السكن الجامعي لكل طويل عمر من المحسوبين
مع حلول العام الدراسي الجامعي الجديد، وعلى غرار كل سنة، يلجأ الطلاب الجامعيون القادمون من المحافظات الأخرى، أو ممن يقطنون الأرياف والضواحي البعيدة، للتسجيل الروتيني على سرير في المدينة الجامعية في دمشق، والذي يحصل عليه كل طويل عمر من هؤلاء بالنتيجة!
اللجوء إلى السكن الجامعي بالنسبة للغالبية المفقرة من الطلاب يعتبر من ضرورات استكمال العملية التعليمية، فالإيجارات المرتفعة تشكل عبئاً مادياً كبيراً على القادمين من المحافظات ليس بمقدورهم تحمله، وكذلك التكاليف المرتبطة بالمواصلات اليومية، وخاصة بالنسبة للمقيمين في الضواحي البعيدة عن دمشق، فالبعض من هؤلاء، وعند عدم توفر السكن الجامعي، يضطرون للاستنكاف عن العملية التعليمية.
الإعلان عن الشروط
أعلنت «المدينة الجامعية في دمشق» عن الشروط الخاصة بتجديد السكن للطلاب والطالبات «القاطنين» في المدينة للعام الدراسي 2020-2021، مبينة أنه سيتم قبول الطلبات الخاصة بتجديد السكن اعتباراً من يوم الأحد 27-9-2020 ولغاية يوم الخميس 22-10-2020.
وبحسب الإعلان: «يشترط لتجديد السكن أن يكون الطالب أو الطالبة مسجلاً في المرحلة الجامعية الأولى في إحدى الكليات أو المعاهد التابعة لجامعة دمشق «تعليم نظامي.. عام أو مواز» وأن يكون من طلاب وطالبات السنوات الانتقالية للعام الدراسي 2019-2020، وسنة أولى بالنسبة للمعاهد، وألّا يكون معاقباً بأية عقوبة تأديبية، عدا عقوبة التنبيه والإنذار، وألا يكون معاقباً بأية عقوبة جامعية «فصل أو حرمان دورات» ولم تنته فترة العقوبة، وأن يكون الطالب من مدينة تبعد جغرافياً أكثر من 40 كم عن مدينة دمشق.
وأوضحت: «تستثنى غرف الطلاب والطالبات أبناء وذوي الشهداء من الشروط السابقة، كذلك يعفى الطلاب والطالبات الجرحى وأبناء وذوو الشهداء من ثمن الأوراق لتجديد السكن».
ودعت إدارة المدينة الطلاب الراغبين بتجديد السكن إلى الالتزام بإجراءات التصدي لوباء كورونا عند مراجعتهم لأي مكتب أو مركز أو قسم.
طوابير طويلة والاستثناء للمحسوبية
الشروط أعلاه لا جديد فيها، ربما باستثناء التنويه إلى «الالتزام بإجراءات التصدي لوباء كورونا»، التي وضعت نظرياً وغابت عملياً.
لكن في الواقع الذي يعايشه الطلاب في هذه المرحلة ربما يجب استبدال عبارة «تجديد السكن» بعبارة «رحلة أو مناوبة أو صبر أيوب».
فسرير في غرفة ومنافع مشتركة، ٩٠٪ منها خارجة عن الخدمة، بات يتطلب الوقوف في طابور طويل من الانتظار من الخامسة فجراً، في ظل الوباء والخطر من التجمعات، على أمل الوصول إلى نافذة الموظفة المسؤولة، ليس هذا فحسب، فالوساطة والمحسوبية لم تترك باباً لم تقرعه.
فيمكن بوضوح رؤية طلبة ينجزون معاملاتهم والطابور ما زال لم يتحرك، ويمكن بدهياً التنبؤ بالذي يحدث، هذه المرة ليس تحت الطاولة بل فوق الطاولة وعلناً، محبطين أمل الطلبة الذين لا يعرفون مدير مكتب «فلان»، وليس معهم رقم «علتان»، للتسجيل في نفس اليوم، وإن بعض هؤلاء سيضطرون للمحاولة في يوم آخر، وكل هذا بغير رقيب أو حسيب!
فكما وصف بعض الطلبة معاناتهم، فإن التسجيل في المدينة الجامعية لا يقل معاناة عن الوقوف في طوابير محطات الوقود، لكن الذي يثير حفيظة هؤلاء وتساؤلهم هل توجد أزمة حبر؟ هل توجد أزمة أقلام؟ أو أختام؟ فعملية التسجيل لا تتطلب كل هذا الوقت المهدور على الطوابير.
ناهيك عن بعض أشكال المعاملة السيئة من قبل البعض الذين يعتبرون ما يقومون به من واجب وكأنهم يحققون أحلام الطلبة، وربما كانوا على حق في ذلك، فحصول الطالب الجامعي على حقه في سرير في المدينة الجامعية أصبح بمثابة الحلم في ظل تفشي المحسوبية والوساطة، بالإضافة إلى المساومة على لقاء مادي أحياناً من قبل البعض!
معاناة سنوية تحبط الآمال
معاناة الطلاب ووقوفهم في طوابير الانتظار ليست جديدة، ففي كل عام يتكرر المشهد، كما تتكرر معه أوجه المحسوبية والفساد، التي يدفع ضريبتها بعض الطلاب على حساب مخزونهم من الآمال المعقودة على مستقبلهم الذي يذوي على أيدي عديمي المسؤولية والفاسدين.
أما جوهر المشكلة فيتمثل بمحدودية عدد الوحدات السكنية، أي: بمحدودية عدد الأسرّة المتوفرة بالنتيجة، حيث تم اللجوء إلى حل هذه المشكلة خلال السنوات الماضية من خلال زيادة عدد الأسرّة في كل غرفة، والتي استنفذت عملياً من خلال المساحات المتوفرة في كل منها، ما يعني: أن المشكلة أصبحت تتفاقم عاماً بعد آخر، بالتوازي مع زيادة أعداد الطلاب، وبالتالي، ظهرت الأساليب الملتوية التي أصبحت سائدة، على حساب شريحة الطلبة التي لا حول لها ولا قوة ولا واسطة ولا محسوبية بالنتيجة.
فإن لم تكن هناك نوايا لزيادة أعدد الوحدات السكنية الجامعية، وهو ما يجري عملياً، فبالحد الأدنى أن يتم توزيع الأسرة فيها بشكل عادل ومنصف، بعيداً عن أشكال المحاباة والفساد.
فهل هذا كثير؟!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 988