فلاحو السقيلبية والغاب بدون بذار
بالرغم من حجم الصعوبات الكبيرة التي سببتها السياسات النيوليبرالية للحكومات المتعاقبة وحتى الآن تجاه القطاع الزراعي، لا زال الفلاحون مصرين على التشبث بأرضهم وزراعتها، فهي مورد رزقهم الوحيد، بالرغم من ارتفاع كِلف الإنتاج وانخفاض مردودية الأرض، إلى الحد الذي جعل معظمهم تحت خط الفقر أو فقراء.
لا يخفى على أحد دور الفلاحين، وبالتالي القطاع الزراعي، في مسألة الأمن الغذائي لعموم المواطنين وعلى المستوى الوطني، وكذلك في تأمين المواد الأولية لصناعات أساسية في البلاد لها دور أساس في الاقتصاد الوطني، إلّا أن السياسات المتبعة لا زالت تخلق، إضافة إلى الصعوبات السابقة، صعوبات جديدة.
صعوبات مستجدة
من أهم الصعوبات التي تواجه الفلاحين والإنتاج الزراعي اليوم:
عدم تأمين البذار اللازمة لزراعة حقول القمح، فحتى هذا التاريخ لم يستلم إلّا 50% من حاجة الفلاحين، وبالتالي هناك على الأقل 50% من الأراضي ستخرج من دورة الإنتاج، وهذا سينعكس سلباً على البلاد برمتها، وخاصةً نحن اليوم في منتصف كانون الأول حيث من المفروض أن تكون حقول القمح زرعت منذ أكثر من شهر، لأن الأمطار وغرق الأراضي في منطقة الغاب لا تمكن الفلاحين من زراعة هذا المحصول الإستراتيجي، والحجج المقدمة من قبل المسؤولين لا تنفع أحداً منها: إن عمليات التقسية والغربلة تستغرق وقتاً طويلاً.
الحجة الأخرى، أنَّ أراضيَ واسعة من سهول حلب وحماة دخلت على خط زراعة القمح، وبالتالي كميات البذار لا تكفي لكل هذه المساحات.
تساؤلات مشروعة
هنا يسأل الفلاحون: ما دور مؤسسة إكثار البذار والمصارف الزراعية إذا كانت تعلم مسبقاً بحجم المساحات التي ستزرع بهذا المحصول؟ ولماذا لا تعد نفسها لهذا الغرض الذي له علاقة بأمن الوطن والمواطنين على حد سواء؟ خاصة وهم يدركون لماذا عزف الفلاحون عن زراعة القطن والشوندر، وهي من المحاصيل الإستراتيجية، حيث ارتفاع كِلف الإنتاج العالية للمحصولين السابقين دفع الفلاحين لزراعة القمح، كمحصول إستراتيجي من جهة، ولانخفاض تكاليفه عن المحصولين السابقين، وإمكانية زراعة الأرض بعد محصول القمح بزراعة تحميلية، إن وجدت المياه!
ذرائع وفساد ومتنفذون
إضافة إلى ما سبق هناك مشكلة المقاسم الزراعية 42- 43- 44 العائدة لفلاحي السقيلبية، فالفلاحون منعوا من دخول أراضيهم وزراعتها بسبب وجود ألغام على الطرقات الزراعية زرعها مسلحون. وبالرغم من شكاوى الفلاحين وتنظيمهم النقابي، ومنذ أكثر من شهر ونصف إلى الجهات المعنية، إلّا أن الاستجابة لم تحصل إلّا منذ يومين فقط، وذلك بعد غرق الأراضي بمياه الأمطار، علماً أن مساحة هذه المقاسم تتجاوز 400 هكتار.
كما أن هناك أراضي زراعية تابعة لقرى (الكريم، وقبر فضة، والعبيد) تزرع من قبل متنفذين، ولا يسمح لأصحابها بزراعتها بحجة الإرهابيين، علماً أنّ معظم أهالي هذه القرى موجودون في قرى مجاورة، وأجرت هذه القرى مصالحات.
والخلاصة: إن السياسات النيوليبرالية والفاسدين والمتنفذين ممن يدَّعون الوطنية، هم السبب المباشر لكل هذه المآسي التي يعاني منها الفلاحون في منطقة (الغاب والسقيلبية وطار العلا).