المحروقات.. تلاشي الدعم الحكومي!
دارين السكري دارين السكري

المحروقات.. تلاشي الدعم الحكومي!

مع استمرار المأساة المعيشية القاسية على المواطنين المطحونين، فقد تزايد اعتماد غالبية الأسر السورية على الدعم الحكومي للمواد من «سكر ورز فقط والمحروقات».

إلا أن القرارات المُتخذة أخيراً من المعنيين في الحكومة، حول إعادة النظر ببعض أوجه الدعم وتخفيضه على هذه المواد، فقد بات استثمارهم للهدف المطلوب والعمل به، هو تلاشي الدعم للمواد المدعومة ككل، رويداً رويداً، دون أية استثناءات، وخاصة للمحروقات.

حلقات لإذلال المواطن

تتمةً للعمل الحكومي الإذلالي بحق المواطنين بالمواد المدعومة «التي لم تأخذ من معناها سوى الاسم فقط»، فقد تزايد الحديث عن تأخر وصول رسائل تعبئة البنزين للسيارات، وذلك بحسب الكثيرين من أصحاب السيارات العامة والخاصة.
في الحقيقة، هذا التأخير وغيره، حتى موضوع رفع أسعار المواد المدعومة، ليس جديداً على الحكومة، والغاية واحدة وباتت معلومة لدى الجميع، فعلى الرغم من أن المخصصات تعتبر قليلة بالأساس، إلّا أنهم لم يلتزموا بإرسال الرسائل في وقتها المحدد.
فمن المعلوم أن مدة رسائل التعبئة للسيارات الخاصة هي كل سبعة أيام، أما اليوم ومع تأخير وصول الرسائل فقد تمددت المدة «من غامض علمو» لعشرة أيام، دون سابق إنذار أو معرفة السبب!
أما بالنسبة للسيارات العمومي «تكاسي»، فقد كانت الفترة الزمنية لإرسال رسائل التعبئة هي أربعة أيام، أما اليوم وبحسب أقوال سائقي التكاسي، فقد تصل الفترة لـ ستة أو سبعة أيام.
هذا التأخر في وصول الرسائل، وبالتالي تأخير عمليات التعبئة لبضعة أيام إضافية، هو تخفيض جديد للدعم على مادة البنزين من الناحية العملية، وهذا ما دفع المواطنين للجوء إلى الـ «بنزين الحر» أو لـ «بنزين السوق السوداء»، وما أدراكم ما السوق السوداء!!

تأثيرات السوق السوداء

من اسمها «سوداء»، فإن قيمة كل المواد فيها أكثر سواداً وعبئاً على جيب المواطن بلا شك.
فسابقاً، لم يكن تأمين جميع المحروقات من السوق السوداء بالأمر الصعب، حتى وإن كانت بأسعار مرتفعة، أما اليوم فقد بات تأمين المحروقات من السوق السوداء أمراً أكثر صعوبةً من السابق، وبأسعار أعلى من السابق أيضاً!
فكما قال أحد موظفي الكازية «جاييتنا تعليمات ما فينا نعبي حر إلّا لناس معينة»، وهذا ما أغلق بعض المنافذ في أوجه الناس «غير المعينة» حسب قول الموظف.
وعلى الرغم من توفر مادة البنزين في السوق السوداء وبالكم الذي تريد، إلا أن سعرها قد زاد في هذه السوق، مثلاً سعر لتر البنزين الحكومي وبحسب البطاقة الذكية بـ 750 ليرة، أما في السوق السوداء فقد وصل لحدود الـ 2000 أو 3000 ليرة «حسب الزنقة كما وصفها أحدهم». أما سعر لتر الأوكتان 95 الرسمي فهو 3000 ليرة، أما الحر وبالرغم من صعوبة الحصول عليه فقد وصل لـ 4500 ليرة.
وكالعادة، بزيادة الأسعار وصعوبة تأمين البنزين المدعوم والحر فالفرق يخرج من جيبة المواطن كالعادة- صاحب السيارة الخاصة، أو الأشخاص الذين يعتمدون أحياناً على التكاسي في مواصلاتهم اليومية. والحكومة أولاً وآخراً- آخر ما يهمها أو تعنيها معاناة مواطنيها، النفسية والجيبية.
وفي هذا السياق يجدر التنويه عن تلاشي الدعم أيضاً على مادة الغاز المنزلي بنفس الطريقة والأسلوب، فتأخر الرسائل لاستلام أسطوانات الغاز المنزلي الذي كان من المفترض 23 يوماً وقد وصل بالحد الأدنى لـ 70 يوماً- رفع من سعره في السوق السوداء لـ 75000 ليرة بالحد الأدنى، علماً أن سعر تبديل أسطوانة الغاز المدعومة 4200 ليرة رسمياً.

«المازوت المتطاير»

لا يمكننا إغفال الأعين عن موضوع المازوت المتطاير بفعل فاعل أيضاً، فبعيداً عن الشتاء القاسي- الفائت- الذي عاشه غالبية الشعب دون مازوت التدفئة ولأسباب مجهولة، فقد «شُفطت» أقصد تقلصت الكمية المحددة لتوزيع مازوت التدفئة بين المدينة والريف من 400 لتر لـ 50 لتر فقط.
وبعيداً عن شفط المخصصات السابقة للأسر التي لم تحصل على مخصصاتها سابقاً، والتي مثلت فئة واسعة جداً من المواطنين، سوى المحظوظين الذين حصلوا على مخصصاتهم ضمن فعالية البهرجة الإعلامية للشركة السورية لتخزين وتوزيع المحروقات بأنهم قاموا بعملهم على أكمل وجه بتوزيع المخصصات، لكن على قلة قليلة فقط من الأسر استلمت مخصصاتها كما يثبت الواقع.
لكن ما تلفت الانتباه، هي فكرة إذلال المواطن بالتوزيع «إن حصل»، فمن المتعارف عليه بآلية توزيع المازوت هو تنقل صهريج التعبئة بين الأحياء لتعبئة المادة للمنازل التي وصلتها الرسالة.
أما اليوم، فآلية التوزيع الجديدة لـ 50 لتر، إن وصلت الرسالة لأحدهم، فهي عن طريق معتمد «سادكوب أو سيارة التعبئة»، فعند وصول الرسالة يجب على المواطن الاتصال بالمعتمد ليعلم أين مكان تواجده ويقوم بحمل «البيدونات الفارغة» ويذهب وتتم عملية التعبئة بنجاح!
على الرغم من أنه إلى الآن لم يتم توزيع المازوت كما ينبغي، ولم يتم استغلال فرصة الجو شبه المعتدل، وكأنهم ينتظرون قدوم فصل الشتاء والأمطار والطقس البارد لإذلال المواطنين الذين سيحالفهم الحظ وتصلهم رسالة التعبئة، كما جرت العادة.
وبهذه الطريقة الذليلة، وبالعبء المالي الإضافي عند الاضطرار للاستعانة بسيارة أجرة، مع استثناء من يملك سيارة خاصة وما سيصرفه من بنزين، يفرح المواطن أشد أنواع الفرح لحصوله على 50 لتر من المازوت، غير كافية لتدفئة أسرته وأطفاله بالشتاء لمدة أسبوع واحد!
فعلى الرغم من رفع أسعار جميع المواد المدعومة ورفع سعرها أيضاً في السوق السوداء، وتخفيض الدعم عنها ككل، وإذلال المواطنين بالحصول عليها، إلا أنها مؤشرات حقيقية واضحة وصريحة لتلاشي الدعم عن كل تلك المواد المدعومة، والتي قد نشهد استكمالها في الأيام القادمة، وبهذه الصورة يكون العمل الحكومي قد تم على أكمل الوجه كما خطط له!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1031
آخر تعديل على الإثنين, 16 آب/أغسطس 2021 23:33