نهاية العام الدراسي.. والطالب الضحية
ما أشبه اليوم بالأمس، ولكنه شبه يزداد تشوهاً عاماً بعد عام، وما أشبه العام الدراسي- بمواسمه الامتحانية- بغيره من المواسم التي يتم استغلالها واستثمارها من قبل الناهبين وأصحاب المصلحة من المستغلين!
فبالنسبة للعام الدراسي فامتحانات الشهادات العامة هي أهم محطة فيه تنشط فيه الأسواق التعليمية من معاهد ودروس خاصة، وليست الغاية منها طبعاً مصلحة الطلاب أو زيادة كفاءتهم العلمية، ولكن المهم هو الربح أولاً وآخراً، فهي مشاريع ربحية بامتياز.
تعددت الأسباب والانقطاع واحد
أتى شهر رمضان بطقوسه ككل عام، ولكن هذه المرة اقتحم أيام الدوام في المدرسة ليكون ذريعة للطلاب، ولبعض المدراء في المدارس لإنهاء العام الدراسي في وقت مبكر، وما جرى في الواقع أن مدراء المدارس وبعض المعلمين وكثيراً من الأهالي شجعوا الطلاب على الانقطاع في هذه الفترة التي يعتبرها قانون التعليم تسرباً.
فالمؤسسات التعليمية الخاصة واستقطابها غير المشروع في ظل هذه الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالعباد، ومع تردي المستوى التعليمي المرعب في سورية، تجد هذه المؤسسات الربحية فرصة لبسط عروضها وميزاتها على الطلاب، لتستقطب أكبر عدد ممكن منهم للنيل من جيوب ذويهم.
ومن هذه الأسباب إنهاء المناهج قبل انتهاء العام الدراسي بشهر ونصف، ومنهم قبل شهرين ونصف، وهو الأمر الذي يُزهد الطلاب بالحضور لطالما لم يشعر بالحاجة إليه، وهذا ما حصل أيضاً في هذا العام وفي شهر رمضان، لتتضافر الأسباب الداعية إلى انقطاع الطلاب.
فقد حدث أن كثيراً من المعلمين لم يستطيعوا إنهاء المنهاج للأسباب أعلاه وغيرها، حيث داهم الامتحان الترشيحي طلاب الصف التاسع، ومن لم يمتلك القدرة على التسجيل في المعاهد الخاصة فقد حقة بإتمام المنهاج على يد المعلم، فأقلهم قدرة على التعلم هو أقلهم مالاً بالنتيجة!
الدورات المأجورة في المدارس وبوابات الفساد
لا يمكن أن تغلق بوابة في وجه الطلاب أو المعلمين إلا وتفتح بمقابلها بوابة أخرى تتلقفها أيدي الفساد.
فبعد ارتفاع أسعار الدروس الخصوصية بشكل مخيف، وبعد أن فقدت المعاهد الخاصة جدواها بسبب سعيها إلى الربح، وبعد انحدار أجور المعلمين إلى درجة شبه العدم، فُتحت في المدارس دورات لترميم مستوى الطلاب بأسعار رمزية بالنسبة للطلاب، وذلك بموافقة من اتحاد شبيبة الثورة ووحداته ومديريات التربية، وهذا أمر جيد إن تم بوجهه الذي يحرص على مصلحة الطلاب ويحسن مستواهم، ولكن ما جرى عكس ذلك تماماً، فقد أصبحت تُكتب للطلاب أوراق عمل تتضمن أسئلة الامتحان في الصفوف الانتقالية، حيث من يسجل في تلك الجلسات يحصل على درجات عالية في الامتحان، وذلك ليزيد استقطاب أولئك الطلاب!
الدورات المكثفة والجلسات الامتحانية
تنشط المعاهد قبيل الامتحانات بالإعلان عن الجلسات والدورات المكثفة بأسعار فلكية، والمغري بالتسجيل، هو أن الطلاب المسجلين في الجلسات غالباً ما يحصلون على درجات عالية، ربما بسبب تسريب بعض المدرسين لنماذج من بنك الأسئلة المعتمد بالاتفاق مع بعض المعنيين في الوزارة، وهذا الأمر هو أحد ظواهر الفساد المعروفة لدى الكبير والصغير في سورية.
الدروس الخاصة والطالب
من حق المعلم أن يحصل على أجر يسد به رمقه، ولكن بعضهم ركب موجة الاستغلال عبر الدروس الخاصة إذا بلغ رتبة الشهرة، وقد يصل دخل بعضهم إلى مئات الآلاف من الليرات يومياً، وخاصة خلال موسم امتحانات الشهادات.
فقد أصبح أجر الساعة الدرسية ما بين الـ 15 إلى 35 ألف ليرة من كل طالب، حسب شهرة المدرس ومدة الدرس، وهناك من يتقاضى أكثر من ذلك بكثير، وخاصة إن كان الدرس مخصصاً لطالب واحد فقط.
طبعاً كل ما سبق ستكون نتيجته ضعف في مخرجات العملية التعليمية وغاياتها، ولعل من أهم أسباب ما أوصل التعليم إلى هذا الشكل المشوه بالنتيجة هو: النهج التعليمي المتبع من خلال السياسات التعليمية المعمول بها، وخاصة على مستوى تخفيض الإنفاق على التعليم إلى درجة قصوى، وتحديداً ما يتعلق بالأجور، حيث تُرك المعلمون والإداريون ليواجهوا مصاعب الحياة المعيشية، والبعض من هؤلاء وجدوا ملاذاتهم الخاصة على حساب العملية التعليمية ومصلحة الطلاب، بكل أس
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1068