اقتصاد النفايات...
يا جماعة الخير، إذا كان في شي باقي شغال بهالبلد من العهد البائد لهلأ غير المصائب فهو اقتصاد النفايات!
إي والله، البلد انقسمت لفئتين... وحدة عم تنتج الزبالة... ووحدة عم تعيش ع تدويرها!
صار عنا نظام اقتصادي متكامل قائم على لمّ الحديد والخردة والنايلون والكرتون، وكأنه ما ضل شي تاني نشتغل فيه!
بتلاقي سيارات «شرا الغراض المستعملة» عم تصول وتجول بالشوارع، الزلمة بيوقف ع نواصي الحواري، وبيصيح بصوته اللي بيوقّف شعر البدن: «بطاريات... حديد... ألمنيوم... غسالة منزوعة... براد محروق...»، وكأنّه عم يوزع مساعدات إنسانية!
والمواطن المسكين يا حرام، عم ينبش ببيته ليلاقي شي يبيعو ليستر حالو... حتى الطنجرة اللي كان يطبخ فيها لحمة يوم العيد صار يفكر يبيعها قبل ما تصدي على الفاضي...
بس المفاجأة الكبيرة خلال هالكم شهر اللي مضو... وين راحوا نابشو القمامة؟
هدول الجماعة اللي كانوا يشتغلوا بخبراتهم الميدانية، واللي كانوا يعتبروا النفايات «منجم ذهب» إذا صح التعبير... ليش فجأة اختفوا؟
لك حتى هالشغلة سكرّت... بعد ما سكرت كتير معامل وورشات بالبلد!
معقول البلاستيك والكرتون والنايلون وعبوات الكولا المعدنية ما عاد في حدا يشتريهن؟
معناها إذا استمر الوضع هيك، رح نضطر نعمل شي نقابة «لنابشي القمامة العاطلين عن العمل» ونطالب بتأمين صحي وتعويضات نهاية خدمة!
بس مو هون المصيبة... المصيبة الحقيقية إنو هاد الشغل مو بس تجارة خردة... لااا... هاد بيزنس تقيل ورا شغل التهريب والتصدير!
الحكاية مو بس سيارات عم تلم حديد ونحاس وألمنيوم، لا... في ناس كبار عم يجمعوا هالمعادن اللي المفروض ينعاد تدويرها وتستخدم بإعادة الإعمار، وعم تتصدر وتتهرب على حساب البلد والمواطن المشحر اللي عم يبيع مقتنياته بتراب المصاري...
يعني نحنا بكل هالمعاناة، وبكل هالدمار، وبكل هالحاجة لمعامل وصناعات محلية، عم نصدر ونهرب المواد الخام الأساسية اللي كان لازم تكون حجر الأساس بإعادة بناء البلد وترميمها!
لك يا ناس، هاد الحديد مو خردة، هاد بيوت وعمارات ومصانع كان المفروض تنبنى من جديد، بس لا... الأهم إنو كم واحد من الهوامير يعبي جيبو ع حساب البلد والناس الغلابة!
بالمحصلة، هاد مو اقتصاد، هاد مسخرة!
وإذا كانت النفايات هي الشي الوحيد اللي لسا عم يشتغل بالبلد، معناها نحنا عايشين ع بقايا بلد...
والأسوأ من هيك، إنو حتى هالبقايا عم تنسرق وتتهرب، يعني حتى اقتصاد الزبالة ما سلم من الحرامية والناهبين!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1218