التصعيد الإقليمي وتداعياته على سورية... أزمة الطاقة في قلب العاصفة

التصعيد الإقليمي وتداعياته على سورية... أزمة الطاقة في قلب العاصفة

لم تعد النزاعات الإقليمية شأناً محصوراً بجغرافيا محددة، ففي عالم مترابط تتقاطع فيه السياسة بالاقتصاد، بات أي صراع عسكري يترك أثره العميق حتى في أبعد الدول.

واليوم، يشهد الشرق الأوسط تصعيداً خطِراً في التوتر، بعد عدوان الكيان الإسرائيلي على إيران، ما زاد من حدة الاضطرابات في أسواق الطاقة العالمية وألقى بظلاله الثقيلة على اقتصادات هشة، في مقدمتها الاقتصاد السوري.

سورية في مواجهة موجة جديدة من الضغوط الاقتصادية

في ظل بنية اقتصادية ضعيفة، تعاني من تشوهات هيكلية مزمنة، يشكّل ارتفاع أسعار النفط عالمياً ضغطاً مزدوجاً على سورية.
فمن جهة، تتفاقم كلفة استيراد المحروقات، ومن جهة أخرى، تترجم هذه التكاليف مباشرة إلى زيادات كبيرة في أسعار المشتقات النفطية في السوق المحلية، ما يُعمّق الأزمة المعيشية.

أسعار المحروقات انعكاس مباشر للتوترات الخارجية

تشير نشرة الأسعار الصادرة في 16 حزيران 2025 إلى ارتفاع في أسعار البنزين والمازوت والغاز: البنزين بلغ 11,000 ل.س- المازوت 9,500 ل.س- أسطوانة الغاز المنزلي 118,000 ل.س- أما الغاز الصناعي فبلغ 188,800 ل.س.
بالمقارنة مع الأسعار المسجّلة في أيار ومطلع حزيران، نلحظ أن الفارق السعري يتزايد بتسارع، وهو ما يعكس الأثر المباشر لتقلبات الأسواق العالمية على الداخل السوري.
فبحسب نشرة أسعار المحروقات بتاريخ 3 حزيران كان سعر البنزين 10,230 ل.س، وسعر المازوت كان 8,835 ل.س، وأسطوانة الغاز كانت 109,740 ل.س، بينما كانت الأسعار بتاريخ 15 أيار حسب الآتي: سعر ليتر البنزين 9,130 ل.س، سعر ليتر المازوت 7,885 ل.س.

أثر متسلسل يمتد من الطاقة إلى لقمة العيش

إن انعكاسات الأزمة لا تقف عند ارتفاع أسعار الوقود فقط، بل تمتد إلى بنية الاقتصاد السوري بأكملها وفق المحاور الرئيسية الآتية:
تضخم متسارع، فارتفاع كلفة الطاقة يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات، ما يزيد الضغط على المستهلك ويقلّص قدرته الشرائية.
جمود في الاستثمارات، فالبيئة الإقليمية غير المستقرة تنفّر رؤوس الأموال، وتُعرقل أي مبادرات اقتصادية جديدة أو مشاريع استثمارية.
ارتفاع تكاليف الإنتاج، حيث ستجد الصناعة المحلية نفسها أمام تحديات مضاعفة، في ظل صعوبة تأمين الطاقة وغلاء مستلزمات التشغيل.
تراجع الخدمات الأساسية، فمع ضعف الموارد، تتباطأ مشاريع البنية التحتية، مما يؤثر سلباً على التنمية والاستقرار.

من الأزمة إلى السيناريوهات المستقبلية

إذا استمر التوتر الإقليمي على هذا المنوال، فإن الاقتصاد السوري مرشّح لمزيد من التراجع، ولا سيما في ظل غياب حلول داخلية ناجعة أو دعم خارجي فعال.
فمن دون خطوات إصلاحية جريئة، وتدابير طارئة لتأمين مصادر بديلة ومستمرة للطاقة والحد من النزيف المالي، سيبقى الوضع الاقتصادي عرضة للمزيد من الهزات والتراجع.

المطلوب سياسات وطنية متوازنة

تُظهر التطورات الأخيرة كيف يمكن لصراع إقليمي أن يتسبّب في اضطراب اقتصادي محلي حاد، وخصوصاً في بلد يعاني أصلاً من وهن اقتصادي مثل سورية.
ومن هنا، فإن تجاوز هذه المرحلة يتطلب إدارة اقتصادية مرنة، وسياسات وطنية توازن بين الاستجابة الفورية للأزمات وتأمين الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة للمواطن.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1231