بيت سحم.. مزيد من المعاناة بدلاً من تخفيفها!

بيت سحم.. مزيد من المعاناة بدلاً من تخفيفها!

تزايدت معاناة الأهالي في بلدة بيت سحم بدلاً من أن تخف وطأتها عليهم، وخاصة على مستوى الخدمات الحياتية الرئيسة، من كهرباء ومياه ومواصلات وغيرها.


فمنذ أن عاد الأهالي واستقروا في البلدة مجدداً، وهم موعودون بتحسين جودة الخدمات العامة، إلّا أن الواقع يشير أن الخدمات أصابها الكثير من التراجع والترهل بدلاً من أن تتحسن.
الكهرباء بتراجع رغم الوعود
الكهرباء كانت تأتي 8 ساعات باليوم منذ أشهر، الأمر الذي شجع الكثيرين للعودة والاستقرار في البلدة رغم الصعوبات الكثيرة الأخرى، ثم ما لبثت أن أصبحت ساعتين أو ثلاث ساعات فقط، على أكثر تقدير، خلال الـ 24 ساعة، وهي غير منتظمة، فخلال هذه الساعات المحدودة من الوصل تقطع الكهرباء أيضاً، بالإضافة إلى تذبذب التيار الذي يؤدي إلى أضرارٍ في الأجهزة الكهربائية، وفي بعض الحارات أصبح القطع متواصلاً ويدوم لأيام طويلة جداً، والنتيجة هي معاناة دائمة من هذه الخدمة.
بعض الشوارع والحارات الفرعية بلا إنارة ليلاً، بالإضافة إلى وجود الكثير من الحفر والجور فيها، والتي أصبحت عبارة عن برك طينية خلال الشتاء، بنتيجة عدم ردمها وإعادة تأهيلها، فالسير بها خلال ساعات النهار يعتبر مربكاً ومزعجاً، فكيف الحال ليلاً مع عدم توفر الإنارة، حيث تصبح هذه الشوارع والحارات شديدة الظلمة وخطرة ومخيفة. والملفت بالنسبة للأهالي أن الإنارة تتوفر ليلاً في أجزاء من بعض الشوارع والحارات غير المأهولة، بمقابل عدم توفرها في الشوارع المأهولة!
طبعاً هناك تبريرات كثيرة لهذا الواقع المؤسف، اعتباراً من ارتفاع معدلات الاستجرار للطاقة، مروراً بالأحمال الزائدة وعدم تحمل بعض مراكز التحويل، وليس انتهاءً بأعمال الصيانة المعلن عنها، مع الكثير من الوعود الرسمية عن تحسين واقع هذه الخدمة، إلا أن ذلك كله بالنسبة للمواطنين ما زال عبارة عن تبريرات ووعود فقط لا غير، حيث لا حلول عملية بالنسبة إليهم تُحسن واقع هذه الخدمة، فالحال مستمرة وبتراجع بدلاً من التحسن.
على حساب المواطن وضروراته
هذا الواقع المزري من انقطاع التيار الكهربائي وعدم انتظامه، كان فرصة بالنسبة لأصحاب ومالكي المولدات في المنطقة، فقد انتعشت تجارة بيع الأمبيرات، لبعض البيوت، وللكثير من المحلات فيها، حيث يتم تقاضي سعر 1500 ليرة لقاء الأمبير الواحد في الأسبوع، ولكم أن تحسبوا التكلفة الأسبوعية والشهرية لقاء هذه الخدمة، مع عدد الأمبيرات بحسب الضرورة والحاجة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه التكاليف والنفقات التي يتكبدها أصحاب المحلات يتم تحميلها على أسعار البضائع والسلع غالباً، أي: أن المواطن هو من يتحمل هذه التكاليف بالنتيجة من جيبه، مع عدم إغفال ما يتكبده أصلاً على مستوى أسعار وتكاليف البدائل الكهربائية، وكل ذلك على حساب معيشته ومتطلبات معيشته وضروراته.
ولقد ربط بعض الأهالي واقع التردي والترهل والتراجع على مستوى خدمة التزود بالطاقة الكهربائية، مع انتعاش بيع الأمبيرات والبدائل الكهربائية، في إشارة لشبهات استفادة وفساد على حسابهم وعلى حساب معيشتهم.
المعاناة مع المياه أشد
مشكلة عدم انتظام التزود بالطاقة الكهربائية وزيادة ساعات القطع، ترتبط بشكل مباشر بخدمة حياتية أساسية تتمثل بالتزود بالمياه من خلال الشبكة الرئيسة. فلا كهرباء يعني لا مياه، وهل من حياة بلا مياه؟
هذه المعاناة اليومية من شح المياه وجد الأهالي حلها عن طريق الصهاريج المتنقلة، حالهم بذلك كحال الكثير من أهالي المناطق والبلدات الأخرى، وربّ ضارة نافعة بالنسبة للقائمين على هذه الخدمة المأجورة وغير المسعرة، والتي أصبحت مصدر استغلال بنتيجة ضغط الحاجة والضرورة بالنسبة للأهالي. فتعبئة خزان المياه، عبارة عن خمسة براميل، يكلف 2000 ليرة، والحد الأدنى للاستهلاك الأسري هو أن تتم التعبئة مرتين خلال الأسبوع، أي 4000 ليرة أسبوعياً، وبحدود 20 ألف ليرة شهرياً لقاء مياه الغسيل والتغسيل فقط، باعتبار أن مياه الصهاريج غير صالحة للشرب، ما يعني تكبد الأهالي نفقات إضافية للتزود بالمياه الصالحة للشرب والتي يتم تعبئتها بالبيدونات، والنتيجة، أن كل أسرة تتكبد تكاليفاً على المياه بما يعادل 25 ألف ليرة بالحد الأدنى، وهي ضرورة حياتية لا غنى عنها طبعاً، فماذا يبقى من دخلٍ ليُصرف على الضرورات الحياتية الأخرى في ظل الواقع المعيشي المتردي؟ وهل من معاناة أسوأ من ذلك؟
قمامة وكلاب شاردة
مشكلة أخرى يعاني منها الأهالي تتمثل بالقمامة، ومواعيد ترحيلها، حيث تقتصر على مرة واحدة في الأسبوع أحياناً، ما يؤدي إلى تراكم القمامة والنفايات على شكل تلال في بعض الحارات، والأهم ما تجذبه هذه القمامة من حيوانات وقوارض وحشرات، وما تخلفه من أثر سلبي، صحي وبيئي، على الأهالي، بالإضافة إلى عوامل الخوف والخشية من مغباتها ونتائجها، فأصوات الكلاب الشادرة على شكل قطعان ليلاً وحده كافٍ ليكون مصدر خوف بالنسبة للأهالي، حيث تنخفض معدلات وعوامل الأمان بالنسبة إليهم، وخاصة على أطفالهم خلال ساعات المساء والليل وساعات الصباح الأولى، والنتيجة أن البلدة تكاد تبدو وكأنها مهجورة خلال هذه الأوقات.
أجور النقل بعيدة عن الرقابة
بعد كل أوجه المعاناة السابقة وغيرها، يتم تتويج بؤس الأهالي بالمواصلات وأجور التنقل من وإلى البلدة، فالسرافيس تتقاضى 100 ليرة من كل راكب، علماً أن المسافة المقطوعة على خط السير تعتبر قصيرة ولا تتعدى بضعة كيلومترات فقط، فإذا كانت المسافة بين مركز مدينة دمشق وبلدة بيت سحم عبارة عن 7 كم فقط، فالمسافة من مركز الانطلاق إلى البلدة تكاد لا تتجاوز الـ 4 كم، وعلى الرغم من ذلك يتقاضى سائقو السرافيس 100 ليرة عن كل راكب. كيف وعلى أي أساس لا أحد يعلم؟ كما لا أحد يعلم لماذا هذا التسامح مع هؤلاء برغم الكثير من الشكاوى؟
المشكلة الأخرى المرتبطة بذلك هي سوء الطريق، وهدر المزيد من الوقت وبذل المزيد من الجهد عليه، وخاصة بوجود الكثير من الحفر والجور فيه، إضافة لاستمرار وجود تلك المضخة الكبيرة التي تعمل على شفط المياه منذ فترة طويلة على أحد جوانبه، ما يؤدي إلى إعاقة المرور عليه، حيث تسير السيارات ووسائط النقل العابرة بشكل فردي بمحاذاة المضخة والحفرة التي تسحب منها المياه، مشكلة حالة ازدحام يومي خانق.
البلدة الصغيرة ميزة وليست عبئاً
أهالي بلدة بيت سحم، وهم عبارة عن بضعة آلاف، قالوا: إن صغر بلدتهم لا يجب أن يكون مبرراً لإهمالها خدمياً بهذا الشكل، بل ربما حجمها الصغير يعتبر ميزة لها على هذا المستوى، وليس عبئاً وسبباً لمعاناتهم، فهي بحاجة فقط للجدية والالتزام من الجهات الرسمية المسؤولة عن واقع خدماتهم حيال مسؤولياتهم وواجباتهم، مع المزيد من المتابعة والرقابة والمحاسبة على الإهمال والتقصير، فهل هذا بكثير؟
برسم المجلس البلدي ومحافظة ريف دمشق.