على موسم النمل!

على موسم النمل!

متى سيودع الشعب السوري آلام التجويع والتفقير والبرد والتشرد والظلام والمرض والموت؟ ربما عندما يغير القائمون على أمر البلاد سياسة «موسم النمل»، أو تنال الحياة نفسها من سياسة «موسم النمل».

أما عن موسم النمل، فهو الموسم الذي لا يتحقق، الوعد الذي يطلق في الهواء مجاناً بلا تنفيذ.
وهكذا فخبز السوريين خاضع لسياسة موسم النمل، ماء السوريين وكهربائهم، مازوت السوريين وغازهم، شاي السوريين وقهوتهم، تعليم السوريين وطبابتهم. سندويشة الفلافل والرغيف ذو الجودة السيئة، بيت حزام الفقر وكوخ الريف، أحلام أطفال بلادنا، وذلك الإنسان السوري المطحون. كل ذلك خاضع لسياسة موسم النمل.
«موسم النمل» مصطلح وُلد بين التجار في السوق، وعندما يريد تاجر ما التملص من تعهد أو وعد أو واجب، يقول بملء فمه: انتظرني على موسم النمل. ذاك الموسم الذي لا يحين موعده أبداً.
وقصة «موسم النمل» تشبه في أحد جوانبها «قصة الراعي الكذاب» الذي ينذر أهل القرية عدة مرات عن هجوم كاذب للذئاب على القطيع. وعندما حدث الهجوم الحقيقي للذئاب لم يصدقه أحد!
وهكذا تعمل سياسة موسم النمل على جمع السوريين في حقل تجريب كبير لمشاريع هذه السياسة. فتوعد سياسة موسم النمل جمهور السوريين بـ 200 ليتر مازوت تدفئة، وتحصل كل عائلة على 100 ليتر فقط. وفي العام الذي يليه، يخفضون الكمية إلى 50 ليتر مازوت! ماذا بالنسبة للعام القادم، هل سيخفضون الكمية إلى 25 ليتراً فقط؟
موسم النمل، يُطلق الوعود وينفذ شيئاً آخر، ففي كل عام، يسلب السوريين المزيد من حقوقهم ومكاسبهم مثل قصة مازوت التدفئة. وتعلن قانون الطوارئ على المواد الرئيسية، مثل: الخبز والسكر والشاي والرز والزيت. تخفض مقاعد الدراسة المجانية في الجامعات لصالح زيادة مقاعد الموازي مع امتيازات تشبه تلك الامتيازات التي منحها العثمانيون للرأسمال الأجنبي في القرن التاسع عشر.
على مذبح موسم النمل، يموت السوريون ببطء في خبزهم وطبابتهم وتعليمهم ولقمتهم وكهربائهم وغازهم جوعاً وبرداً ومرضاً وتفقيراً وذلاً.
ولكن لم يخطر في بال هؤلاء أن السوريين قد يباشرون حصاد النمل في المستقبل ويصنعون موسماً حقيقياً بديلاً للبلاد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1036
آخر تعديل على الإثنين, 20 أيلول/سبتمبر 2021 23:11