خلال 24 يوماً خسرت الليرة 53,76% من قيمتها أمام الدولار رسمياً!
سمير علي سمير علي

خلال 24 يوماً خسرت الليرة 53,76% من قيمتها أمام الدولار رسمياً!

تم تحديد سعر صرف الدولار مقابل الليرة بموجب نشرة الحوالات والصرافة الصادرة عن المصرف المركزي بتاريخ 26/2/2023 بمبلغ 7100 ليرة.

وكان المصرف قد أصدر قراراً بتاريخ 1/2/2023 تضمن إصدار (نشرة الحوالات والصرافة لشراء القطع الأجنبي نقداً من الأشخاص الطبيعيين، عن طريق شركات الصرافة والمصارف العامة المرخص لها التعامل بالقطع الأجنبي، وشراء الحوالات الخارجية التجارية والحوالات الواردة للأشخاص الطبيعيين والحوالات الواردة عبر شبكات التحويل العالمية- نشرة المصارف).

وفي أول نشرة للحوالات والصرافة تنفيذاً للقرار أعلاه، والصادرة بتاريخ 2/2/2023، تم تحديد سعر صرف الدولار مقابل الليرة بـ 6650 ليرة، بعد أن كان محدداً بـ 4522 ليرة، في تخفيض لقيمة الليرة في حينه مقابل الدولار، بنسبة وقدرها 47% رسمياً.

إن الزيادة في سعر صرف الدولار، اعتباراً من النشرة الرسمية الأولى بتاريخ 2/2/2023 وحتى النشرة الاخيرة بتاريخ 26/2/2023 كانت 450 ليرة، وهو ما يمثل خسارة إضافية بقيمة الليرة مقابل الدولار بنسبة 6,76%، لتضاف إلى الخسارة السابقة أعلاه، ولتصبح خسارة الليرة أمام الدولار، خلال مدة 24 يوماً فقط، بنسبة 53,76%!

الخسارة الرسمية أعلاه بقيمة الليرة مقابل الدولار، تقابلها خسارة أعلى في أسعار السوق الموازي غير الرسمي، وتقابلها خسارة أعلى وأعلى بقيمة الليرة الشرائية، وهو ما يعني ويهم المواطنين على مستوى معيشتهم وخدماتهم بالنتيجة!
وبهذا الصدد، ربما من الهام التذكير بما صرح به مدير مديرية العمليات المصرفية لدى مصرف سورية المركزي، تبريراً لقرار المصرف بحينه، حيث قال: «قرار المصرف المركزي بإصدار نشرة خاصة بالحوالات والصرافة، وتحديد سعر الصرف بـ 6650 ليرة، موجه لمن يتلقى الحوالات الخارجية، وله أثر إيجابي بغرض دعم القوة الشرائية للمواطنين»!

فإذا اعتبرنا أن الشق الأول من التبرير أعلاه قد تحقق بشكل نسبي لمن يتلقى الحوالات الخارجية، فإن الشق الثاني المتمثل بالأثر الإيجابي بغرض دعم القوة الشرائية للمواطنين لم يتحقق، بل كان أثره سلبياً، وكبيراً جداً!
فعلى الرغم من استقطاب المركزي لبعض الحوالات الخارجية خلال الفترة الماضية، إلا أن التنافس مع السوق الموازي على هذا الاستقطاب ما زال قائماً، وما زال لمصلحة السوق الموازي، وعلى حساب قيمة الليرة.

وقد سبق أن أشرنا إلى أن التنافس بين المركزي والموازي، والانتقال من عتبة سعرية لليرة مقابل الدولار، إلى عتبة سعرية أعلى بغاية استقطاب القطع، سيتم حصاد نتائجه السلبية على حساب المواطن والاقتصاد الوطني.

فمن المفروغ منه، أن تخفيض قيمة الليرة بظل استمرار تراجع الإنتاج، وبظل استمرار معدلات التضخم بالارتفاع، يعني المزيد من انخفاض الطلب وتراجع المبيعات، وكذلك يعني العزوف عن الاستثمار، ويعني المزيد من تراجع الإنتاج، أي المزيد من التضخم، والتراجع الاقتصادي عموماً، في حلقة مفرغة وكارثية بنتائجها الملموسة والمستمرة!

وهذه النتائج السلبية الكثيرة، والكارثية على مستوى معيشة المواطنين بالدرجة الأولى، قد يتحملها المصرف المركزي جزئياً، لكن تتحملها الحكومة مجتمعة، بسياساتها وتوجهاتها، كلياً، وهو ما أشرنا إليه مراراً وتكراراً، بأن المصرف المركزي عاجز منفرداً عن إصلاح ما أفسدته جملة السياسات الليبرالية المتبعة، بما في ذلك السياسات النقدية نفسها!

فبظل واقعنا الاقتصادي، الضعيف والمشوه، المهيمن عليه من قبل قوى المال والنهب والفساد غير المنتجة، والمحمية بالسياسات الليبرالية الأكثر تشوهاً وقبحاً، لا حلول اقتصادية يمكن التعويل عليها، بل لا بد من حل سياسي ينهي كل السياسات الفاسدة التي تستفيد منها هذه القوى، وتسخرها لمصلحتها على حساب مصالح المواطنين، كما على حساب الاقتصاد الوطني والمصلحة الوطنية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1111