ليس بالخبز وحده يعيش العمال

ليس بالخبز وحده يعيش العمال

كل عام في مثل هذه الأوقات تُسطر مئات المقالات في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة متحدثةً عن الأول من أيار باعتباره يوماً عظيماً من أيام الكفاح والبطولة التي أبداها، ويبديها العمال في سياق مواجهتهم لقوى الرأس مال المتوحش التي تغتني بفقرهم الناتج عن النهب الواسع لحقوقهم وعرقهم.

 وتقييد حرياتهم النقابية، والديمقراطية، التي تمكنهم من مواجهة مستغليهم الذين يتمتعون بكامل حريتهم في تعزيز الاستغلال المدعوم بالقوانين وانحياز الحكومات التي تشرعن آليات النهب والاستغلال والقمع في مواجهة عمال ليس لديهم من سلاح يدافعون به عن حقوقهم سوى وحدة قواهم، وتضامنهم مستخدمين حقهم المشروع «الإضراب والتظاهر» الذي انتزعوه انتزاعاً مقدمين من أجله الشهداء.

في تقرير لإحدى الصحف الأجنبية أن عدد الأثرياء في العالم خلال عقد من الزمن«1085» مليارديراً منهم 67 ثرياً يملكون ما يملكه3,5 مليار فقير في العالم، هذه الأرقام تكشف الجرائم الفظيعة التي صنعتها الليبرالية الجديدة بحق الشعوب، ومنها العمال، خاصةً في دول الأطراف، حيث جرى نقل الكثير من الصناعات إليها بسبب رخص قوة العمل، وإعفاءات ضريبية واسعة، وقوانين وتشريعات تحمي الاستثمارات، وإجراءات قامعة لتحركات العمال دفاعاً عن حقوقهم ومطالبهم.

ولمواجهة هذا المشهد الذي صنعته الليبرالية الجديدة لابد للعمال من التحرك، والحركة تعني المواجهة المباشرة بين النقيضين التاريخيين قوة العمل ورأس المال، ولكل منهما سلاحه الذي يرى فيه القدرة على مواجهة الطرف الآخر، العمال سلاحهم الإضراب، والإضراب يعني تكليف العدو الطبقي خسائر حقيقية بالمعنى الاقتصادي، والسياسي، ويجعل تطويره باتجاه مطالب أخرى تشكل جوهر الصراع بين من يملك ومن لا يملك، «إعادة توزيع الثروة» ممكنة وحقيقية إذا ما توفر العامل الذاتي الذي يعترف العمال به كممثل لمصالحهم.

 الطبقة العاملة السورية أيضاً خاضت العديد من المعارك، منذ أن كان عودها طرياً، حيث تصلب في غمرة الكفاح والنضال من أجل ثماني ساعات عمل، زيادة الأجور، تأسيس نقاباتها المستقلة، وهذا لم يكن ليتحقق بدون إرادة المواجهة التي استندت إلى موقف جذري، أكسبها خبرة المقاومة، وكيفية الدفاع عن حقوقها، ومنها حقها في التظاهر بالأول من أيار الذي مارسته بأشكال مختلفة، من المظاهرات «الطيّارة» إلى الاحتفال بشكل علني تبعاً للظرف السياسي السائد.

أخيراً نقول للعمال، وعيدهم على الأبواب: بأن الفقر والجوع واستمرار النهب لن ينتهي إلا بإنهاء السياسات الليبرالية، وإقامة نموذج اقتصادي جديد شعاره «أعمق عدالة اجتماعية لأعلى نمو اقتصادي». 

عاش الأول من أيار.. عاشت الطبقة العاملة السورية