900% نسبة الزيادة على اللصيقة القضائية
عادل إبراهيم عادل إبراهيم

900% نسبة الزيادة على اللصيقة القضائية

ارتفعت قيمة اللصيقة القضائية عشرة أضعاف دفعة واحدة، من 200 ليرة إلى 2000 ليرة، أي بنسبة زيادة قدرها 900%، كأسرع وأعلى نسبة زيادة تقرها الحكومة من جيوب العباد.

فقد قال وزير العدل في تصريح عقب جلسة مجلس الوزراء المنعقدة بتاريخ7/6/2022 إن: «وزارة العدل تقدمت بعدة مشاريع قوانين من شأنها تحسين الوضع المعيشي للقضاة، حيث تم طرح مجموعة المشاريع على مجلس الوزراء وكان هناك مناقشة كبيرة وأهمها زيادة اللصيقة القضائية التي كانت عبارة عن 200 ليرة سورية لتصبح ألفي ليرة سورية وزيادة طبيعة العمل القضائي بنسبة جيدة جداً تحقق تحسناً واضحاً وملموساً في معيشة القضاة، وذلك لما للعمل القضائي من أهمية، وتعزيز وضع وحصانة القاضي»، وذلك بحسب صفحة الحكومة الرسمية في التاريخ أعلاه.

الأجر المُغيب

ما تم طرحه كعنوان عريض أعلاه هو «تحسين الوضع المعيشي للقضاة»، وذلك «لما للعمل القضائي من أهمية وتعزيز وضع وحصانة القاضي»، من خلال مجموعة من المشاريع التي تقدمت بها وزارة العدل.
لكن ما تم إقراره بالنتيجة، وبسرعة فائقة، هو زيادة قيمة اللصيقة القضائية فقط، بينما زيادة طبيعة العمل لم يتم إقرارها على ما يبدو، وبقيت عبارة عن مشروع «بنسبة جيدة جداً»، ودون تحديد هذه النسبة أيضاً.
أما الغائب عن اقتراح الوزارة بما يتعلق بتحسين الوضع المعيشي للقضاة فقد كان الأجر نفسه باعتباره الأساس في معادلة تكاليف المعيشة، بينما تعتبر طبيعة العمل والتعويضات وغيرها، بما في ذلك العائدات من قيمة اللصيقة، من متممات الأجر، ولا يمكن بحال أن تحل محله في هذه المعادلة.

العدالة المأجورة من السلطة التنفيذية ومن جيوب العباد

من واجب الدولة ومسؤوليتها أن تحسن من أوضاع المواطنين عموماً، وعلى كافة المستويات، بما في ذلك المستوى المعيشي وهو الأهم، لكن ما جرى ويجري حكومياً هو تغييب مسؤوليات وواجبات الدولة، وبالتالي مسؤوليات الحكومة وواجباتها، وتحميل المواطنين أعباء هذه المسؤوليات، وإنهاء كل ما هو متوجب على الدولة والحكومة.
فمن مسؤوليات الدولة أن تخصص رواتب مجزية للقضاة، لكن في ظل العجز الحكومي، والتذرع بضعف وقلة الموارد، جرى إبداع اللصيقة القضائية لترميم أجر القضاة.
فاستقلالية السلطة القضائية لم يتم تجاوزها على مستوى تحكم السلطة التنفيذية بأجور القضاة فقط، بل تعدت ذلك بالاضطرار إلى اللجوء لمثل هذه البدع لترميم جزء من فجوة الاحتياجات المعيشية للقضاة من جيوب المتخاصمين من المواطنين أمام السلطة القضائية بحثاً عن العدالة أيضاً، وهي غير كافية من كل بد!
فمع كل التقدير للسلطة القضائية واستقلالها، لا ندري كيف لقاضٍ جائع مثلاً أن يكون عادلاً بين المتقاضين أمامه، في ظل استمرار هذا النمط من تعامل السلطة التنفيذية معها؟!

رأي مختص

المحامي عارف الشعال، وعبر صفحته الشخصية، قال: «في الحقيقة رفع قيمة اللصيقة القضائية من 200 إلى 2000 ليرة سورية أمر منطقي بالنظر للانخفاض الحاد في قيمة العملة، ولكنه لن يؤدي إلى تحسين وضع القضاة كما ينبغي، لأن اللصيقة كانت تعادل 4 دولارات، وبعد رفع قيمتها ستعادل نصف دولار! الحل الناجع والفعال لمشكلة رواتب القضاة هو بتطبيق توصيات لجنة إصلاح القضاء التي شُكلت في 17 أيار 2011 عقب اندلاع المظاهرات، وجعل موازنة مستقلة للسلطة القضائية عن موازنة الدولة كما هو حال السلطة التشريعية، بحيث تقوم السلطة القضائية نفسها بتحديد رواتب القضاة ونفقاتها الأخرى وتقتطعها من الموازنة. وهذا الأمر يأتلف مع الدستور الذي يقول إن السلطة القضائية مستقلة. حيث جاء في الصفحة 27 من تقرير اللجنة المذكورة في باب حقوق القضاة المالية: أن يتولّى مجلس القضاء الأعلى تهيئة مشروع الموازنة العامة للسلطة القضائية ويبلغ الحكومة برقم إجمالي أسوة بالسلطة التشريعية».

فأين تحسين الوضع المعيشي للقضاة؟
وأين أهمية العمل القضائي وتعزيز وضع وحصانة القاضي؟
وأين استقلالية السلطة القضائية؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
1074
آخر تعديل على الأحد, 12 حزيران/يونيو 2022 23:55