حلب.. الكتاب المدرسي ومصباح علاء الدين..
ما جرى بشأن إعادة النظر بتوزيع الكتب المدرسية في حلب، وظهور أن هذه الكتب متوفرة في المستودعات عند الإشارة والطلب، قريب الشبه بمارد علاء الدين الذي ينتظر الطلب والإشارة لتحقيق الرغبات والأماني!
فبعد مضي شهر تقريباً على الافتتاح المدرسي، وعلى إثر جولة الوفد الوزاري التربوي إلى مدينة حلب، أعيد النظر بآلية توزيع الكتاب المدرسي على المدارس، حيث تم التوجيه باستكمال توزيع الكتب الجديدة لصفوف الأول والثاني والثالث، من خلال تعديل النسب المعمول بها سابقاً، واتضح أن ذلك ممكن التحقيق!
وكان من نتائج الجولة أيضاً، بعد العديد من اللقاءات والزيارات الميدانية، والوقوف على الكثير من المشاكل والمطالب، الإعلان عن دعم كل مدرسة بمبلغ مليون ليرة مخصصة للقرطاسية والصيانة البسيطة.
فهل يكفي ذلك للنهوض بالعملية التربوية والتعليمية في المدينة الكبيرة؟
استباقاً للجولة التربوية
الملفت بما يخص موضوع الكتاب المدرسي، أنه بعد أن تم توزيع الكتب على الطلاب مع بداية العام الدراسي، وفقاً لنسب محددة من قبل مديرية التربية إلى مستودعات الكتب والمدارس بين الجديد والمستعمل، وبعد حملة الاعتراضات من ذوي التلاميذ على الكتب المستعملة التي تبين أنها محلولة ومهترئة وغير صالحة، واستباقاً للجولة الوزارية التربوية على ما يبدو، تمت إعادة التوجيه لمستودعات الكتب المدرسية والمدارس لاستكمال توزيع الكتب الجديدة لطلاب الصفوف الثلاثة الأولى فقط، طبعاً وفقاً لقوائم اسمية معتمدة من قبل مديرية التربية، بحسب تصريح مدير أحد مستودعات الكتب في حلب عبر الفضائية التربوية منذ أسبوع تقريباً.
وقد بدأت هذه العملية مطلع الشهر الحالي، بعد أن تكبد بعض ذوي التلاميذ تكاليف شراء نسخ جديدة منها، حيث تبين أن المستودعات لا تعاني نقصاً بكميات هذه الكتب الجديدة!
فلماذا تم اعتماد النسب في البداية، التي شملت كتب الأنشطة أيضاً، طالما أنها متوفرة في المستودعات؟
ولماذا اقتصر توزيع نسخة كاملة من الكتب الجديد على الصفوف الثلاث الأولى فقط من مرحلة التعليم الأساسي؟
مشاكل ونواقص مزمنة
مع الافتتاح المدرسي، وبدء الفصل الدراسي الأول، ظهرت طبعاً العديد من المشكلات المزمنة الخاصة بالقطاع التربوي- في مدينة حلب- إلى السطح مجدداً، والتي يمكن تلخيصها بالتالي:
عدم استكمال عمليات التأهيل للمدارس، وخاصة على مستوى المرافق الصحية، والنقص ببعض المستلزمات الضرورية، مثل: المقاعد، بل وحتى الأبواب والنوافذ في بعضها، ناهيك عن المدارس التي لم تُعد للخدمة بسبب التأخر بعمليات الترميم والصيانة اللازمة لها.
نقص الكادر التدريسي، وهذه تعتبر من المشاكل العميقة والمزمنة، فهناك بعض المواد لم يتم البدء بها في بعض المدارس بسبب نقص المدرسين (فيزياء- لغات- رياضيات..).
الازدحام الطلابي في الشعب الصفية، فالشكل السائد هو ثلاثة تلاميذ في كل مقعد، وفي بعض الشعب يكون هناك 4 تلاميذ في كل مقعد، والحالات النادرة أن يكون في كل مقعد طالبان فقط.
مشكلة الكتاب المدرسي التي تتمحور حول نقطتين: النقص بالكميات، والنسخ الموزعة المحلولة والتالفة.
مشكلة التدفئة في الشعب الصفية، وذرائع عدم توفر مادة المازوت والاعتمادات، ناهيك عن عدم توفر المدافئ بدايةً.
المشاكل المستجدة المرتبطة بالإجراءات الاحترازية بما يخص «الكورونا» والبروتوكول الصحي المعتمد من أجل هذه الغاية.
طبعاً يضاف إلى كل ما سبق معاناة الكادر التدريس والإداري المزمنة، سواء بما يتعلق بمستلزمات العملية التعليمية نفسها، أو بما يتعلق بمتطلبات وضرورات واقعهم الحياتي والمعيشي على مستوى الأجور والتعويضات والطبابة والمواصلات وغيرها.
بمسؤولية مدراء المدارس
خلال الجولة الوزارية التربوية تم طرح جملة المشاكل أعلاه عبر اللقاءات المباشرة مع القائمين على العملية التربوية والتعليمية في المدينة، وعبر الزيارات الميدانية التي جرت لبعض المدارس فيها.
وقد تم توثيق بعض هذه القضايا عبر صفحة الوزارة وصفحة مديرية تربية حلب بتاريخ 10/10/2020، ومنها: تسريع الإجراءات الإدارية- تحسين أسعار ساعات التدريس للمكلفين- زيادة كوادر الصحة المدرسية- إعادة النظر بشروط عقد التأمين الصحي- ضرورة سد شواغر المدرسين.
كما أعلن وزير التربية عن: «دعم كل مدرسة بمليون ليرة ليؤمن مديرها حاجة مدرسته من القرطاسية والصيانة البسيطة، ويتولى تشكيل لجنة في مدرسته لهذا الغرض».
أما الملفت، فقد تمثل بتحميل مديري المدارس مسؤولية أي خلل في العملية التربوية باعتبار «الإدارة الناجحة تعمل ضمن الإمكانات المتاحة»، وذلك بحسب قول معاون وزير التربية في أحد الاجتماعات.
المسؤوليات المُجيرة لا تحل المشاكل
بعيداً عن النموذج التسويقي والإعلامي للجولة التربوية التي سلطت الأضواء مثلاً على بعض الشعب الصفية النموذجية من خلال الصور المتداولة، وخاصة تلك التي تُظهر في كل مقعد طالبان فقط، وبعيداً عن نموذج مارد علاء الدين على مستوى الكتاب المدرسي، الذي تبين أنه وبقدرة قادر هناك كميات من الكتب الجديدة في مستودعات الكتب المدرسية لم يتم توزيعها على المدارس وهي بانتظار الإشارة فقط، ومع الأخذ بعين الاعتبار أن ما سبق أعلاه من مشاكل مزمنة لا تقتصر على مدينة حلب فقط، بل يمكن تعميمها على بقية المحافظات، نتساءل:
هل يكفي «الدعم» بمبلغ مليون ليرة لكل مدرسة كي تخرج (الزير من البير) على مستوى تأمين القرطاسية والقيام ببعض عمليات الصيانة في المدارس؟
هل يتحمل مديرو المدارس مسؤولية الخلل في العملية التربوية في ظل تشابك وتعقيد المشاكل المزمنة المذكور بعضها أعلاه، والتي تخرج الكثير منها عن حيز مسؤوليتهم المباشرة؟
إلى متى سيبقى نموذج التهرب من المسؤوليات، وتجيير بعضها إلى المستويات الإدارية الأدنى، وعدم حل المشاكل المرتبطة بالعملية التربوية والتعليمية من جذورها هو السائد؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 988