قطاع الدواجن مجدداً!
يعاني المواطن من سوء تقدير المتنفذين للقرارات المصيرية، التي تطال أمنه الغذائي بالدرجة الأولى، فمن الواضح لمن يتابع سلة القرارات التي تتحفنا بها الحكومة أسبوعاً تلو الآخر، أنها تختار الطريق الأسهل عليها، لتترك الجمل بما حمل من مصائب تقع على كاهل المواطن، الذي أصبح ميداناً لتجارب الحكومة التي أثبتت فشلها الذريع.
فالحكومة تتملص من أداء مهامها الأساسية منذ عدة سنوات، حتى أصبح دور الدولة مغيباً عن أهم القطاعات الإنتاجية الإستراتيجية.
ومن سلة تلك القرارات الاعتباطية التي تفتقد إلى حسن تقدير، وما سيترتب عنها على واقع معيشة المواطن المنحدرة بشكل مأساوي: «قرار رئيس مجلس الوزراء بالموافقة على توصية اللجنة الاقتصادية السماح بتصدير صوص الفروج لفترة مؤقتة إلى دول الجوار لبنان والأردن والعراق لكمية 1 مليون صوص فروج شهرياً، ولمدة شهرين، ولكمية إجمالية مليوني صوص فروج.»
انعكاس القرار على الواقع المحلي
إن تداعيات ذلك القرار ستنعكس بشكل مباشر على سعر مبيع الفروج في الأسواق المحلية، والمتضرر الأول من تلك العملية هو المواطن المستهلك وصغار مربي الدواجن بشكل أساسي، ولا داعي من انتظار تقييم أثر القرار في السوق خلال الشهرين القادمين، فالارتفاع سيحصل وفقاً للتجربة السورية من القرارات السابقة التي تقع على شاكلتها.
أما إذا أردنا أن نناقش المسألة من الناحية العملية، فالمداجن لدينا لا توجد بشكل سلسلة إنتاج متكاملة من الألف إلى الياء لدى جميع مربي الدواجن، باستثناء دواجن الدولة، فهناك من يمسك بسلسة الإنتاج الكاملة، وهم قلة محدودة، وآخرون وفق حلقة إنتاج أو حلقتين أو ثلاث ممن يُعرفون بصغار مربي الدواجن، وضمن عملية التصدير الآنفة الذكر، من المؤكد أن قيمة صوص الفروج سترتفع، وبالتالي، سترتفع معها كلفة تربية الفروج على المربي الذي يشتري الصوص لاستكمال تربيته لمرحلة الفروج، فضلاً عن ارتفاع تكاليف المواد العلفية بعد رفع الدعم الحكومي عنها، ومستلزمات أخرى كالأدوية والمحروقات... إلخ.
وخلال تصريح لمعاون وزير الزراعة، أشار إلى الصعوبات التي ستواجه عملية التصدير، والتي تستوجب توفر شروط ومعايير خاصة بنقل الصوص منها: «توفير التبريد والتكييف ودرجات حرارة مناسبة وتأمين شاحنات النقل، إضافة للتكاليف العالية في توفير كل ذلك». وهذا حكماً سينعكس بشكل سلبي على العملية الإنتاجية، والأسواق السورية المحلية أيضاً.
وبالمحصلة، المستفيد من العملية ككل، القائمون على عملية التصدير بالدرجة الأولى، والممسكون بالعملية الإنتاجية المتكاملة، أي كبار مربي الدواجن، أما المتضرر الأكبر فهم صغار المربين، التي ستؤدي بهم مثل هذه القرارات، إلى خسائر كبيرة تؤدي لإخراجهم من حلقة الإنتاج.
تبريرات حكومية ولكن!
من حيث المبدأ، من المفيد أن يكون لدينا قطاع تصديري دائم للدواجن يعطي قيمة مضافة لهذا القطاع، وألا يكون التصدير طفرة أو حالة إسعافية تجنباً لخسارة المربين، ولكن مثل هذه الخطوة تحتاج لدعم حكومي كبير ومستمر لإنجاحها، ابتداءً من دعم المواد العلفية، إلى دعم المحروقات والأدوية وبقية المستلزمات، وأجور النقل وغيرها من التكاليف التي يتحمل أعباءها المربي وحده، وبحال لم يتم دعم هذا القطاع حكومياً، فعملية التصدير لإنقاذ القطاع الدواجن ستحول دون ذلك، فتكاليف الإنتاج مرتفعة مقارنةً بدول الجوار.
والجدير بالذكر، أن ما أوصل مربي الدواجن إلى هذه الدرجة من الخسارة، هو رفع الدعم المتتالي والمستمر عن مستلزمات الإنتاج، سواء عن الأعلاف أو المحروقات والأدوية التي أصبحت تكاليفها على المربي أعلى بكثير من الأرباح العائدة إليه من هذا القطاع، الذي أصبح خاسراً بكافة الأحوال.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1031