مستنقع أزمة الكهرباء
نادين عيد نادين عيد

مستنقع أزمة الكهرباء

واقع كهربائي سيء بكافة الأحوال، فلم يعد هناك فرق بين ساعات الذروة، أو بين فصل شتوي وصيفي، فساعات التقنين العشوائية تطال جميع الأوقات، وكافة المحافظات وبكافة المناسبات، والمواطن فقد الأمل من تحسن الواقع الكهربائي، بمناسبة أو بغير مناسبة، فالاعتبارات لتلك الفصول والمناسبات أصبحت لدى الإدارات الحكومية من المنسيات.

بات المواطن يعلم أن عليه تطبيق ما تعنيه عبارة «مواطن دبر راسك إذا كنت قادراً.. أو تأقلم مع وضعك الصعب»، فالأزمات عديدة ولا يمكن للمواطن الاعتماد على الحكومة التي أثبتت عجزها وفشلها الذريع بانتشاله من مستنقع الأزمات هذا، والتي من المفترض أن تجد حلولاً للمعاناة التي قطعت شوطاً كبيراً بإرهاق المواطن السوري، ولا تزال تقطع أشواطاً.
المواطن لم يعد يثق بالتصريحات الارتجالية للمسؤولين، فبعد التصريحات حول توحيد ساعات التقنين الكهربائي الأخير، يلاحظ اليوم اختلاف التقنين بين منطقة وأخرى في محافظة دمشق لوحدها.
فمثلاً في منطقة الدويلعة، التقنين الكهربائي 3 قطع مقابل 3 وصل، وذلك في أحسن الأحوال، وفي مشروع دمر لا توجد ساعات تقنين ثابتة، فقد يتراوح التقنين بين الساعة أو الساعتين أو الثلاثة، أما في مناطق ريف دمشق مثل القلمون والزبداني، فالتقنين هناك حدث ولا حرج، فساعات توفر الكهرباء أقل من أن تعد على أصابع اليد الواحدة يومياً، والمعاناة هناك كبيرة.
ذكرت فاطمة، التي تسكن في منطقة النبك، أن التقنين مجحف لدرجة أن الطعام في الثلاجة يصيبه العفن، والبراد تحول لمجرد خزنة مثل خزنات المؤن القديمة «النملية»، وعلى هذه الحالة فإنه من غير الممكن للعائلة الاحتفاظ بمؤونات الطعام أو التموين، هذا غير تأثيرات قطع وصول الكهرباء على الأجهزة الكهربائية نفسها، وما تتعرض له من أعطال مكلفة.
وذكر سكان من حرستا لقاسيون، أن وضع الكهرباء سيء، وإن أردت أن تنعم بالكهرباء عليك أن تسدد اشتراكات مولدات الأمبير، وذلك حسب قدرتك المادية، فلن تنقطع عنها الكهرباء!.
السوريون كانوا يسبحون في مستنقع الكهرباء، هذا فيما مضى، أما الآن فهم غارقون تماماً في هذا المستنقع.
ففي ظل عدم استقرار الكهرباء وساعات الوصل والقطع تم سابقاً اللجوء إلى البدائل ذات العمر الافتراضي المحدود، ومع استمرار ارتفاع أسعار هذه البدائل أصبحت إمكانية تجديدها متعذر على الغالبية المفقرة، الأمر الذي أعاد هذه الغالبية إلى مربع الأزمة المستمرة دون حلول، لا فردية ولا حكومية.
الناس يريدون حلولاً جدية ونهائية للكهرباء، كما غيرها من الأزمات المزمنة والكثيرة التي يعانون منها، ولكن يبدو أن هناك أذناً من طين وأخرى من عجين جرى صبهما بالإسمنت لمنع وصول صوت الناس إلى المعنيين، أو منعه من أن يصبح واقعاً مؤثراً على هؤلاء، كبار الحيتان والفاسدين وتجار الأزمات، الذين أصبحوا فوق معاناة السوريين الذين غرقوا في مستنقع الأزمات المتتالية وغير المنتهية!.
تقتضي الضرورة، الحياتية والإنسانية والوطنية، أن يتم تجفيف هذا المستنقع من الأزمات الذي طغت رائحته وعمت البلد!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1017