مشاريع بالمليارات... وناس ما معاها حق ربطة خبز
والله يا جماعة صرنا نحس حالنا عايشين بمسلسل فانتازيا... مو ببلد.
كل يوم منفيق على خبر: «مشروع ضخم بالمليارات...» «استثمار خارق للعادة...» «فرص عمل بتكفي نص الكرة الأرضية...»
وبالليل... منام ع ضو الشمعة لأن الكهربا راحت... وبطنّا فاضي لأنه ما في مصاري نشتري علبة لبن.
من يوم ما سقطت سلطة الأسد والإعلام ما عم يهدا... كل يوم مؤتمر... وكل أسبوع إعلان عن مشروع جديد... «أكبر مدينة صناعية بالشرق الأوسط... «أحدث منطقة حرة...» «أضخم مجمع سياحي...» وطبعاً ما بينسى المذيع يضيف: «رح يوفر مئات آلاف فرص العمل للشباب».
بس الحقيقة.. ما في شي.. ولا حتى حجر اتحرك.
كل هالمشاريع لساتها صورة عالبروجكتور.. وخطوط ملوّنة على ورق... ومجسم بلاستيك بالمعرض... والناس عم تدور ع شغل وما عم تلاقي... عم تدور ع لقمة وما عم تلاقي... وعم تدور ع أمل... والأمل نفسو صار بحاجة واسطة.
صار في عنا موضة جديدة... مشاريع على الورق... يعني متل فساتين عروض الأزياء: بتشوفها ع المانيكان بتحكي «واو...» بس بالواقع ما بتقدر تمشي فيها حتى خطوتين... بيعرضولك صور ومجسمات وخرائط، وبيقلك: هالمنطقة رح تتحول لمدينة اقتصادية عالمية. وإنت واقف عم تطالع حواليك... ما شايف إلا غبرة... وكم حفرة بالطريق... وشباب قاعدين على البسطات عم يبيعوا قهوة بلا سكر.
الشباب هون في منهم اللي هاجر... في اللي عم يشتغل شغلات ما إلها علاقة بدراسته بس مشان يعيش... وفي اللي قاعد بالبيت عم يعد الأيام... لا وظيفة... ولا مستقبل... ولا حتى حلم صغير يركض وراه...
بيحكولك: «رح نوفر مئات آلاف الوظائف...» بس ما بيحددوا إمتى.. أو وين... أو لمين؟
بتحس القصة متل لما كنت صغير ويقلك أبوك: «إذا نجحت رح أشتريلك بسكليت...» وتنجح... وبسكليت ما شفت إلا بالصورة على غلاف دفتر الرسم.
أما الحكومة فهي بدل ما تطلع بمشاريعها الخاصة من أموال الدولة– متل ما كل الدول المحترمة بتعمل– صارت تبيعنا أوهام «استقطاب المستثمرين...» وعاملة حالها سمسار عقارات... واقفة عالزاوية وعم تنادي: «تفضلوا استثمروا... أسعارنا منافسة... وبلدنا واعد!» والمستثمرين ما عم يردوا حتى السلام.
ليش؟ لأن ما في مستثمر بيحط قرش بمكان القوانين فيه بتتبدل متل إشارات المرور لما الكهربا بتقطع... والسياسة فيه متل الطقس ما بتعرف من وين جاي الهوا... والقضاء فيه بيشتغل حسب مين اللي ماسك الدفّة.
والنتيجة... كل هالبهرجة الإعلامية ما طلع منها إلا الغبرة... وصرنا نسمع عن أرقام بالدولار ما بنشوفها حتى بالأفلام.
بالمقابل الناس عم تحسب ألف حساب قبل ما تشتري كيس سكر أو قنينة زيت.
نفس المشهد كل يوم: حكي بالمليارات... وفقر بالليرات.
الإعلام بيحكيلك عن مشاريع رح تغيّر وجه البلد... والشارع بيحكيلك عن وجوه تغيرت من كتر الهم والتعب.
صارت حياتنا متل إعلان شامبو... الموديل بيضحك وشعره بيلمع... وإنت واقف بالحمّام عم تتحمم بالمي الباردة... وشعرك واقف متل المسامير من الصقيع.
البلد اليوم متل واحد ماشي بالصحرا... شايف سراب بعيد وعم يركض وراه عطشان... ولما يوصل بيلاقيه بس غبرة بالهوا.
الحكي كتير... والفعل صفر... والشباب ضاعوا بين الأخبار الحلوة اللي ما إلها أي أثر... والواقع المر اللي عم يكبر متل الغول.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1239