أزمة غاز مفتعلة بلا صخب!

أزمة غاز مفتعلة بلا صخب!

على الرغم من الوعود الرسمية بشأن تخفيض مدة استلام أسطوانات الغاز المنزلي إلا أن الواقع العملي يقول عكس ذلك، فقد زادت المدة الفاصلة بين موعدي استلام لتصل إلى حدود 4 أشهر تقريباً!

الوعود المقطوعة، وتكراراها، تشير إلى توفر المادة، بل وزيادة كمياتها، وبالتالي هذا ما يتيح إمكانية تقليص مدة الاستلام، فما هي الأسباب التي أدت إلى زيادة المدة بدلاً من تخفيضها؟

شهادات!

أحد المواطنين قال، استلمت أسطوانة الغاز بتاريخ 14/6/2023 ومن المفترض أن أستلم الأسطوانة التالية، بحال كانت الفترة 3 أشهر، بتاريخ 14/9/2023، لكن وحتى الآن بتاريخ 8/10/2023 لم تصلني رسالة الاستلام، أي وحتى تاريخه مضى 116 يوماً ولم تصل الرسالة الموعودة!
أحد موزعي الغاز في دمشق أكد أن هناك مشكلة بزيادة المدة بدليل مراجعة الكثير من المواطنين وأصحاب الفعاليات الاقتصادية في منطقته، وقال إن المشكلة ليست عند الموزعين ولا هم سببها، بل عند شركة محروقات ولجنة محروقات دمشق، وهم بدورهم مستغربون من زيادة المدة الفاصلة بين مواعيد استلام الأسطوانات، سواء للمنزلي أو الصناعي، حيث تقلصت الكميات المستلمة والموزعة من قبلهم خلال الفترة الأخيرة دون سبب واضح!

ذرائع مستهلكة تسقط الوعود!

الذرائع القديمة المستجدة لتبرير ما يجري هي آليات عمل معامل ووحدات تعبئة الغاز وما تستلمه من كميات من الغاز وما هو متاح في مستودعاتها، وبالتالي قدرتها على تعبئة أعداد محددة من الأسطوانات يومياً، بالإضافة إلى عمليات الصيانة لهذه الوحدات وللأسطوانات بنفس الوقت، كعامل زمني يؤخذ بعين الاعتبار، يضاف إلى ذلك تجيير جزء من المشكلة إلى الموزعين بشأن أسطوانات الغاز الفارغة لديهم والجاهزة للاستبدال من الناحية الفنية!
بمطلق الأحوال فإن هذا الواقع وذرائعه يسقط الوعود المقطوعة التي تحدثت عن تقليص مدة الاستلام إلى 50 يوماً، وما على المواطن إلا اللجوء إلى السوق السوداء لتأمين حاجته من الغاز المنزلي بسبب زيادة المدة الفاصلة بين موعدَي الاستلام!

السوق السوداء لم تتأثر!

ما يفقأ العين أن السوق السوداء لم تتأثر بواقع نقص الكميات الموزعة بدليل استمرار توفر المادة فيها بالكميات الكافية!
لكن الجديد أن سعر أسطوانة الغاز المنزلي ارتفعت في السوق السوداء لتصل إلى 200 ألف ليرة، وذلك استغلالاً للحاجة إلى أبعد الحدود، بعد أن كان سعرها بحدود 100-125 ألف ليرة!
ومع قدوم فصل الشتاء، وبحال عدم حل مشكلة المدة الفاصلة بين موعدي الاستلام وبقائها على النحو الذي وصلت إليه بحدود 4 أشهر، فإن هذا السعر قد يرتفع أكثر من ذلك خلال الأشهر القادمة!

أزمة مفتعلة!

المؤشرات تقول إن المادة متوفرة وبكميات أكبر مما سبق ما أتاح لبعض المسؤولين بإطلاق الوعود عن تخفيض مدة الاستلام، لكن مع واقع زيادة المدة بدلاً من تخفيضها فإن الأزمة الحالية تبدو كأنها مفتعلة لتحقيق هدفين:
الهدف الأول هو مزيد من تخفيض الدعم من خلال زيادة المدة الفاصلة بين موعدي استلام، فقد تم تقليص مخصصات الأسرة السنوية من 4 أسطوانات الى 3 أسطوانات فقط، ما يعني تقليصاً إضافياً غير معلن على الدعم!
والهدف الثاني هو استمرار تشغيل شبكات السوق السوداء، مع زيادة معدلات استغلالها ونهبها من خلال السعر الذي تفرضه على المحتاجين، مع فتح سقوف عوامل الاستغلال السعري بسب تباعد الفترة الفاصلة بين موعدي الاستلام!
وبهذا الصدد تجدر الإشارة إلى ما ورد بقاسيون بتاريخ 17/9/2023 في مادة تحت عنوان « توزيع الغاز المنزلي لأكثر من 90 يوماً.. رغم تكرار وعود تخفيض المدة!»، كما يلي: «على ذلك، فإن المشكلة الفعلية تبدو لا علاقة لها بالكم المتاح من الغاز المنزلي بما يلبي الحاجات الفعلية للمواطنين، بدليل إمكانية الحصول على الغاز المنزلي من السوق السوداء، ومهما كان الكم، بل بكيفية إدارة هذا الملف بعيداً عن أوجه النهب والفساد، والأهم، بعيداً عن سياسات وآليات تخفيض الدعم الجائرة!»
وبعد كل ما سبق نتساءل، هل ما يجري هو مقدمة لتبرير فرض زيادة سعرية على الغاز المنزلي، كشكل مباشر من إجراءات تخفيض الدعم الجائرة المطبقة، بكل هدوء وبلا صخب؟!

على الهامش.. أزمة مستجدة على الخبز أيضاً!

الملاحظ خلال الفترة الأخيرة أن هناك مشكلة مستجدة بالحصول على رغيف الخبز من بعض الأفران التموينية العامة والخاصة في دمشق!
فعلى الرغم من الآليات الذكية التي تم ابتداعها خلال السنوات السابقة بشأن رغيف الخبز، والمخصصات المسقوفة للأسر بحسب تعداد أفرادها، وصولاً إلى البرنامج الأسبوعي الذي فرض على المواطنين أن يحفظوه وإلا فقدوا مستحقاتهم، وجميعها إجراءات تصب في خانة تخفيض الدعم المباشر وغير المباشر على رغيف الخبز، فقد ظهرت مجدداً مشكلة الازدحام على بعض الأفران بشكل متزايد مؤخراً!
فبحسب بعض المواطنين فقد تكررت الإغلاقات المبكرة لبعض المخابز بذريعة انتهاء مخصصاتها اليومية من الطحين، مع العلم أن هذه المخصصات لم يتم الحديث عن تخفيضها أو تقليصها بشكل رسمي، ما يعني بالنتيجة، وبعد طول انتظار هؤلاء في الطابور، اضطرارهم للجوء إلى مخابز أخرى بعيدة عنهم جغرافياً، وذلك كي يتمكنوا من الحصول على مخصصاتهم من الخبز التمويني، أو الاضطرار للجوء إلى شبكات البيع بمحيط الأفران لشراء الخبز بالسعر الذي يفرضونه!
فقد وصل سعر ربطة الخبز في محيط الأفران عبر شبكات السوق السوداء إلى أكثر من 3000 ليرة، وفي بعض الأحيان يصل سعرها إلى 5000 ليرة، وذلك بحسب المكان والوقت، استغلالاً لحاجة المواطنين!
المشكلة الحالية على رغيف الخبز ربما تكون محصورة في بعض المخابز فقط، لكنها تتزايد وقد تصل إلى أزمة معممة لن تكون نتيجتها إلا فرض زيادة على سعر ربطة الخبز التمويني المدعوم تبريراً لحل الأزمة كالعادة، ولتمرير المزيد من تخفيض الدعم عليه بالمحصلة!
فهذا السيناريو المتبع عادة بشكل رسمي لتحقيق هدف تقليص الدعم، والمزيد منه وصولاً إلى إنهائه، ولتشغيل شبكات السوق السوداء التي تستغل حاجة المواطنين!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1143
آخر تعديل على الجمعة, 20 تشرين1/أكتوير 2023 18:45