وزارة التربية لا مبالاة تجاه الوباء الفتاك!
ارتفعت في الآونة الأخيرة وتيرة الإصابات بالفايروس، وسجلت وزارة الصحة إلى يوم الجمعة 26 آذار إلى 182201 حالة، إذ سجلت في يوم الجمعة 155 إصابة، وهو مؤشر يثير القلق بشأن انتشار الفيروس في سورية في ظل الظروف الاقتصادية والصحية، وما تعكسه الظروف من تراجع لمناعة السكان الجسدية من ضعف التغذية، ونخص منهم الأطفال، فماذا تفعل وزارة التربية تجاه هذا الواقع الخطير، وما هي الإجراءات التي تتبعها؟
صرحت مؤخراً مديرية التربية في ريف دمشق: أن عدد الحالات في مدارسها بلغ 65 حالة ولكنها تُطمئن المواطنين بأن العدد قليل مقارنة بعدد الطلاب البالغ 725000 والمدرسين البالغ عددهم 40000 معلم ومعلمة، متجاهلة أن هذا الرقم يكشف عن العدد الذي تم له إجراء المسحات، أما الواقع العملي فيقول خلاف ذلك ، فأعداد المصابين أكثر من ذلك بكثير، ففي كل مدرسة في دمشق أو ريفها لا تخلو من مدرسين أو ثلاثة أصيبوا بالفايروس، بعضم تبين له ذلك من خلال المسحات وهم قلة، وبعضهم من خلال الأعراض الواضحة والمعلن عنها من وزارة الصحة، ولا تكاد تخلو شعبة صفية من حالات تغيّب بسبب اشتباه بالحالة، والغالب أنهم مصابون بالفايروس حسب ما يرد من الأهالي لتبرير الغياب، ثم إن هذه المقارنات العددية في مثل هكذا وباء ليست منطقية، فوجود مصاب واحد في المدرسة قد ينقل العدوى لعشرات أو مئات الطلاب دون أن تظهر عليهم الأعراض، أو ربما ينقلونه إلى منازلهم فيخرج الوباء عن إطار المدرسة، ألا يكفي وجود الحالات في المدارس لدق ناقوس الخطر واتخاذ التدابير الواجبة علماً أن الأطفال يقلون وعياً صحياً عن الكبار مهما راهنّا على وعيهم؟
لقد صرح مدير التربية في ريف دمشق بأنهم يقومون بدورهم في تعقيم المدارس والمرافق وشدد على ضرورة اتخاذ التدابير الصحية من ارتداء الكمامات والتباعد المكاني في المدارس، وتكليف مشرف صحي يرصد الحالات المشتبه بها وتوزيع موازين حرارة، ولكن مثل هذه الادعاءات أصبحت مثاراً للسخرية من قبل المواطنين والعاملين في المدارس، وهم يشاهدون في الميدان مدى الانفصام بين ما يُصرَحُ به، وبين ما هو واقع في المدارس.
عن أي بروتوكول وإجراءات تتحدث الوزارة؟
كل العاملين في المدارس يعلمون أن التدابير الوقائية في المدارس هي ضرب من الخيال، أو هي فقط معدة للتصوير والنشر على الصفحات الرسمية وعلى وسائل الإعلام، أي: ليس هناك أي تعقيم أو تنظيف للمرافق، ولم نر في المدارس مادة الكلور أو الكحول متوفرة بالقدر الذي تعقم به الأسطح التي يمسها الطالب، أمّا بالنسبة للتباعد المكاني فمعلوم أنّ الشعب الصفية في أحسن أحوالها تستوعب طالبين في المقعد الواحد، أي المسافة تقل عن نصف متر، وهي مسافة ليست بآمنة بين الطالب والطالب، وغالباً ما تكون الشعب مكتظة يشغلها بين 50 أو 60 طالباً أحياناً، وهذه الصورة من الصفوف لا نراها في وسائل الإعلام، وخاصة في جولات وزير التربية على المدارس، إذ تبدو مثالية جداً، لا تمت إلى واقع مدارسنا بشيء، أما ما قيل عن المشرف الصحي فهو غير موجود في المدرسة، وإن وجد فهو عاجز عن القيام بدوره الصحي لضعف الإمكانات وسوء الواقع في المدرسة من أعداد كبيرة وافتقار للمعقمات.
الوضع المعيشي والتدابير الاحترازية للطلاب
في كل يوم تعصف بالمواطن حُمّى الأسعار، ويزداد الواقع الاقتصادي سوءاً، فهو بالكاد يستطيع تأمين اللباس والقرطاسية والطعام لأولاده، فهل باستطاعة هذا المواطن المفقر والجائع أن يؤمن لولده عبوة من المعقم وكمامة في كل يوم ليضيفها إلى قائمة نفقاته؟ فهذه النفقات تثقل كاهل المعلم وذوي الطلاب، وهم عاجزون حقيقة عنها مع هذا الارتفاع اليومي للأسعار.
تصريحات وتنويهات استفزازية
ورد على صفحة وزارة التربية في 21آذار على لسان مدير تربية دمشق: أن كل ما تم تداوله عن إغلاق المدارس عارٍ عن الصحة، لأن الإصابات في المدارس في الفصل الثاني أقل من الفصل الأول، فبعد إجراء 1103مسحات تبين أن هناك 296 نتيجة إيجابية، مقابل 807 نتائج سلبية، وهي ضمن النسب المقبولة! فهل ينتظر مدير تربية دمشق حتى تقع الكارثة وتصبح النتائج غير مقبولة؟ عدا عن أن العدد المذكور متعلق بعدد المسحات لا بالأعداد الحقيقية، كما ورد تنويه آخر على صفحة وزارة التربية نقلاً عن مدير الجاهزية والإسعاف والطوارئ أنه «لن تتوقف العملية التعليمية، وأن إرسال الأطفال إلى المدارس يخفف من الاكتظاظ في المدارس، وأنه عندما تم إغلاق المدارس ذهب الأطفال إلى الحدائق والمنتزهات!» علماً أنه في فترة الحظر أغلقت الحدائق والمنتزهات، إن مثل هكذا تصريحات فجّة ولا يقبلها عقل، ما هي إلا تعبير عن عجز حكومي عن اتخاذ أي إجراء ينقذ أطفالنا وكوادرنا التعليمية من الخطر المحدق، وخلاصة القول: إن الحكومة إن عجزت عن التصدي للوباء لسوء الأوضاع الاقتصادية والصحية، فهي تثبت عجزها عن اتخاذ حتى القرارات التي تحمي أطفالنا من خطر الوباء، كإغلاق المدارس رغم كل ما جرى ويجري من تفشٍّ للوباء.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1011