قصة «ربطة الخبز» والابتزاز
دارين السكري دارين السكري

قصة «ربطة الخبز» والابتزاز

في مشهد اعتاد عليه- بـ«الإجبار»- المواطن السوري خلال يومياته وهو الطابور، لتأمين الخبز اليومي، مع تلك البطاقة الذكية، التي استخدمت لإغلاق عقول الناس بكميات لا تكفي للحاجة اليومية لهم...

فاستمر الازدحام بالطوابير، بامتدادها طولاً، ومدتها لساعات طويلة، وصولاً إلى أزمات أخرى أيضاً ما زالت تلاحق السوريين باستمرار، وبشكل مُفتعل ومقصود.

أزمات مشتدّة!

تشتد أزمة الخبز بشكل يومي- بشكل مُفتعل- وبشكل مقصود، وقد امتدت هذه الأزمة بالتحديد وشملت جميع المحافظات السورية!
يفنى الشعب السوري يومياً على طوابير الانتظار، ولا يسمع من وزارة التجارة وحماية المستهلك سوى بعض الذرائع المكررة بعينها، وهي الارتفاع بأسعار القمح والطحين عالمياً، والعقوبات والحصار وغيرها من الذرائع الكثيرة، والنتيجة: عدم حصول الكثير من المواطنين على مخصصاتهم المسقوفة، بالرغم من قلتها.
وقد لامست هذه الأزمة- الخبز السياحي- وبالحجة نفسها، عدم توافر «الطحين لكل المخابز أو توفرها بكميات قليلة»، ناهيك عن جودتها المتدنية وصغر في حجمها، طبعاً بالإضافة إلى السعر المرتفع لها.

ذرائع قديمة ومُملة..

نقص مادة الطحين للأفران، إضافة إلى نقص المحروقات التي يصعب تأمينها «كما يقال»، أضيفت إليها ساعات تقنين الكهرباء التي تتسبب بتوقف الكثير من الأفران عن العمل، والضغط على باقي الأفران.
فقد امتدت طوابير الخبز لتصل أصوات الواقفين فيها إلى العالم بأسره، لكن دون مرور هذه الأصوات على آذان الحكومة وكافة المعنيين بهذا القطاع، وإن سمعوا أصوات الناس فأقصى ما يمكنهم تقديمه هو التصريح بعبارة «إن الأزمة إلى انفراج»، ولكن ما نشهده فعلياً، هي أزمة مستمرة ومستعصية عن الحل على ما يبدو.
ما نراه وما نلمسه على أرض الواقع، هو أن الحكومة عاجزة تماماً عن تلبية احتياجات الشعب من الخبز والمواد الأساسية، فالشعب كله قد سئم الوقوف على الطوابير، طوابير الخبز والغاز والبنزين والمواد التموينية، وصبرهم لن يمتد إلى ما لا نهاية.

السوق السوداء للخبز أيضاً!!

سببت الأزمة القديمة- المتجددة- للخبز- ضرراً كبيراً انعكس سلباً على جيب المواطن، فالكثير من السوريين يضطرون بالإجبار إلى اللجوء للبدائل من أجل تأمين أبسط المتطلبات الحياتية اليومية من تأمين ربطة الخبز التي لا يمكن الاستغناء عنها.
ومن هنا فقد بات ما يسمى بـ«السوق السوداء للخبز التمويني»، والتي ما زال سعرها لليوم هو 1000 ل. س، وفي بعض الأماكن قد يصل سعرها لأكثر من ذلك مع الأسف.
فمن المخجل أن ترى ربطة الخبز من كوة الفرن بسعر 100 ل. س وبعد الكوة بأمتار قليلة سعرها قد يصل لأكثر من 1000 ل. س على أيدي شبكات النهب والفساد، دون رقيب أو حسيب. وهذا يعني، تكاليف كبيرة- مرهقة تقع على عاتق المواطن، والمزعج أنها بـ«الإجبار».

تصريحات تزيد الطين بلة!

كثيرةٌ هي القرارات والتصريحات الرسمية، لكنها فعلياً لا تقدم ولا تؤخر، بل إن صح القول: إنها تزيد الطين بلة!
فبعد كل تصريح نسمعه أو نقرأه على المواقع الرسمية، تشهد البلاد فعلياً أزمة تزيد من المصائب على كاهل الشعب، وتكون نتيجتها مزيداً من تخفيض الدعم على الخبز، أو مزيداً من الإجراءات المعقدة للحصول عليه من قبل المواطنين.
بتاريخ 9/3/2021، تحدثت مديرة التخطيط والتعاون الدولي بالمؤسسة السورية للمخابز «عن الصعوبات التي تعرقل العمل، منها: بيع الخبز بأقل من التكلفة لهذه المادة كونها مسعّرة اجتماعياً، ما يوقع المؤسسة بخسارة مالية...».

فالحديث الرسمي عن التسعير الاجتماعي، أي: الدّعم، أصبح حديثاً مكرراً ومملاً بالنسبة للمواطنين، أما ربط ذلك بموضوع الخسائر المالية التي يوقعها على المؤسسة، فقد يكون مقدمة جديدة لتخفيض جديد على دعم الرغيف، مع الأخذ بعين الاعتبار أن السورية للمخابز لا تتكبد خسائر لقاء دعم الرغيف، فالفروقات السعرية تتحملها الخزينة العامة للدولة، أي: جيب المواطن، وليس حسابات السورية للمخابز، والسياق بهذا الشكل ربما يكون نوعاً جديداً من الابتزاز المعنوي للمواطنين، هذا بحال لم يترجم كتخفيض للدّعم لاحقاً.
وفي السياق نفسه، وفي 9/3/2021 تم التصريح من قِبل مدير حماية المستهلك في دمشق بأن هناك: «دراسة لتعديل أسعار الخبز السياحي والصمون والكعك».

ومن هنا نرى أن هذه المديرية كما الوزارة باتت بنظر المواطنين السوريين لا تحمل من اسمها «حماية المستهلك» سوى عدد أحرفها فقط، فكيف ستكون أسعار الخبز السياحي والكعك والصمون بموجب الدراسة المزمعة؟! وعن أية حماية مستهلك يتحدثون؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
1009
آخر تعديل على الإثنين, 15 آذار/مارس 2021 09:47