جنون الأسعار والجور الحكومي
عادل إبراهيم عادل إبراهيم

جنون الأسعار والجور الحكومي

لم تقف الأسعار عن الارتفاع خلال الفترة الماضية، بل ما زالت مستمرة بالارتفاع على حساب استنزاف الجيوب، والمزيد من تقليص سلة الاستهلاك اليومي للأسر المفقرة، كماً ونوعاً، كما على حساب الكثير من الحاجات الضرورية الأخرى، بما في ذلك الخدمات.

والظاهر أن الحكومة وأولي الأمر غير معنيين على الإطلاق بما يلحق المواطنين جراء هذا الارتفاع المتتالي وغير المتوقف أو المسقوف للأسعار، بل على العكس ما زالوا مستمرين بزيادة الضغوط عليهم بشكل مباشر وغير مباشر، وليس آخراً بهذا المجال القرارات المتضمنة زيادة بسعر مادة البنزين، ورفع أسعار الأسمدة.

الإجراءات النظرية والواقع العملي

كل الوعود والأحاديث عن ضبط الأسعار ومنع الاحتكار وتوفير الأساسيات كانت خلبية، والنموذج الرسمي المتمثل بتوزيع بعض المواد الغذائية عبر البطاقة الذكية على أنه لكبح جماح الأسعار عبر المنافسة ومن خلال طرح هذه المواد بأسعار مخفضة للأسر، لم يؤدِّ للنتيجة المطلوبة حتى الآن، فلا أسعار تم ضبطها، ولا كبح جرى لارتفاعها، ولا منافسة حقيقية بين السورية للتجارة والأسواق، لا على مستوى المواد الغذائية الموزعة من قبلها عبر الذكاء المدعوم، ولا على غيرها من المواد والسلع الأخرى، وكذلك حال أسطوانة الغاز التي أصبحت الحاجة لها تقاس ارتباطاً بانتظار الرسالة النصية الموعودة وليس بالضرورة، وحال رغيف الخبز، القوت اليومي، ليس أفضل من كل ما سبق على مستوى الإجراءات المتخذة بشأنه، وقس على ذلك من إجراءات تم ترويجها على أنها لمصلحة المواطنين نظرياً، لكنَّها لم تكن كذلك بالواقع العملي.

الجّوْر رسمي

ما يزيد الطين بِلّة هي قرارات رفع الأسعار الرسمية التي تؤثر على أسعار السلع والخدمات، وعلى حساب المستهلكين وأصحاب الحاجة.
فقرار زيادة سعر مادة البنزين المتضمن رفع سعر الليتر الواحد بمقدار 25 ليرة، سواء للمدعوم أو لغير المدعوم، يصب بهذا الاتجاه من الناحية العملية، حيث بدأت ترتفع أسعار كافة السلع والخدمات مباشرة استناداً إلى هذه الزيادة في السعر وبذريعتها، في سلسلة مترابطة وغير متناهية، فحسابات التكلفة التي تدخل ضمنها أجور النقل، لا أحد يستطيع ضبطها أو كبحها، وهي مشروعة عملياً طالما أنَّ رفع سعر المادة نظامي ورسمي.
وكذلك انعكاسات رفع أسعار الأسمدة على الإنتاج الزراعي، حيث ستنعكس هذه الأسعار على كافة المنتجات والسلع الزراعية وتوابعها دون استثناء، اعتباراً من جرزة البقدونس وصولاً إلى الكونسروة، وطبعاً المستنزف هو جيب المواطن ومعيشته المتدهورة، بالإضافة لخدماته المترهلة والمتراجعة.
المفروغ منه أن الحكومة تعلم علم اليقين مقدمات قرارات رفع الأسعار التي تصدرها ونتائجها وسلاسلها المرتبطة بها، وصولاً إلى جيب المواطن ومعيشته، بغض النظر عن المبررات والذرائع التي تسوقها، وهي بذلك لا تختلف من حيث النتيجة عمَّن يمارس الجَوْر المباشر بحق المواطنين من كبار أصحاب الأرباح والفاسدين والمستغلين، بل وتمنح هؤلاء الذرائع الكافية لاستمرار استغلالهم وجورهم، ناهيك عن دعمهم ومحاباتهم.

حقُّ المواطن والقرارات الخاطئة

«لا يمكن أن يكون هناك تثبيت دائم للأسعار، علماً أنَّ المستلزمات الأساسية للمواطن سعرها ثابت وضمن منهجية سلة الدعم الحكومي، ولم يتغير فيها شيء منذ أشهر، ما قبل تغير سعر الصرف أو بعده».
«لا توجد حكومة في العالم تساهم في اتخاذ قرار خاطئ بحق المواطن».
العبارتان أعلاه أتتا على لسان رئيس الحكومة، وذلك بحسب صحيفة الوطن بتاريخ 4/3/2020.
لكن كيف يمكن أن نفسر هذه العبارات وفقاً لحيثيات القرارات الأخيرة التي تضمنت رفع أسعار (البنزين- الأسمدة) مع انعكاساتها على جيوب المواطنين ومعيشتهم؟ وكيف يكون «القرار خاطئ بحق المواطن» إن لم يكن على شاكلة ما سبق من قرارات وإجراءات حتى الآن؟!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
956
آخر تعديل على الأربعاء, 11 آذار/مارس 2020 14:13