تخفيض الدعم مسمار في نعش الإنتاج!

تخفيض الدعم مسمار في نعش الإنتاج!

صدر قراران عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك- في السابع عشر من الشهر الحالي- يقضيان برفع أسعار المحروقات غير المدعومة إلى (سعر التكلفة).

فقد رفعت الوزارة سعر البنزين (أوكتان 90) من 2500 إلى 3500 ليرة لليتر الواحد، كما حددت سعر البنزين (أوكتان 95) بـ 4000 ليرة، ارتفاعاً من 3500 ليرة.
كذلك حددت الوزارة سعر ليتر المازوت الصناعي والتجاري بـ 2500 ليرة لليتر الواحد، ارتفاعاً من 1700 ليرة.

النتائج الاقتصادية الكارثية

تترتب- عادة على كل زيادة في أسعار المشتقات النفطية- آثار كبيرة على المجتمع والاقتصاد، وعلى الرغم من التبعات التي سيتم حصاد نتائجها السلبية بما يتعلق بزيادة سعر البنزين، وخاصة على المستوى الخدمي والنقل، والتي ستتم جبايتها بالنهاية من جيوب المواطنين، إلا أننا سنستعرض سريعاً بعض ما يتعلق بالجانب الإنتاجي المرتبط برفع سعر المازوت الصناعي، مع بعض نتائجه وتبعاته كونها أعمق وأكثر كارثية.

أولاً: الصناعة

إن رفع سعر الليتر الواحد من المازوت سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج على الصناعي، وهذا ستكون له آثار داخلية وخارجية.
فعلى صعيد الأسواق الخارجية، سيفقد المنتج السوري قدرته على المنافسة السعرية مع غيره من المنتجات الأخرى في الدول الأخرى، بسبب ارتفاع تكاليف إنتاجه بالمقارنة مع المنتجين الآخرين.
ففي ظل وجود تركيا مثلاً كمنافس إقليمي بمختلف القطاعات الإنتاجية، وأهمها: المنتجات النسيجية، فإن سورية لن تتمكن من البقاء في أسواقها الخارجية كما كانت عليه سابقاً، خصوصاً بعد أن فقدت جزءاً من القدرة على المنافسة على صعيد الجودة خلال السنوات الماضية، الأمر الذي سيؤثر بالنتيجة ليس على المنتجين المحليين فقط، بل وعلى الاقتصاد الوطني عموماً.
فقد يبعد ذلك الاستثمارات عن القطاع الإنتاجي الصناعي محلياً، ليتجه ربما الى القطاع الخدمي، الذي وعلى أهميته، لكنه ليس إنتاجاً حقيقياً يُعتد به اقتصادياً بالمقاييس الوطنية.
وعلى صعيد الأسواق المحلية، فإن المنتج غالباً سيأخذ هذه الزيادة في تكاليف إنتاجه من جيوب المواطن السوري عبر رفع الأسعار محلياً، الأمر الذي سيشكل عبئاً إضافياً على المواطنين، وخاصة ذوي الدخل المحدود، الذين لا يكاد يغطي متوسط أجورهم حالياً سوى نسبة ضئيلة جداً من تكاليف معيشتهم أصلاً، أي مزيد من التردي المعيشي عملياً.

ثانياً: الزراعة

في الثاني عشر من الشهر الحالي اطلع وزير الزراعة- خلال زيارة له إلى عدد من الفلاحين المستفيدين من منحة بذار القمح المقدمة من منظمة «الفاو» العالمية في بلدة تقسيس في ريف حماة الجنوبي الشرقي- على واقع محصول القمح، ووجه بإعلان التسجيل على المازوت الزراعي بسعر التكلفة لحاجة القمح لرية ثانية، وقد كان هذا التوجيه قبل صدور القرار الجديد برفع الأسعار!
وفي ظل ما تعيشه سورية، حيث شهدت في عام 2021 أخفض نسبة لإنتاج القمح منذ 50 عاماً، بسبب القحط وارتفاع أسعار المواد والظروف الاقتصادية السيئة، وذلك بحسب تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) الذي صدر في كانون الأول 2021، وما تم الحديث عنه مجدداً حيال الموسم الحالي، وخاصة ما يتعلق باستمرار مشكلة الجفاف، فإنّ أيّة ضغوط إضافية على الفلاح، سواء مما سبق من أسباب، أو من الكلف الإضافية لعمليات الحصاد والنقل على إثر القرار الجديد، فقد يشكل القشة التي ستقصم ظهر البعير، وتسهم بخسائر إضافية على حساب الفلاحين، وفي القطاع الزراعي عموماً، وبالتالي، تهديد حقيقي للأمن الغذائي للسوريين.
فالأمر وفقاً للسياق الذي تسير عليه السياسات الحكومية بما يتعلق بأسعار المشتقات النفطية، أكبر بكثير من موضوعة تخفيض دعم مستمر ومتتالٍ عليها، فقد بات مسماراً إضافياً في نعش الإنتاج (الصناعي والزراعي والحرفي) الذي تم تجهيزه لوأده به منذ عقود، بل وفي نعش الاقتصاد الوطني والأمن الغذائي للمواطن، والمصلحة الوطنية!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1071
آخر تعديل على الإثنين, 23 أيار 2022 13:41