العيد بصورته الأكثر رمادية
نادين عيد نادين عيد

العيد بصورته الأكثر رمادية

العيد بهجة وفرح ملابس جديدة للأطفال، انتظار الأطفال بلهفة لحظة الخروج للعب بساحة الألعاب العامة، أقارب وأصدقاء يتبادلون الزيارات ومائدة الضيافة لا تخلو من الكثير من أصناف الحلويات والفواكه وأيضاً المكسرات والمشروبات.

صورة عامة ملونة بألوان زاهية لأجواء العيد السورية التي بدأ يصيبها الشحوب منذ عدة سنوات، نتيجة للأزمات المتراكمة على كاهل السوريين، من الغلاء الفاحش الذي طال كافة تفاصيل البيت السوري من الاحتياجات الضرورية لطعام والشراب والملابس... إلخ، أفقدت تلك الأزمات التي تعايش السوري معها لذة قدوم العيد، وأصبحت الصورة شاحبة الألوان حتى اكتسبت لونها الرمادي، فالعيد لم يعد عيداً بكافة الأحوال.

التحضيرات قبل قدوم العيد في ظل الأزمات
الحلويات الجاهزة ومكملات الضيافة من المنسيات

العائلة السورية اليوم، نتيجة للغلاء الذي أصاب حياتها بشكل فاقع، قد اختصرت الكثير من الحاجيات التي كانت سابقاً طقوساً ثابتة، خاصة بالعيد وتحضيراته، واحدة من تلك الطقوس، الحلويات الجاهزة أو الحلويات المحشوة بالفستق والجوز المحضرة في البيت، فأسعار الحلويات العربية ذات النوعيات الممتازة التي تقدم خلال أيام العيد، تجاوز بعضها الـ80 ألفاً للكيلو غرام الواحد، مما جعل العائلة ذات الدخل المحدود، تختصر عن شراء الحلويات الجاهزة، واستعاضت عن ذلك بتحضير الحلويات المنزلية، التي لها طابع خاص، وتضيف بهجة فوق بهجة استقبال العيد، ولكن هذه البهجة لم تكتمل هذه السنة، فغالبية الأسر السورية اقتصرت تحضيراتها على الأنواع الخالية من الحشوة، مثل: «الغريبة والكليجة وغيرها»، ذات التكلفة المنخفضة مقارنةً بغيرها من الحلويات المحشية، فمثلاً: إذا أردنا حساب تكلفة المعمول بالعجوة، وإذا افترضنا أنها النوعية الوحيدة المقدمة، ولكمية تكفي لأفراد الأسرة واستقبال الضيوف، وسطياً تحتاج لخمسة كيلو غرامات تكلفتها تصل إلى حدود الـ 25 ألف ليرة سورية، أي: إن تكلفة الكيلو الواحد ما بين سمنة وطحين وعجوة وسكر ما يقارب خمسة آلاف ليرة سورية، طبعاً عدا عن تكلفة طهيها على أفران الغاز في ظل انقطاع الكهرباء لفترات طويلة، وبالنسبة للمعمول بالجوز أو حتى الفستق الحلبي أصبح حلماً على موائد الضيافة لأغلب السوريين، فأسعارها ضربٌ من الخيال، الفواكه والمكسرات والمشروبات الباردة وحتى الشوكولا، قد غابت عن مائدة الضيافة أيضاً بشكل كامل لدى الغالبية، حيث أصبحت من الكماليات التي يجب الاستغناء عنها.
الملابس الجديدة نُسقت من القائمة..
الملابس الجديدة أيضاً إحدى تلك الطقوس التي أزيلت من قائمة العيد للغالبية، فإذا افترضنا أن عائلة سورية لديها طفلان، وتريد شراء ملابس جديدة لهما فقط، فستكون التكلفة بحدها الأدنى140 ألفاً بين بنطالين وقميصين وحذائين لا أكثر، وطبعاً تعتبر هذه التكاليف نكبة على الموظف الذي وسطي أجره 60 ألف ليرة سورية، حتى مع المنحة التي صُرفت للموظف الحكومي قبل العيد والتي قدرها 50 ألف.

عادات وتقاليد وإرث
نسفتها الأزمات المفتعلة

من المعروف أن اليوم الأول لأعياد العائلات السورية، الأم تختار على مائدة غدائها إحدى الطبخات البيضاء مثل« شيش برك- كبة لبنية - شاكرية»، اليوم مع غلاء أسعار اللحوم سواء لحمة الغنم أو العجل وحتى الدجاج، لم يعد بالإمكان الاستمرار بهذه العادات المعروفة، ولا ننسى الأهم من ذلك طقوس الزيارات العائلية لتقديم المعايدات أيضاً تم اختصاره نوعاً ما، فاليوم الانتقال من مكان إلى آخر يحتاج إلى تفكير، نظراً لقلة وسائل المواصلات العامة، مثل: السرافيس، ولغلاء تسعيرة سيارة الأجرة والتي ازدادت خلال أيام العيد، حتى السرافيس خلال أيام العيد تضاعفت تسعيرتها، والمبرر أنه يعود فارغاً بلا ركاب، وحتى من تتوفر لديه سيارة خاصة، رسالة البنزين تتأخر لأكثر من عشرة أيام، والمخصصات لا تكفي، فالأزمات التي تحاصر حياة المواطن اليوم لم تعد تقيد حركته ونشاطه فحسب، بل دخلت حيزاً آخر فقد بدأت تُقيد وتنسف عادات وإرثاً وطقوساً تزيد من رمادية الصورة، التي باتت تخيم على حياة عامة السوريين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1018