ببيلا.. أوجه معاناة واستغلال تبحث عن حلول
نشطت خلال الشهور الماضية عمليات ترميم البيوت المتضررة، وإعادة تأهيل البنى التحتية في بلدة ببيلا، وعودة الخدمات إليها تباعاً، الأمر الذي كان حافزاً لاستعادة النشاط في البلدة، واستقطابها للمزيد من المواطنين الباحثين عن الاستقرار.
وقد استبشر أهالي البلدة، المقيمون فيها والعائدون إليها، خيراً بالوعود الرسمية عن تحسين الواقع الخدمي، وعن مساعي تذليل الصعوبات التي تعترض عودة الحياة للبلدة واستقرارها، إلّا أن النتائج لم تكن على المستوى المطلوب والمأمول حتى الآن.
انتكاسة كهربائية وفواتير مرتفعة
الصدمة بالنسبة للأهالي والقاطنين في البلدة كانت الانتكاسة بخدمة التزود بالطاقة الكهربائية، فبعد أن تحسنت الخدمة نوعاً ما، وعادت الحياة لشبكة الكهرباء، ما لبثت أن أصيبت بانتكاسة كبيرة لدرجة القطع المتواصل لأيام متتالية، مع استمرار الوعود بتحسين هذه الخدمة دون جدوى حتى الآن، أما الأهم بالنسبة للمواطنين فهو ارتباط التزود بالكهرباء بالتزود بالمياه، والاضطرار للاستعانة بالصهاريج، التي تكلفهم نفقات شهرية كبيرة، فالاستهلاك اليومي من المياه يكبد الأسرة ما يعادل 1000 ليرة، وهي قيمة سعة 5 براميل من المياه الضرورية للحياة، وهي تكلفة شهرية مرتفعة جداً بالنسبة للمواطنين بالمقارنة مع الواقع المعيشي ومعدلات الأجور.
ومن المشاكل الهامة التي واجهت الأهالي، والمرتبطة بالجانب الخدمي، هي فواتير الكهرباء والمياه، وبراءة الذمة المطلوبة عند إجراء أية معاملة، حيث اشتكى بعض الأهالي بتكبيدهم قيمة استجرار للطاقة الكهربائية، مع مخالفات على الاستجرار غير المشروع، عن فترات سابقة، علماً بأنهم لم يكونوا في البلدة حينها، والأهم: أن كميات الاستهلاك، سواء للكهرباء أو للمياه، وما يترتب عليها من قيمة محسوبة بالفواتير وبراءة الذمة، هي كميات مقدرة تقديراً، وليست مسجلة من قبل عاملي قراءة العدادات والكشافين كما هو مفترض، ورغم محاولات الشرح من قبلهم، إلّا أن ذلك يكون دون جدوى غالباً، وذلك حسب ما نقله بعض الأهالي.
إيجارات وموافقات قيد الانتظار
معاناة أخرى تواجه المواطنين على مستوى الإيجارات وبدلاتها والموافقات المرتبطة بها، فبدلات الإيجار الشهري مرتفعة جداً، وهي تتراوح بين 35- 50 ألف ليرة، بحسب مواصفة البيت ومساحته ومكانه، وهي تكلفة شهرية مرتفعة لا شك، إلّا أن المشكلة بالنسبة للمواطنين لم تقف عند هذا الجانب، فالحصول على الموافقة تعتبر بالنسبة إليهم مشكلة أعقد، حيث تطول فترة الحصول عليها من الجهات المعنية لشهور في بعض الأحيان، وخلال هذه الفترة تعتبر الإقامة في البيت المستأجر مخالفة تستوجب المسؤولية، سواء للمؤجر أو للمستأجر، وبرغم غض الطرف عن المسؤولية والمخالفة تقديراً لأوضاع المواطنين وحاجتهم للسكن في بعض الأحيان، إلّا أن هذه الفترة الزمنية الطويلة أصبحت عامل ضغط إضافي على هؤلاء، لارتباطها بشعور عدم الاستقرار، مع عدم إغفال بعض أوجه الاستغلال المرتبطة بهذا الجانب أحياناً، وبحسب هؤلاء «ما باليد حيلة» فالانتظار، برغم عبئه النفسي الثقيل، هو المتاح الوحيد لا غير، وما يطلبه الأهالي على هذا الصعيد هو تسريع الإجراءات المرتبطة بهذا الجانب.
مشكلة رغيف الخبز
جميع المواد والسلع الضرورية متوفرة في البلدة، وهي مؤشر هام على صعيد الاستقرار، حيث افتتحت الكثير من المحال التجارية التي توفر السلع المختلفة، وبرغم وجود فارق سعري يتكبده المواطن على بعض السلع، إلّا أن توفرها مع هذا الهامش المحدود المضاف يعتبر بالنسبة إليه مقبول اضطراراً، حيث قال بعض الأهالي: إن هذا الأمر بحاجة للرقابة، والأهم بالنسبة إليهم هي الرقابة على المواصفة والجودة، وخاصة بالنسبة للغذائيات.
أما تأمين رغيف الخبز فهو الذي يعتبر مشكلة يومية بالنسبة للأهالي، فبرغم وجود فرن في البلدة، إلّا أنه يتوقف عن العمل غالباً في الساعة التاسعة صباحاً من كل يوم، بذريعة انتهاء مخصصاته من الطحين، الأمر الذي لا يعرف الأهالي حقيقته، فمن المفترض أن تكون كميات الخبز المنتجة مدروسة بحسب الاحتياج السكاني، وواقع الحال يقول بأن هذا الاحتياج لا يتم تأمينه من الفرن في البلدة، ما يضطر الأهالي للجوء إلى المحال التجارية التي توفر هذه المادة الحياتية لكن بسعر 150 ليرة للربطة الواحدة، والذريعة لدى هؤلاء هو ما يتكبدوه من نفقات على نقل الخبز من دمشق إلى البلدة، مع عدم تغييب ذريعة بعض الحواجز أيضاً.
حواجز ومواصلات
البلدة كأنها ما زالت شبه مغلقة بسبب الحواجز على مدخلها، فبرغم تقدير الأهالي لأهمية الحواجز وضرورتها على المستوى الأمني، الفردي والعام، وإدراكهم بأن هذا الإجراء مؤقت ومرتبط بتعزيز عوامل الأمن والأمان والاستقرار، إلا أن الملفت بالنسبة إليهم هو وجود حاجزين متتاليين، يبعد أحدهما عن الآخر مسافة لا تزيد عن 500 متر، وعلى الرغم من ذلك فكلا الحاجزين يقوم بعمليات التفييش للمواطنين، ما يعني هدر الكثير من الوقت والجهد يومياً، وخاصة بالنسبة للموظفين والطلاب، المضطرين للتحرك يومياً من وإلى البلدة.
أما العبء الإضافي الكبير الذي يقع على عاتق هؤلاء فهو التكاليف المرتفعة لأجور المواصلات، حيث يتقاضى السرفيس مبلغ 100 ليرة عن كل راكب، وهي نفقة كبيرة شهرياً بالنسبة لهذه الشرائح الاجتماعية المفقرة أصلاً، علماً أن التسعيرة من المفترض ألا تزيد عن 50 ليرة إذا ما قورنت بمسارات السرافيس على الخطوط الأخرى، لكن واقع الحال يقول: إن عامل الاستغلال هو الآمر الناهي على هذا المستوى بسبب ضعف الرقابة، بل وانعدامها، أما الأسوأ فهو الاضطرار للجوء للتكاسي في بعض الأحيان بسبب عدم توفر السرافيس، وخاصة خلال ساعات الذروة صباحاً ومساءً، حيث تتقاضى التكاسي مبالغ كبيرة لقاء تأمين خدمة النقل من وإلى دمشق، على سبيل المثال فإن الانتقال من ببيلا إلى دوار باب مصلى قد يكلف 1500 ليرة.
سوق سوداء لمحروقات التدفئة
مع قدوم فصل الشتاء تزايد الطلب على مادة المازوت من أجل التدفئة، وفي ظل محدودية التوزيع النظامي لهذه المادة، للمكتتبين والمحتاجين لها، وعلى اعتبار أن الكازية تقع خارج البلدة، فإن هذه المادة أصبحت محتكرة بداخلها من قبل البعض، وقد نشطت التجارة بها في السوق السوداء، فساداً واستغلالاً، حيث تباع بواقع 325- 350 ليرة لكل ليتر، وهو سعر مرتفع، يُضطر المواطنون لدفعه لتأمين حاجتهم من الدفء، وقد توج ذلك مؤخراً على مستوى تأمين أسطوانات الغاز المنزلي أيضاً، وكل ذلك يجري على أعين أولي الأمر، فلا رقابة ولا متابعة ولا محاسبة.
هذا غيض من فيض المشاكل وأوجه المعاناة التي ما زالت ماثلة أمام الأهالي والقاطنين في بلدة ببيلا، والتي لا تخلو من الفساد والاستغلال، وهي بلا شك تعتبر مشاكلات مؤرقة بحاجة للحل من أجل تسريع وتثبيت عوامل الاستقرار واستعادة النشاط الاقتصادي الاجتماعي للبلدة، خاصة وأنها تعتبر بلدة كبيرة فيها عشرات الآلاف من المواطنين.