كهرباء متذبذبة رغم الوعود
رغم التصريحات الرسمية الواعدة كلها، ورغم كل الحديث عن تحسن الواقع الكهربائي، ببنيته ومستلزماته ومدخلاته، إلّا أن واقع الحال يقول: إن الواقع الكهربائي على حاله تقريباً، حيث ما زالت معاناة المواطنين قائمة ومستمرة معه وبسببه.
في الصيف ما زالت ذرائع زيادة الضغط على الشبكة هي المبرر مقابل ساعات القطع المفاجئ أو التقنين، وفي الشتاء على المنوال نفسه، بالإضافة إلى الحديث عن الصيانة الدورية أو الأعطال الطارئة، وغيرها من المبررات المساقة دائماً كذرائع للمواطنين.
فصول الاعتدال غير مستثناة
الحديث الكهربائي الرسمي قال مؤخراً: إن التحضيرات تجري على قدم وساق من أجل استقبال فصل الشتاء، مع وضع برنامج دوري لصيانة محطات التوليد، مع تسجيل وفر مالي على الخزينة العامة يقارب الـ 10 مليار ليرة وذلك نتيجة الاعتماد على الخبرات المحلية والأيدي الوطنية.
وقد سبق ذلك منذ عدة أشهر الحديث نفسه تقريباً عن التحضيرات لاستقبال فصل الصيف الحالي، الذي نودعه في ظل واقع كهربائي لم تنتهِ فيه ساعات التقنين والقطع المفاجئ، وخاصة مع ارتفاعات درجات الحرارة، وساعات الذروة الحرارية ظهراً.
الأمر الذي يدفعنا للتساؤل عن تلك التحضيرات وجدواها، إن لم تأخذ بالحسبان الضغط الطبيعي المتوقع على الشبكة من قبل المواطنين نتيجة زيادة ارتفاع درجات الحرارة صيفاً، أو بنتيجة انخفاضها شتاءً؟
وكأن تحسن الواقع الكهربائي مقتصر على فصول الاعتدال (الخريف والربيع) فقط، علماً أن هذه الفصول لم تسلم من القطع أيضاً، كما لم يسلم المواطنون من مغبات سوء التردد وتذبذبه على مقتنياتهم من الأجهزة الكهربائية، التي تتعرض للأعطال مع ما يرافقها من تكاليف مالية تثقل كاهلهم فوق ثقله أصلاً، بسبب تكاليف المعيشة التي أصبحت خارج حدود الخيال والتخيل.
تحسن نسبي
ما من شك بأنه تم تسجيل بعض التحسن النسبي على مستوى التزود بالطاقة الكهربائية في مختلف المدن والمحافظات، بعد أن شهد الكثير من التردي والتراجع خلال سنوات الحرب والأزمة الماضية.
ومع ذلك، وفي ظل استمرار ساعات التقنين، التي أصبحت تطغى عليها العشوائية وعدم الانتظام، ترافقاً مع فترات القطع المفاجئ بنتيجة الأعطال، وما أكثرها، فإن المواطنين وحتى الآن ما زالوا مضطرين للاستعانة بالبدائل الكهربائية، سواء على مستوى الأمبيرات التي تستنزفهم شهرياً في بعض المدن، أو من خلال البطاريات والليدات التي لم يشبع تجارها ومستوردوها من تحقيق المزيد من الأرباح في جيوبهم على حساب حاجات المواطنين واستغلالاً لهم.
حق المواطنين بالكهرباء
المستغرب بعد ذلك كله ليست التصريحات بذاتها في تناقضها مع الواقع، بل المعرفة شبه اليقينية بعدم وجود مبررات لاستمرار تردي التزود بالكهرباء، فمحطات التوليد تعمل على قدم وساق، وخطوط النقل والشبكة تعمل بشكل جيد بعد أن تم إعادة تأهيل غالبيتها، والفيول والوقود اللازم للتشغيل متوفر، وكل ذلك معترف به رسمياً، كما أنه لم يعد يسجل حالات اعتداء إرهابي يطال البنية الكهربائية لتساق كذريعة للمواطنين، مع عدم تغييب ما يتم تصديره من كهرباء، ما يعني: أن حق المواطنين بالتزود بالطاقة الكهربائية بشكل مستمر من المفترض أن يكون أكثر مصونية مما هو واقع الحال الراهن!
فأين تكمن المشكلة؟ وما هي السبل الكفيلة كي يصل المواطن لحقه بالطاقة الكهربائية المستمرة، بعيداً عن الوعود والكلام المعسول؟