مسلسل الـ «لف والدوران» الحكومي مستمر.. والبدائل مكلفة
في أواخر العام الماضي 2021 تراجع إنتاج الطاقة الكهربائية في سورية عامةً لأقل من 2000 ميغا بحسب التصريحات الرسمية لوزارة الكهرباء، بعد أن كان بحدود 2400 ميغا، وذلك بالتوازي مع الإعلان عن خروج بعض محطات التوليد عن الخدمة، وبسبب الأعطال التي طالت غيرها من المحطات المُنتجة.
وعلى الرغم من عودة المحطات التي توقفت إلى الخدمة بعد ذلك، والحديث عن الصيانات الدورية للمحطات الأخرى، ناهيك عن وعود التحسن بالكهرباء، إلا أن واقع الإنتاج استمر على حاله من التراجع دون عتبة 2000 ميغا حتى بداية العام الحالي، حيث وصل إلى 1900 ميغا.
«تقنين عشوائي» بازدياد...
ضمن فعاليات مرحلة «الخسارة الكُلية لما يسمى بالكهرباء» التي يشهدها اليوم المواطن وضمن فعاليات العجز الحكومي- يختلف عدد ساعات التقنين العشوائي بين محافظة وأخرى- بل بين المنطقة وأخرى في المحافظة نفسها، حيث وصل مجموع ساعات الوصل لساعتين فقط من الـ 24 ساعة في الأرياف بالمجمل تحت حجج وذرائع حكومية مُلقاة على عاتق نقص إمدادات مادتي الغاز والفيول كالعادة. وما حدث في محافظة حمص مثال على ذلك، حيث أشار مدير عام شركة كهرباء حمص بتاريخ 8 حزيران «إلى انخفاض مخصصات المحافظة من الكهرباء إلى أقل من 100 ميغا واط، نظراً لانخفاض كميات توليد الكهربائي».
والحجة أعلاه كانت ذريعة لتطبيق برنامج التقنين الفظ المُطبق حالياً في محافظة حمص بمعدل 7 ساعات قطع مقابل ساعة واحدة فقط وصل، أي ما يعادل 21 ساعة قطع مقابل 3 ساعات وصل!! والغريب هو تصريح مدير عام شركة كهرباء حمص بتاريخ 7 حزيران، أي قبل يومين من تطبيق برنامج التقنين الجديد، أكد مدير العام لجريدة الوطن «عن تعرض الشبكة الكهربائية في المحافظة للسرقة بشكل يومي»، مضيفاً «أن حجم الأضرار التي تعرضت لها الشبكة الكهربائية في المحافظة كبير جداً وهذا ما يسبب انقطاع التيار الكهربائي عن مئات المنازل السكنية وآلاف المواطنين لأيام متتالية».
فالسؤال هنا، ما هو سبب السبب الحقيقي لتبخر التيار الكهربائي في محافظة حمص، السرقة أم انخفاض التوريدات؟
وطبعاً مع كل تلك التبريرات والذرائع لم ينب المواطن إلا المزيد من المعاناة بسبب زيادة في ساعات التقنين على مدار العام الماضي كاملاً وصولاً إلى الآن، دون الإحساس بمعاناته، ودون إيجاد حل حقيقي لأزمة الطاقة الكهربائية المستفحلة، سوى بعض «التصريحات» التي لم تعد تجدي نفعاً مع أحد.
فالتذمر يشتد ويتزايد، من سوء الأوضاع المعيشية ككل عموماً، ومن واقع الكهرباء المُزري خصوصاً، وتحديداً، أننا قد دخلنا بأولى الموجات الحارّة للصيف، ولم يتبق أمام المواطن إلّا البحث عن بدائل أكثر ديمومة من البطاريات والليدات، والتي تعتبر الطاقة الشمسية إحداها، لكنها مكلفة وفوق المقدرة.
مشاريع ووعود على الورق
وعدت وزارة الكهرباء المواطنين في نهاية العام الماضي بأنهم سيشهدون في العام الحالي «2022» تحسناً كبيراً بواقع الكهرباء من خلال عدّة مشاريع يجري تنفيذها في العديد من المحافظات، من صيانة محطات التوليد وتنفيذ محطات جديدة ومحطات الطاقة الشمسية.. إلخ.
اليوم، وبعد دخولنا في النصف الثاني من السنة، المليئة بالكهرباء المُنتجة بحسب تلك الوعود الحكومية، لم يتحسن الواقع المُزري للكهرباء بل زاد سوءاً، حيث باتت كل تلك المشاريع والوعود الحكومية حلقة جديدة من إحدى حلقات المسلسل الحكومي الخاص بـ«اللف والدوران» على المواطن.
فآخر التصريحات الرسمية، أن إجمالي الطاقة الكهربائية المولدة حالياً أصبح 1500 ميغا فقط. وما على المواطنين إلا التغني والتحسر على ما كان عليه بؤسهم عندما كان الإنتاج 2400 أو 1900 ميغا! مضطرين للبحث عن البدائل!
وبالنظر لجميع تلك التصريحات بخصوص انعدام التيار الكهربائي في أغلب المناطق السورية عموماً، هل الحكومة حقاً تواجه نقصاً في إمداد الفيول والغاز؟ أم إنها تتبع مسلسلها «اللف والدوران» على المواطن لتُخفي عجزها الحقيقي بتأمين ما يُسمى بـ «عصب الحياة»؟؟!!
الطاقة البديلة «الشمسية»
أصبحت كيفية تأمين مصدر بديل لتوفير الطاقة الكهربائية تشغل بال وفكر المواطنين، ولهذا أصبحت الطاقة الشمسية هي الحل الأمثل لبعضهم في وسط العجز الحكومي.
وقد رصدنا التكلفة الإجمالية التقريبية لمنظومة الطاقة الشمسية للمنازل في دمشق، والمؤلفة من (ألواح الطاقة الشمسية- كبلات- بطاريات- انفرتر- قاعدة لحمل الألواح- وأخيراً دارة التحويل).
تختلف تكلفة الألواح بين نوعين بحسب المحال «أحادية وكريستالات»، ويعتبر سعر الألواح الأحادية مرتفع جداً مقارنةً مع ألواح الكريستالات.
وبعيداً عن التفاصيل الدقيقة، وتفاوت الأسعار بين تاجر وآخر، فإن النظام الثاني «2,5 ك ف، أي 2,5 كيلو فولط في الساعة» هو الحل المتوسط والمناسب لتشغيل (البرادات أو الفريزرات أو المكيفات.. إلخ) كلاً على حدة، مع الإضاءة المنزلية العادية (النيون الليد)، وشواحن الأجهزة الذكية، بحيث قد تصل تكلفته لحوالي 9 مليون ليرة.
ويعد النظام الثالث «5 ك ف في الساعة» هو الأفضل والأغلى، لأنها ذات الاستهلاك العالي والشامل للمنازل، بحيث تصل تكلفته من 15 مليون إلى 20 مليون ليرة، حسب حجم النهب والسرقة على حساب جيب المواطن.
بالمحصلة، فإن جملة «بدنا نركب طاقة شمسية» قد تكلف المواطن المعدوم ملايين الليرات، فحتى وإن كان لدى هذه الأسر أبناء خارج البلاد، فقد باتت التكلفة الباهظة تشكل عائقاً كبيراً، وتحتاج لدراسة و«ورقة وقلم» ليستطيع هؤلاء المساعدة.
ففي النهاية حتى الحوالات الخارجية لا تكفي لتلك التكاليف المرتفعة جداً المفروضة على المواطن المسحوق، والمحتاج في نفس الوقت لكي يتنعم بذاك الاختراع الذي يسمى «الكهرباء».
مشاهدة ممتعة؟!
في ظل الزيادة الحادة لساعات التقنين والعشوائية فيها، وارتفاع فواتير الكهرباء، رغم أنها غير موجودة، وعدم وجود حلول حقيقية إلّا عبر حلقات المسلسل الحكومي المُتبع بالـ «لف ودوران» على المواطن، وتزامناً مع قدوم الصيف وموجات الحر الشديد، والحلم في شرب كأس ماء بارد، والارتفاع بأسعار مكعبات الثلج «المُطعمة» أيضاً، ومع حلول تركيب ألواح الطاقة الشمسية دون توفر المال لفعل ذلك، وبالإضافةً إلى صعوبات تأمين لقمة العيش في ظل الظروف الاقتصادية المعيشية المتردية والغلاء الفاحش، و..
بعد كل ذلك تجلس الحكومة بأفرادها على كراسيها مستمتعة بمشاهدة معاناة المواطنين دون تحريك ساكن، بل مع كل تحرك وتصريح يتردى الوضع للأسوأ.
فهل سنضطر إلى مطالبة الحكومة بعدم التحرك، وهل من بؤس أشد من ذلك؟!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1074