أحياء عطشى في القامشلي!
تعاني بعض أحياء مدينة القامشلي ومنذ ما يقارب الشهر نقصاً حاداً في مياه الشرب.
مشكلة المياه في المدينة ليست جديدة، بل هي مشكلة مزمنة تعود لسنوات ولكنها استفحلت هذا العام بشكل كبير لدرجة انقطاعها التام لمدة شهر عن بعض الأحياء، وأسابيع وأيام عن أحياء أخرى، مما أضاف مشكلة جديدة على جملة الأزمات الحياتية التي يعاني منها أبناء المدينة التي يقدر عدد سكانها بمئات الآلاف.
تعتمد المدينة في استجرار مياه الشرب على عدة مصادر جلّها آبار تتوزع على أحواض عديدة في أطراف المدينة، بالإضافة إلى كمية أخرى يتم ضخها من سد سفّان الذي يبعد عن المدينة لمسافة 80كم.
من الطبيعي أن يزداد الطلب على مياه الشرب في فصل الصيف، ولكن ما هو غير طبيعي ألّا تبادر الجهات المسؤولة إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة، وترك الأمور للتقادير والارتجال.
«مؤسستا مياه» في المدينة
كما هو معلوم يوجد في المدينة مؤسستا مياه، إحداها: تعود للدولة، والأخرى: لسلطة الإدارة الذاتية كما هو الوضع بالنسبة لجميع الإدارات الأخرى، حيث لا تقوم أي من الإدارتين بالدور المطلوب منهما، بل يتم الاكتفاء بإلقاء المسؤولية من كل طرف على الطرف الآخر، ليصبح المواطن وحاجاته الأساسية ضحية فوضى الإدارات والارتجال وتبادل الاتهامات، رغم أن العديد من هذه الازمات ممكنة الحل ولو بشكل مؤقت، في حال التحلّي بالشعور بالمسؤولية
الكهرباء والأعطال
لدى الوقوف على أسباب استفحال الأزمة هذا العام، أفادت مصادر مطلعة لقاسيون عن جملة من الأسباب. وأولها: مشكلة التغذية الكهربائية للمحطات والآبار الارتوازية، حيث لا تتوفر الطاقة الكافية التي تؤمن العمل الطبيعي لهذه المحطات والآبار، ومما يزيد المشكلة تعقيداً هو أن ضعف التيار الكهربائي يؤدي إلى حدوث أعطال مستمرة ومتكررة تعجز المؤسسة الرسمية عن إصلاحها، في ظل عدم وجود الاعتمادات المالية اللازمة، أما بالنسبة لمؤسسة الإدارة الذاتية، فيبدو أنها ليست بوارد معالجة مثل هذه المشاكل الحياتية أصلاً، رغم الضرائب التي تتم جبايتها من المواطنين تحت عناوين كثيرة، ومنعت صهاريج بيع المياه دون توفير البدائل اللازمة.
وفي ظل عدم قيام «مؤسستي المياه» بدورهما في إصلاح الأعطال دخلت بعض المنظمات الدولية على الخط، إلا أنّ المخصصات المالية تتأخر وتحتاج إلى إجراءات روتينية طويلة مما يساهم في التأخر بالإصلاح، وتراكم الأعطال، وبالتالي: استفحال المشكلة.
تعاني مؤسسة المياه الرسمية من عدم توفر الكادر الكافي لتغطية العمل المطلوب من المؤسسة، بعد النزيف الحاد الذي حصل للكوادر إما بسبب الاستقالات في ظل تدني الأجور، أو بسبب وصول الكوادر الخبيرة إلى سن التقاعد.
وبالإضافة إلى ذلك، فان عدم القدرة على التحكم بتوزيع المياه في الشبكة يؤدي الى تفاقم المشكلة في بعض الأحياء، فالشبكات المغلقة في بعض الأحياء يسهل التحكم بها، أمّا المعضلة الأساسية فتكمن حيث تنتشر الشبكات المفتوحة إذ تستقر المياه في الأحياء ذات المناسيب المنخفضة في حين يتم حرمان الأحياء ذات المناسيب المرتفعة.
المواطن ضحية بكل الأحوال
بغض النظر عن الأسباب الكامنة وراء تفاقم المشكلة، فإنه حق طبيعي للمواطن الحصول على مياه صالحة للاستهلاك، ولا تعنيه الأسباب، ومن هنا، إن وضع حلول إسعافية أمر ممكن بل وسهلة التحقيق إذا توفرت الرغبة، ويأتي على رأسها تخصيص الاعتمادات المالية اللازمة لإصلاح الأعطال وزيادة الضخ لتخفيف حدة المشكلة على الأقل، إذا كان ليس بالإمكان حلها جذرياً ضمن الظروف الحالية.
وبكل الأحوال، إن وضع إستراتيجية لتطوير عموم البنى التحتية في المدينة من شبكات المياه والكهرباء وتعبيد الشوارع باتت قضية ملحة لا تقبل التأجيل والمماطلة تحت أية ذريعة كانت.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 922