الخبز.. سلسلة إجراءات وتخفيض دعم مستمر
عبير حداد عبير حداد

الخبز.. سلسلة إجراءات وتخفيض دعم مستمر

ازدحام... تدافع وانتظار طويل.. مشهد بات مكرراً، فيستطيع المواطن السوري أن يرصد أثناء ذهابه لعمله الطوابير الصباحية أمام الأفران، وأثناء عودته من العمل مساءاً المشهد ذاته مكرر، المنتظرون أمام كوة معتمد الخبز بالجملة، ومهما تعددت أساليب التوزيع، فالنتيجة واحدة، ازدحام وانتظار غالباً ما يتلوه تعذر الحصول على مخصصات الخبز والمبرر نقص بكميات الخبز لأسباب حفظناها جميعاً.

ومن المعروف أن مخصصات مادة الخبز عبر البطاقة الذكية، لا تكفي الأسرة ولا تغطي حاجتها وذلك بسبب سلسلة التخفيضات التي طالت الكميات، علماً أن رغيف الخبز يمثل الأمن الغذائي للمواطن باعتباره المادة الغذائية الرئيسية في سلة غذائه اليومي.
فهل نحن أمام تخفيض مرتقب للدعم المقدم باسم الرغيف؟.

سلسلة إجراءات ... آخرها؟!

الأزمة على مادة الخبز كغيرها من الأزمات الكثيرة، التي لا تعد ولا تحصى ميزتها لدى مفتعليها أنها مكررة، وطبعاً لا حلول سوى التجريبية، التي أُثبِت بالتجربة فشلها الدائم وبُعدها عن خدمة مصلحة المواطن.
وإذا تابعنا سلسة الإجراءات الأخيرة نلاحظ انخفاض الدعم عن الخبز بالإضافة إلى انخفاض جودته مع كل إجراء وتعديل يتخذ من قبل الحكومة:
فمنذ نهاية تشرين الأول من العام 2020، تقرّر رفع سعر الربطة الواحدة من 50 إلى 100 ليرة سورية، بالإضافة إلى تخفيض وزنها من 1300 غرام إلى 1100 غرام.
ليتلوها خلال شهر نيسان من العام ذاته، إدراج الخبز ضمن قائمة ذكاء الحلول الحكومية عبر البطاقة الذكية، والذي خلق مشكلات ذات استعصاء أكبر، حيث أصبحت حينها مخصصات الأسرة اليومية، بغض النظر عن عدد أفرادها، أربع ربطات من الخبز.
لينحدر بعدها خط تخفيض الكميات خلال شهر أيلول، بسبب تطبيق نظام الشرائح، الذي حصر عدد الربطات اليومية لكل أسرة حسب عدد أفرادها، لتصبح ربطة واحدة لأسرة مكونة من شخصين، وربطتان لأسرة مكونة من ثلاثة أو أربعة أشخاص، أما الأسرة المكونة من خمسة أو ستة أشخاص فمخصصاتها هي ثلاث ربطات، والأكثر فمخصصاتها أربع ربطات.
والآن ننتظر تطبيق الآلية الجديدة لتوزيع الخبز المتمثلة بالحصة الشهرية بداية الشهر المقبل وما سيتبعها من نتائج.

قرارات متنبأ بنتائجها

أكد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك خلال تصريح له لإحدى الصحف المحلية، أنه بداية الشهر المقبل سيتم اعتماد آلية الحصة الشهرية، والتي لم يذكر فيها الكمية التي ستكون مخصصة لكل أسرة، مؤكداً أن هذه الآلية الجديدة ستضمن الحصة الشهرية لكل أسرة، التي ستحصل عليها بشكل متقطع وليس دفعة واحدة، مضيفاً: إن الغاية من هذه العملية التنظيمية هي تخفيف الازدحام على الأفران إضافة إلى تحديد التوزيع المكاني للحصول على الخبز.
ليس جديداً على المواطنين أن إحدى الغايات من هذا التعديل، إخفاء الأزمة عن السطح، عبر تقديم حلول آنية تخفي الازدحام، كما سابقاتها من الحلول على طوابير المحروقات والمواد التموينية ...إلخ، مع الإشارة أنه مع كل تعديل للآلية المعتمدة لتوزيع مادة الخبز، كنا نشهد تخفيضاً للكميات، ما يعني تخفيضاً غير مباشر للدعم، أو رفعاً للسعر ما يعني تخفيضاً مباشراً للدعم.
وإذا قمنا بحسبة بسيطة، فإن أسرة مكونة من خمس أشخاص، حسب نظام الشرائح المطبق حالياً، مخصصاتها اليومية هي ثلاث ربطات، وعلى طول الشهر يكون المجموع الكلي لمخصصات الأسرة 90 ربطة شهرياً، فإذا طبق نظام الحصة الشهرية، هل سنحافظ على الحصة الحالية لكل أسرة، أم أنه سيكون باباً جديداً لتحقيق غاية تخفيض أكثر للكميات المدعومة على حساب لقمة عيش المواطن؟.
فالحلول الجدية بحاجة إلى خطوة جدية من قبل المسؤولين لإيجاد المخرج الحقيقي للأزمات، بدلاً من تخفيض الكميات مع كل تعديل جديد عبر القرارات والحلول المتبعة.
المطلوب
المؤكد أننا بحاجة إلى توفير كميات من الخبز للأسرة بما يتناسب مع حاجتها اليومية الفعلية، بالإضافة إلى زيادة كمّ الإنتاج بشكل عام، سواء بزيادة عدد المخابز أو بزيادة ورديات العمل أو زيادة خطوط الإنتاج، كذلك نحن بحاجة إلى حل مشكلة المقيمين في محافظات أخرى وليس لديهم بطاقة ذكية للحصول على مخصصات خبز مدعومة، نظراً لارتفاع أسعار الخبز السياحي والخبز المدعوم الذي يباع في السوق السوداء بأسعار تصل إلى ألف ليرة سورية، والأهم، الحاجة إلى رقابة أعلى على المواد التي تدخل في صناعة الخبز من القمح إلى الدقيق التمويني وغيره من مدخلات العملية الإنتاجية، وذلك قبل كلّ الإجراءات الشكلية التي تصب بعلاقة المواطن مع رغيفه المدعوم.

الدخان والنار الحكومية

بحسب مقولة «ما في دخان بلا نار» فقد اعتبر بعض المواطنين تصريح مدير عام السورية للمخابز بشأن الخبز عبر إحدى الإذاعات المحلية مطلع الأسبوع الحالي، وكأنه مقدمة لرفع قادمٍ لسعر رغيف الخبز من خلال الآلية الجديدة التي سيتم تنفيذها قريباً، أي تخفيض جديد لدعم الرغيف.
فقد قال مدير عام السورية للمخابز: إن «تصريح وزير التجارة الداخلية عن وجود آلية جديدة لتوزيع الخبز يشير إلى الخطة الشهرية التي وضعت بالتعاون مع عدد الجهات من خلال البطاقة الذكية وتعتمد على تطبيق سياسة الحيز المكاني وربط المنتج مع المستهلك ليصبح هناك رقابة آنية عن طريق نظام الأتمتة».
أما اللافت بحديث المدير العام فقد كان بقوله: «الخبز مادة مدعومة ورفع سعره مرتبط بقرار من الحكومة ولا توجد نية لذلك حالياً».
وربما ما علينا إلا انتظار نهاية مفعول مفردة «حالياً» التي وردت عن لسان مدير عام المخابز، والتي قد تكون مع بدء تطبيق الآلية الجديدة مطلع الشهر القادم!.
ننتظر لنرى!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1017