من خلال تفويض مديريات الصناعة في المحافظات والمدن الصناعية بإصدار التراخيص، ما يخفف البيروقراطية المركزية ويعجل عمليات الترخيص والتعديل. وكذلك بمنح مرونة أكبر للمستثمرين في تحديث خطوط الإنتاج والتوسع.
لكن بالمقابل هناك بعض السلبيات التي نذكر منها: خطر تفاوت التطبيق بين المديريات المختلفة، ما قد يؤدي إلى اختلاف في المعايير. بالإضافة إلى إمكانية ظهور حالات فساد إذا لم تكن هناك رقابة صارمة وشفافة.
الإعفاءات الجمركية... تحفيز الاستثمار أم حكراً على الكبار؟
من الإيجابيات بهذا المجال تسهيل تحديث خطوط الإنتاج واستبدال الآلات دون أعباء مالية كبيرة. بالإضافة إلى تحفز الصناعيين على رفع الإنتاجية وتطوير منتجاتهم.
بالمقابل هناك سلبيات متوقعة بشأن الإعفاءات الجمركية، حيث قد تستفيد منها المنشآت الكبيرة فقط، بينما تبقى الصناعات الصغيرة خارج نطاق الدعم. وهو ما يتطلب مراقبة دقيقة لمنع أي استخدام غير مشروع للإعفاءات.
تخفيض رسوم المواد الأولية... دعم تنافسي أم تأخير محتمل؟
من الإيجابيات بهذا الشأن أنه يخفّض تكاليف الإنتاج ويزيد قدرة الصناعات المحلية على المنافسة. بالإضافة إلى المساهمة في حماية المنتج المحلي من المنافسة غير العادلة.
بالمقابل هناك بعض السلبيات التي قد تنشأ من خلال فرض التنسيق بين عدة هيئات مما يبطئ التنفيذ ويقلل من أثر الدعم الفوري. وكذلك فإن التركيز على المواد الأولية فقط قد يترك جوانب أخرى من سلاسل الإنتاج بلا دعم.
المعايير والجودة... رفع المستوى أم عبء إضافي؟
من الإيجابيات إصدار تعليمات خاصة بكل صناعة واعتماد المواصفة القياسية السورية مما يحسن جودة المنتج ويعزز الثقة بالمصنع المحلي. وكذلك فإن إلزام المنشآت بإجراء اختبارات مخبرية قبل منح السجل الصناعي يضمن سلامة المنتجات.
لكن هناك بعض السلبيات، فقد يزيد العبء المالي والتقني، وخاصة على المنشآت الصغيرة والمتوسطة. واعتماد المختبرات المحلية وحدها قد يبطئ الترخيص ويؤثر على سرعة بدء الإنتاج.
الرقابة الميدانية... حماية المستهلك أم تعقيد إداري؟
من الإيجابيات القيام بجولات ميدانية لمتابعة الجودة والشكاوى، الأمر الذي يعزز الرقابة وحماية المنتج المحلي والمستهلك.
ومن السلبيات أن إنجاز ذلك يحتاج إلى موارد بشرية ومالية كبيرة. بالإضافة إلى أن التنسيق بين الإدارات المختلفة قد يزيد من التعقيد ويبطئ الإجراءات.
بين التسهيل والتحديات
تمثل حزمة التسهيلات، بعناوينها العريضة أعلاه، خطوة مهمة نحو دعم الصناعة الوطنية، لكنها تحمل تحديات واضحة في التنفيذ. فبعض القرارات، مثل الإعفاءات الجمركية وتخفيض رسوم المواد الأولية، توفر مزايا ملموسة. بينما الإجراءات المتعلقة بالمعايير، المختبرات، والجولات الميدانية قد تشكل عبئاً إضافياً على الصناعات الصغيرة.
إن نجاح الحزمة يعتمد على توازن التطبيق بين التسهيل والدقة، سرعة التنفيذ، توفير الموارد للرقابة، ومراعاة حجم المنشآت الصناعية. دون ذلك، قد تتحول نوايا الدعم إلى تحديات جديدة تواجه الصناعيين، بدل أن تكون رافعة حقيقية لتطوير الصناعة المحلية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1251