خطوة جديدة نحو مزيد من الخصخصة
بدأت من جديد تعلو أصوات الخصخصة، وهذه المرة استهدفت شركة (بردى) التي تعتبر من الشركات الوطنية الحكومية العريقة والناجحة.
فقد اجتمع وزير الصناعة السوري صبحي صباغ مع ممثلين من شركة «أميرسان» الإيرانية المتخصصة في إنتاج الأدوات المنزلية، وتم طرح إمكانية إعادة تأهيل وتطوير شركة «بردى» للصناعات المعدنية، ضمن مبدأ التشاركية، وتصدير منتجاتها مستقبلاً إلى الدول المجاورة، وذلك بحسب ما تم تداوله عبر وسائل الإعلام نهاية الشهر الماضي.
خصخصة مبطنة
الخبر المتداول أعلاه سرعان ما تم نفي جزء منه، بغاية الالتفاف على جوهر عملية الخصخصة المطروحة، وذلك من خلال ما صرح به مدير عام الشركة العامة للصناعات المعدنية (بردى)، نافياً «الأخبار المتداولة والتي مفادها أنه تم منح شركة بردى لشركة أجنبية، مؤكداً أن هذا الكلام عارٍ عن الصحة جملة وتفصيلاً».
النفي من الناحية العملية لم يتجاوز بمضمونه عتبة الخصخصة المطروحة، بل أكدها لكن بأسلوب آخر، حيث أضاف: «تم عرض فكرة من شركة «أميرسان» الإيرانية التي أبدت رغبتها الجادة في استثمار الشركة بالتعاون مع شركة بردى، وذلك حسب القوانين الناظمة في البلد سواء كانت استثماراً أو شراكة».
فماذا تعني مفردة «استثمار» شركة بردى من قبل شركة إيرانية؟ وماذا تعني مفردة «الشراكة» بحسب القوانين الناظمة، إن لم تكن خصخصة مبطنة؟!
إضرار بالصناعة الوطنية
أما المفاجئ في الطرح «الاستثماري التشاركي» فهو الحديث عن استجرار آلات مفككة لتجميعها في سورية، والأخطر هو إمكانية تقديم منتجات جاهزة لترويجها في الأسواق السورية.
حيث نقل عن مدير عام بردى ما يلي «في حال تم التوصل إلى اتفاق سوف تقدم الشركة الإيرانية خطوط وآلات إنتاج، مع العلم أن الجانب الإيراني قدم عرض استجرار بشكل تدريجي لخط إنتاج للبرادات وبآلات كاملة، وقد يتم تقديم آلات مفككة وتجميعها في سورية.. إضافة إلى إمكانية تقديم منتجات جاهزة لترويجها في الأسواق السورية لمعرفة مدى مردوها المادي».
فإذا كان الحديث عن الخصخصة المبطنة فيه الكثير من الأضرار بالنسبة لقطاع الدولة، فإن الحديث عن إدخال منتجات جاهزة، أو شبه جاهزة، إلى الأسواق السورية فيه المزيد من الأضرار على الصناعة الوطنية الشبيهة لدى القطاع الخاص أيضاً، وبالتالي على الصناعة الوطنية عموماً.
لماذا اللجوء إلى الخصخصة؟
التذرع بمصلحة شركات قطاع الدولة والحفاظ على الإنتاج الوطني والمصالح الوطنية كان دائماً الغطاء الذي يغلف المساعي المحمومة للنهب باسم هذا القطاع، مع استمرار السعي نحو تقليص دور الإنتاج الوطني مهما كانت طبيعته (عام- خاص- تعاوني)، والأهم، السعي نحو إنهاء كل ما هو منتج، وخاصة الإنتاج المتضمن قيمة مضافة، وقد شهدنا الكثير من الأمثلة على ذلك خلال العقود الماضية، وسنوات الحرب والأزمة التي أصبحت ذريعة مضافة تستخدم لنفس الغاية.
فقد تداولت وسائل الإعلام، أن الحكومة السورية توجهت بطلب إلى الشركة الإيرانية المذكورة أعلاه لدراسة ما سمّي «إعادة تأهيل وتطوير للمصنع السوري «بردى» بهدف تصدير منتجاته إلى الدول المجاورة مستقبلاً».
وهنا علينا أن نسأل: ما الذي ينقص الحكومة لتطوير وتأهيل هذا المعمل الوطني ومنتجاته، خاصة وقد تم الإعلان مؤخراً عن الترويج لمنتجاته الجديدة، ما يعني أنه قابل للتطوير والتوسع بإمكاناته الذاتية، وربما مع بعض الدعم الجدي ليس إلا؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1036