مستجدات تطال مستقبل طلابنا وعواقب التجريب المنتظرة!
بدأ العام الدراسي الجديد وعادت معه همومه ومشكلاته بالنسبة للطلاب وذويهم، وكذلك للمعلمين والإداريين في المدارس!
مستجدات هذا العام الدراسي كثيرة، ومع كل مستجد ستظهر الإيجابيات والسلبيات طبعاً، ولعل الأهم بهذا الصدد ألّا تنعكس السلبيات على الطلاب ومستقبلهم، فبعض المستجدات سيكون قيد التجربة لأول مرة، مثل امتحانات شهادة التعليم الأساسي، التي باتت بعهدة مديريات التربية على مستوى كل محافظة ولم تعد مركزية!
فهل سيكون طلابنا ضحايا التجريب الرسمي، بحيث يدفعون ضريبته على حساب مستقبلهم؟!
التوجيه بعدم التشدد باللباس المدرسي أتى متأخراً!
كما كل عام تم التأكيد على عدم التشدد باللباس المدرسي، لكن الجديد بهذا الصدد أن التوجيه بعدم التشدد هذا العام كان أكثر وضوحاً، لكنه أتى متأخراً!
فقد أكد مدير التعليم بوزارة التربية راغب الجدي في تصريحات إذاعية مطلع الشهر الجاري أن التربية لن تتشدد باللباس المدرسي هذا العام مراعاةً للظروف الاقتصادية، على أن يكون نظيفاً ومرتباً وبعيداً عن استخدام رموز معينة يقبل عليها الطلاب عادةً بداعي «الموضة» التي لا تعبّر عن ثقافتنا.
لا شك أن التوجيه أعلاه إيجابي للتخفيف من أعباء تكلفة اللباس المدرسي الكبيرة على ذوي الطلاب، لكنه بحسب الكثير من الأهالي أتى متأخراً جداً، حيث تكبد هؤلاء هذه التكلفة الكبيرة سلفاً، وقد كان أجدى أن يتم الإعلان عن هذا التوجيه، مع الجدية الكافية فيه، قبل شهر من موعد الافتتاح المدرسي على الأقل، وليس قبل عدة أيام فقط، ولعل الأهم بالنسبة للأهالي أن تتقيد إدارات المدارس بهذا التوجيه!
امتحانات شهادة التعليم الأساسي محلية!
الحديث عن إلغاء الامتحان المركزي لشهادة التعليم الأساسي ليس جديداً، فقد جرى الحديث عنه والتمهيد له قبل نهاية العام الدراسي الماضي، لكن الجديد أن الحكومة وافقت بتاريخ 5/9/2024 على مقترح وزارة التربية بإجراء امتحانات شهادة التعليم الأساسي بشكل محلي على مستوى كل محافظة اعتباراً من العام الدراسي 2024-2025.
من الواضح أن دور الحكومة شكلي بهذا الصدد، بدليل موافقتها على المقترح قبل بدء العام الدراسي بثلاثة أيام فقط، ومع ذلك يبدو أن العملية الانتقالية من الامتحان المركزي إلى المحلي لم تُستوفَ درساً وتمحيصاً من جميع جوانبها، وهناك لغط في بعض آلياتها التنفيذية!
فبحسب وزير التربية، خلال التصريح الصحفي عقب الجلسة الحكومية عن الامتحانات المحلية لشهادة التعليم الأساسي، أنه جرى النقاش حول المعدل التراكمي، لكن هذا العام لن يكون هناك معدل تراكمي، وسيتم العمل به لاحقاً!
وعن دور الوزارة المركزي بما يخص امتحانات شهادة التعليم الأساسي أشار الوزير إلى أنها ستبقى على مادة أو مادتين فقط!
ما صرح به الوزير حول المعدل التراكمي هو جانب واحد فقط سيتم تجاوزه هذا العام ليعمل به لاحقاً، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الكثير من المعلمين والكادر الإداري وذوي الطلاب لديهم تحفّظات على الشكل الامتحاني المحلي الجديد!
وكذلك يبدو الأمر غير محسوم لدى الوزارة بخصوص مركزية استمرار الامتحانات لبعض المواد بحسب تصريح الوزير!
فحول حساب المعدل التراكمي للعلامات يبدو الموضوع فيه نوع من العدالة، لكن ظروف التعليم وواقع العملية التعليمية لا تكرس هذه العدالة المنشودة، بحسب الكثير من الاختصاصيين التربويين والمعلمين وذوي الطلاب!
فبعض الاختصاصيين قالوا إن المعدل التراكمي يجب أن يؤخذ به اعتباراً من الصف السابع، وأن يتم العلم والعمل به مسبقاً على هذا الأساس، سواء من قِبل المعلمين والإدارات المدرسية، أو من قبل الطلاب وذويهم، على ذلك فالتطبيق العملي له يجب ألا يكون قبل ثلاثة أعوام دراسية من الآن كي يكون أقرب ما يكون إلى الإنصاف والعدالة، بالإضافة إلى أنه من المفترض قبل البدء بتطبيق هذا الشكل الجديد أن تكون العملية التعليمية مستقرة في المدارس كافة وبكل الصفوف، وخاصة على مستوى كفاية الكادر التدريسي واستكمال المناهج، فمن غير المنصف للطلاب أن تبقى بعض المدارس بلا مدرسين اختصاصيين لبعض المواد، أو ألّا تستكمل المناهج فيها!
أما بالنسبة للأهالي فالأمر مختلف تماماً، حيث باتوا مضطرين، بل شبه ملزمين، للاستعانة بالدروس الخصوصية اعتباراً من الصف السابع، ولجميع المواد بدلاً من ماد أو اثنتين، وذلك لضمان حصول أبنائهم على علامات جيدة خلال العام الدراسي، باعتبارها ستدخل في المعدل التراكمي لنتائج امتحانات شهادة التعليم الأساسي، أي مزيد من الضغوط المادية والمعنوية عليهم وعلى أبنائهم!
أما الخشية المشروعة التي أبداها بعض ذوي الطلاب فهي من عوامل المحسوبية والفساد والوساطة، التي ستزيد معدلاتها مع اعتماد الامتحانات المحلية على مستوى كل محافظة، والمعدلات التراكمية للعلامات المتحكم بها من قبل المعلمين والإدارات بكل مدرسة، مع ما يعنيه ذلك من ظلم وإجحاف بحق بعض الطلاب لمصلحة البعض المحظي!
بمطلق الأحوال فإن هذا الشكل المستجد لامتحانات شهادة التعليم الأساسي ستكون له عواقبه التي سيتحمل جريرتها الطلاب، في مفترق طرق يلامس ويحدد مستقبلهم خلال مرحلة التعليم الثانوي!
امتحانات الشهادة الثانوية مؤتمتة!
بعد الأخذ والصد خلال العام الدراسي الماضي بشأن أتمتة امتحانات الشهادة الثانوية كمستجد حداثي لوزارة التربية، وافقت الحكومة بتاريخ 5/9/2024 أيضاً على تطبيق نظام الامتحانات المؤتمتة في شهادة التعليم الثانوي بشكل تدريجي بحيث يشمل العام الدراسي القادم 2024-2025 أتمتة مواد (الرياضيات، الجغرافيا، التربية الوطنية، الفلسفة، علم الأحياء، الفيزياء، الكيمياء، اللغة الإنكليزية، التاريخ).
وفي الحديث الصحفي بعد الجلسة أشار وزير التربية إلى أن بنوك الأسئلة ستتوفر على موقع الوزارة لاحقاً!
الموافقة الحكومية أعلاه ربما لم تكن مفاجئة، بالرغم من كل التحفظات على هذا الشكل المستجد للاختبارات المؤتمتة في العملية الامتحانية للشهادة الثانوية التي تحتاج إلى مقدماتها، وخاصة تأهيل الطلاب لخوضها، وضمان إيجابياتها بالنسبة إليهم في هذا المنعطف الذي يحدد مستقبلهم الدراسي!
ومن الناحية العملية فإن الموافقة الحكومية لم تستثنِ من امتحانات الأتمتة إلا امتحانات اللغة العربية والتربية الدينية واللغات (فرنسي وروسي) كي تبقى تقليدية!
وبهذا الصدد لا بد من الإشارة إلى أن المادة الأهم بهذا الصدد هي اللغة العربية، فالتربية الدينية وأحد اللغات الأجنبية لا تدخل في المجموع الذي يؤخذ به للقبول الجامعي!
أما عن التدريج فقد كان غائباً في السياق التنفيذي للموافقة الحكومية من الناحية العملية!
فالتدريج في الامتحانات المؤتمتة والتدريب عليها من المفترض أن يبدأ اعتباراً من الصف العاشر بالحد الأدنى، وربما الأفضل اعتباراً من الصف السابع، وصولاً إلى امتحانات الشهادة الثانوية، وليس بهذا الشكل المتسرع المفروض على الطلاب الذين تنقصهم المعرفة والخبرة بهذا الأسلوب الامتحاني المستجد، بل وحتى جزء كبير من الكادر التعليمي والإداري تنقصهم الخبرة والمعرفة الكافية به!
على ذلك فإن حديث الوزير عن بنك الأسئلة، غير المتاح حالياً، هو جزئية صغيرة جداً مقابل الكثير من التفاصيل الهامة المغيّبة!
فما تحتاجه العملية التعليمية كثير، اعتباراً من حقوق المعلمين التي تبدأ بالأجور الهزيلة وبالتعويضات غير المنصفة، مروراً بمستلزماتها وضروراتها، بما في ذلك كفاية الكادر التدريسي بكل مدرسة، ولا تنتهي بالازدحام بالشعب الصفية!
فواقع الحال يقول إن امتحانات الشهادة الثانوية لهذا العام، وفق نظام الأتمتة المعتمدة والموافق عليه رسمياً، وكذلك امتحانات شهادة التعليم الأساسي محلياً وعلى مستوى كل محافظة على حدة، ستكون حالة اختبارية وتجريبية سيدفع الطلاب ضريبتها على حساب مستقبلهم!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1191