مشروع ربحي آخر على حساب الطلبة!
«تأمين خدمة الإنترنت «فايبر» إلى الجامعات تلبية لاحتياجات الطلاب، مع البدء بالسكن الجامعي بشكل أولي باشتراك شهري مقبول»!
هذا ما كشف عنه رئيس الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية محمد حسان النجار عبر صحيفة الوطن بتاريخ 14/11/2023.
لا شك أن تأمين خدمة الإنترنت لتلبية احتياجات الطلاب في الأبنية والمنشآت الجامعية أمر إيجابي، لكن ماذا عن الاشتراك الشهري «المقبول» بالنسبة للطلاب مقابل الخدمة الجديدة أعلاه؟!
فقط 10 آلاف ليرة شهرياً!
بحسب رئيس الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية: «من المتوقع تحديد قيمة التعرفة الشهرية للطالب بـ10 آلاف ليرة سورية، مع تحديد الآلية التنفيذية قريباً ليصار إلى وضع نقاط استقبال في كل ساحة أو بناء، متوقعاً أن يكون المشروع طور التنفيذ اعتباراً من مطلع العام القادم، علماً أن التجهيزات مؤمنة في ظل وجود المحطات، مضيفاً، إذا اتخذ القرار في موقع معين سيكون جاهزاً لتأمين الخدمة في غضون الشهر».
وقال: «كلفة المشروع على عاتق الجمعية، بحيث تتجاوز الـ100 مليون ليرة، مقابل اشتراكات يتم تحصيلها تقدم من خلالها الخدمة، ليصار إلى استفادة شريحة كبيرة من الطلاب».
حديث مدير الجمعية السورية للمعلوماتية أعلاه يبين جاهزية الجمعية لتأمين الخدمة في المواقع الجامعية التي سيتم اعتمادها، على نفقتها دون تحميل الجامعات أو المدن الجامعية هذه التكاليف، وهو أمر جيد وإيجابي من كل بد، مقابل تعرفة شهرية متوقعة تقدر بـ10 آلاف ليرة من كل طالب سيستفيد من هذه الخدمة!
لكن مبلغ 10 آلاف ليرة شهرياً من كل طالب تعني أكثر من 100 ألف ليرة سنوياً، وهو مبلغ كبير يصعب على الغالبية المفقرة من الطلاب تحمله!
تجاهل الوضع المعيشي الصعب للغالبية المفقرة!
على الرغم من أهمية الخدمة وضرورتها من أجل التحصيل العلمي للطلاب، إلا أن وصف الاشتراك الشهري بمبلغ 10 آلاف ليرة من كل طالب سيستفيد من الخدمة بـ»المقبول» يتجاهل الوضع المعيشي الصعب الذي تعاني منه أغلبية الأسر السورية، والذي ينعكس على الطالب من كل بد!
فغالبية الطلاب الجامعيين من المفقرين ومعدمي الحال مع أسرهم، وكل نفقة أو تكلفة إضافية تشكل عبئاً عليهم، فكيف بتكلفة إضافية تتجاوز 100 ألف ليرة سنوياً!؟
فمن أين لهؤلاء تأمين هذه التكلفة في ظل واقعهم الاقتصادي والمعيشي المزري؟!
منشآت الخمس نجوم مع إنترنت... بلا كهرباء ولا ماء ولا تدفئة!
بغض النظر عن التكلفة الشهرية الكبيرة، والواقع الاقتصادي والمعيشي السيّء للطلاب، فلا شك أن المشروع المزمع خطوة إيجابية، فما أشد حاجة الطالب في الوقت الحالي لخدمة الإنترنت، خاصة في العملية التعليمة ومع الانفتاح الرقمي والتكنولوجي الكبير الذي يشهده العالم.
لكن نحن نتحدث هنا عن منشآت جامعية ووحدات سكن جامعي متهاوية فقدت كل معايير جودة الخدمات فيها!
اعتباراً من غياب النظافة، مروراً بالأعطال في الأبنية وشبكات الصرف الصحي والمياه فيها، وصولاً إلى غياب التيار الكهربائي، تارة بحجة التقنين وأخرى نتيجة الأعطال في الشبكة والقواطع، وليس انتهاء بغياب التغطية للاتصالات الخليوية، بما في ذلك خدمة باقات الإنترنت المكلفة التي تقدمها شركات الخليوي!
وفي ظل هذه البنية التحتية المتهتكة من غير المضمون أن تكون خدمة الانترنت الجديدة بأحسن حال منها!
وبالتالي سيكون مصير الاشتراك بالخدمة المأجورة الجديدة كحال كل الرسوم المقتطعة من جيوب الطلاب على غيرها من الخدمات الخلبية بالنتيجة، على حسابهم مع استمرار ترديها وسوئها، أي خسارة مركبة من جيوبهم!
حسابات الأرباح بالأرقام!
كلفة المشروع المقدرة بـ100 مليون ليرة بحسب حديث مدير الجمعية، مقابل تعرفة شهرية من كل طالب بمبلغ 10 آلاف ليرة، تعني أن تكلفة المشروع كرأسمال تشغيلي ستتم استعادتها كاملة مقابل تحصيل مبالغ 10 آلاف اشتراك فقط!
وبحال الحديث مثلاً عن دورة رأسمال لمدة سنة مالية فقط فإن ذلك يعني أنه يكفي أن يتم اشتراك 833 طالباً بالخدمة كي يتم استعادة رأس المال ككلفة تشغيلية، وكل ما يزيد عن ذلك ستكون أرباحاً صافية سنوية على حساب الطلاب!
ولكم أن تحسبوا كم عدد الطلاب المستهدفين كشريحة للاستفادة من الخدمة المزمعة داخل المدن الجامعية وداخل المنشآت التعليمية للجامعات من أصل أكثر من مليون طالب جامعي مسجل بمختلف الجامعات وسني الدراسة فيها؟
فنسبة 1% من الطلاب المسجلين بالجامعات فقط كشريحة مستهدفة بالحد الأدنى من الخدمة تعني 10 آلاف طالب، أي 10 آلاف اشتراك شهري، وهو ما يعادل 100 مليون ليرة شهرياً، أي أكثر من مليار ليرة سنوياً!
فهل المشروع خدمي لمصلحة الطلاب فعلاً، ام استثماري ربحي على حسابهم؟!
المليارات من جيوب الطلاب سنوياً دون عائد إيجابي لمصلحتهم!
المشروع الخدمي الجديد أعلاه بأرقامه ومبالغه المليارية، المخصص للطلاب وباسمهم، على الرغم من أهميته وضرورته، يذكرنا بأشباهه من المشاريع المخصصة باسم هؤلاء، مع مبالغها المرقومة المجباة من جيوبهم!
فالسكن الجامعي أصبح مكلفاً لقاء 88 ألف ليرة سنوياً، أي ما يزيد عن 11 ألف ليرة شهرياً، وبواقع ازدحام شديد في كل غرفة، بواقع أكثر من 5 طلاب في كل منها ويصل أحياناً إلى 10 طلاب، مع تردي وسوء الخدمات فيها طبعاً، وبحيث أصبح هذا المبلغ مقارب لبدلات الإيجار التي يتم تقاضيها من قبل أصحاب البيوت في محيط الأبنية الجامعية، والتي يضاف إليها هوامش الأرباح التي يتم تقاضيها من قبل مستثمري بعض أكشاك ومحال الخدمات فيها على حسابهم أيضاً، استغلالاً وفساداً، وكل ذلك بعد أن تم اعتبار المدن الجامعية هيئات مستقلة مالياً وإدارياً، وتمويلها ذاتي، أي على حساب الطلاب!
ورسم الطابع الذي تم إقراره باسم صندوق التسليف الطلابي ولحسابه، بواقع 1000 ليرة لقاء كل ورقة يحتاجها الطالب خلال مسيرته التعليمية، والتي تحصد المليارات سنوياً من جيوبهم، مع عدم ضمان الاستفادة منها!
للمشروع الملياري الأخير المزمع أيضاً باسم تقديم خدمة الإنترنت للطلاب، مع عدم ضمان جودة الخدمة وديمومتها!
ولا يغيب عن الذهن نظام التعليم الموازي المأجور الذي بات يكلّف مئات الآلاف سنوياً على كل طالب، والذي تزيد حصته العددية سنوياً على حساب الحصة العددية للتعليم المجاني!
كل هذه المشاريع صبغتها ريعية وتتم على حساب الطلاب وباسمهم، تكريساً لتغييب دور الدولة عن مهامها وواجباتها، مع تكريس عوامل استنفاذ إمكانات الطلاب وذويهم، في ضرب لمفهوم الرمزية ومجانية التعليم، وخاصة للشريحة الأوسع من الغالبية المفقرة!
وبعد كل ذلك يُسجّل المزيد من التراجع في العملية التعليمية، على حساب مصلحة الطلاب ومستقبلهم، كما على حساب المصلحة الوطنية بالمحصلة!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1149