دير الزور.. الأمطار من نِعمةٍ إلى نِقمةٍ!
بعد هطول كميات كبيرة من الأمطار على مدينة دير الزور في الأيام القليلة الماضية، بدأت معاناة الأهالي تتضاعف من عدة جوانب في حياتهم اليومية، منها: الطرقات التي لم تحلّ مشكلتها بعد، والتي تحولت إلى مستنقعات، أو طينية منزلقة، وانقطاع المياه، التي باتت تأتي يوماً واحداً في الأسبوع، وحتى التي تأتي فهي عَكِرَة وغير صالحة للشرب.
قبل هطول الأمطار كانت الطرقات محفرة ومليئة بالأتربة، والتي تلعب بها الرياح مع كلّ هبّةٍ، بسبب توقف صيانتها خلال فترة الأزمة والحصار، واستمر ذلك حتى الآن، رغم مرور سنة وثلاثة أشهر على انتهاء الحصار، ورغم الوعود اليومية والوهمية المستمرة محلياً، من قبل المحافظة ومجلس المدينة ومركزياً من قبل الحكومة.
من نِعمةٍ إلى نِقمةٍ
منذ هطول الأمطار التي تحولت من نعمةٍ إلى نقمة، بدأت مدينة دير الزور تعاني من شُحٍ في المياه التي بدأت تقطع عن المواطنين لعدة أيام، لتضخ ليوم واحد (والشاطر اللي بيعبي المي)، والمشكلة أن المياه التي تضخ حالياً غير صالحة للشرب، وعند مراجعة مديرية المياه، بررت ذلك بأن نسبة العكارة زائدة في مياه النهر المستجرة، ومحطات المياه لا تستطيع التصفية!
خطط بديلة
بما أن المدينة تقع على شط الفرات، لماذا لا تكون هناك خطة بديلة لهذا الموضوع بدلاً من قطع المياه عن المدينة، وذلك، بحسب بعض الأهالي، بأن تكون هناك خزانات احتياطية، أو أن تكون هناك آبارٌ احتياطية لتزويد المواطنين بالمياه؟ علماً أن هذه المشكلة موجودة منذ سنوات قبل الأزمة وما زالت مستمرة، لكن لم توضع لها الحلول، بسبب الإهمال والفساد وعدم الاهتمام، والتهميش لحقوق المواطنين الذي كان وما زال هو السائد!
ازدياد الأمراض
يضاف إلى ذلك أن المسألة ليست عكارة فقط.. فطريقة التصفية ما زالت تعتمد على الطريقة التقليدية، وهي الترقيد في أحواض، وإضافة مادة الكلور للتعقيم، وحتى هذه المادة تضاف بنسبٍ غير دقيقة على ما يبدو، فنسبة الشوائب مرتفعة، وتسبب أمراضاً معدية ومعوية وأمراضاً جلدية، وخاصةً بين الأطفال بسبب بنيتهم الضعيفة، ناهيك عن الفقر وسوء التغذية اللذين يضعفان مناعة الجسم، ومقاومته للجراثيم والبكتريا.
ويتساءل المواطنون: لماذا هذا التسيب والاستهتار بحياة المواطنين، وكلنا نعلم أن معظم الأمراض تنقل عن طريق المياه، لتزيد معاناة المواطن الذي لم يعد يعلم إلى أي طرف يلتفت لتأمين حاجاته الضرورية في هذه الظروف القاسية، وخاصةً أيضاً، أن وضع الخدمات الصحية سيء جداً، وبات المواطن غير قادر على تحمل تكاليف العلاج الخاصة مهما كانت بسيطة.
أزمة غاز وضرائب مرتفعة
من جهة ثانية، تشهد مدينة دير الزور أزمة غاز خانقة، وارتفاعاً بالضرائب التي يفرضها مجلس المدينة على أصحاب المحلات والبقاليات والبسطات 7 آلاف ليرة شهرياً، وآجارات المحلات تتراوح بين 60 و125 ألف ليرة شهرياً، وهذا سينعكس أيضاً على المستهلكين من أبناء المحافظة، واحتار المواطن أنّى التفت عليه الدفع، بينما كبار التجار والمتعهدين يمنحون الإعفاءات والاستثناءات.
ورغم الشكاوى العديدة والمتكررة، يبدو أنه لا جدوى من مراجعة مسؤولي المياه ومجلسي مدينة ومحافظة دير الزور، رغم أن الأعين ترى، لكن الآذان لا تسمع، أو تسمع وتُطنش!
فهل ستستجيب الحكومة ووزيري الموارد المائية والإدارة المحلية؟ وإلى متى سيبقى أهالي دير الزور مهمشين عطاش، وهم على ضفاف نهر الفرات؟
لعل أهالي المدينة ينطبق على واقعهم بيت الشعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول