الـ «طيش» دون محاسبة وعقوبات رادعة
برغم كل التأكيدات الرسمية التي تصدر سنوياً عن منع إطلاق الرصاص خلال احتفالات عيد رأس السنة، أو غيرها من المناسبات الأخرى، والعقوبات التي تنص عليها القوانين المعمول بها بما يخص الاستخدام الطائش للسلاح، إلّا أن ذلك لم ينفِ تسجيل إصابات خلال عيد رأس السنة، بنتيجة الأعيرة النارية التي تسمى «طائشة».
الإصابات التي تم تسجيلها رسمياً مع نهاية العام الماضي، ومطلع هذا العام وصلت إلى 33 إصابة، في مختلف المحافظات، بعضها يعتبر خطراً، بالإضافة طبعاً إلى الأضرار المادية الأخرى، وما تتركه أصوات الأعيرة النارية من ذعر ورعب في النفوس.
رعبٌ ومآسٍ
لم تمر احتفالات رأس السنة دون منغصات، هذا إن اعتبرنا أن هناك احتفالات بما تعنيه هذه المفردة من معنى بالنسبة للمواطنين، في ظل الواقع الاقتصادي المعيشي المتردي، وفي ظل انغلاق الأفق أمام الغالبية المفقرة التي تعيش حال من اليأس والإحباط والترقب، حيث سجلت العديد من الإصابات بين المواطنين مع بدء العام الجديد، بسبب الأعيرة النارية التي أطلقها البعض المنفلت من الرقابة والعقاب، والذي يعيش نشوة الفرح الموهوم.
فمع انتهاء ساعات العام، وكما كل رأس سنة، انفلتت الكثير من الأسلحة بالأيدي الطائشة بإطلاق ما أتيح لها من رصاص، ممطرة السماء بها، والأرض بمقاذيفها المتهاوية على الآمنين من المواطنين، حاملة معها الرعب والخوف والمآسي.
فبحسب ما نقلته صحيفة تشرين عن مدير الجاهزية والإسعاف في وزارة الصحة، لقد بلغ عدد الإصابات بالرصاص الطائش التي وصلت المشافي إلى 33 حالة، ومن بين هذه الحالات هناك حالة في حلب يرجح أن يتم اللجوء إلى بتر أحد أطرافه نتيجة أذية وعائية، وحالة أخرى في درعا يرقد فيها مصاب في حالة سبات، نتيجة مقذوف الرصاص الراجع الذي هبط على الجمجمة مباشرة، إضافة إلى حالة طفلة في محافظة اللاذقية، عمرها خمس سنوات، أدت إصابتها إلى تشوه في الوجه، قد يستمر مدى الحياة.
مسؤولية الأجهزة الأمنية المعنية
على الرغم من حديث مدير الجاهزية والإسعاف في وزارة الصحة بأن الإحصاءات تُعد قليلة نسبياً مقارنة مع الأعوام السابقة، إلّا أن ذلك لا ينفي أن التحذيرات والتأكيدات الرسمية لم تفعل فعلها في وضع حد للطائشين والمنفلتين من استخدام أسلحتهم النارية الموجودة بحوزتهم بمناسبة رأس السنة الجديدة، والدليل هو ما جرى من إطلاق كثيف للأعيرة النارية بهذه المناسبة، كما جرت العادة، وما خلفته من نتائج وسلبيات، وخاصة ما تم تسجيله من إصابات بالشكل الرسمي.
فالمشكلة ليست بالطائشين والمنفلتين فقط، بل بدور الأجهزة الأمنية بمختلف تبعياتها، والتي من المفترض أن تقوم بواجبها لمنع هذه السلوكيات الخارجة عن القانون عملياً، متابعةً وضبطاً وعقاباً.
السلاح المنفلت والمستهترين
بهذا الصدد لا بد من الإشارة إلى أن السلاح المنفلت الموجود بين الأيدي، بعيداً عن الأماكن الرسمية المرخص بها حمله، يعتبر أحد أهم أسباب استمرار ظاهرة الاستخدام «الطائش» لهذا السلاح، بمختلف المناسبات، سواء كانت المناسبة رأس السنة أو غيرها من المناسبات التي تظهر فيها هذه الأسلحة في الأيدي الطائشة، ناشرة الذعر والرعب والإصابات والأضرار المادية الجانبية الأخرى.
فالقضية هنا ليست أعيرة نارية طائشة، بل قضية مستهترين وطائشين بعيدين عن أعين الرقابة والمتابعة والمحاسبة، وهؤلاء على ما يبدو لا تعنيهم التأكيدات الرسمية والمتكررة عن منع استخدام السلاح والأعيرة النارية، وربما غير عابئين بالعقوبات التي تنص عليها القوانين أيضاً، والمطلوب الجدية بمتابعة هؤلاء ومحاسبتهم، ولا نعتقد أن ذلك عسير على الأجهزة الأمنية المعنية بهذا الأمر، والمسؤولة عنه، بمختلف تبعياتها وتعدد أسمائها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 999