الاتصالات شبكة متشابكة بلا مسؤوليات
يبدو الحديث الأخير لمدير فرع اتصالات دمشق، وكأنه شكوى على نقابة المهندسين بما يتعلق بالشروط العامة الواجب توافرها في الأبنية لتأمين خدمات الاتصالات الحديثة عريضة الحزمة، والتي أرسلت إلى نقابة المهندسين عام 2016 من أجل اعتمادها عند منح التراخيص لتشييد الأبنية الطابقية والبرجية الحديثة.
حديث المدير أعلاه، ورد عبر إحدى الصحف المحلية بتاريخ 12/4/2018، وقد تمحور حول دراسة قدّمتها الشركة السورية للاتصالات لنقابة المهندسين، هدفها معالجة ظاهرة تشابكات الأسلاك التي تظهر على المنازل والأبنية.
لا مسؤولية للاتصالات
لقد تحدث مدير فرع اتصالات دمشق عن ظاهرة تشابكات الأسلاك التي تظهر على المنازل والأبنية، بأن سببها الرئيس يعود إلى عدم وجود شبكة تمديدات داخلية للاتصالات بين مدخل البناء ومنزل المشترك في أغلب الأبنية القديمة، نافياً مسؤولية الاتصالات عن ذلك، حيث تم التعميم على لجان البناء في محافظة دمشق، بضرورة إنشاء شبكات تمديد داخلي للهاتف في الأبنية القائمة حالياً، وفق مواصفات الشركة السورية للاتصالات.
كما بيّن أنّ عدم تنفيذ هذه التمديدات بشكل صحيح، يؤدي إلى تشابكات بين أسلاك الهاتف والكهرباء وتمديدات المياه، ما يسبب في تدني جودة خدمات الاتصالات والإنترنت.
وقد تمت الإشارة، بحسب الصحيفة، إلى أن السورية للاتصالات ما زالت بانتظار اعتماد المواصفة من نقابة المهندسين، التي تجاهلت الدراسة المقدمة منذ سنوات، مع العلم بأنها تعتمد مواصفات لعدد من الوزارات الخدمية الأخرى، وخاصة وزارة الكهرباء، حيث تقوم بالزام المتعهدين بالتقيد بالمواصفات التي تطلبها الكهرباء بما يتعلق بتغذية الأبنية بالطاقة، إضافة إلى المواصفات الأخرى التي ترتبط بخدمات المياه والصرف الصحي وغيرها، وهو ما كان مستغرباً من الاتصالات.
التجيير لا ينفي المسؤولية
ربما مضمون الشكوى على نقابة المهندسين بما يتعلق باعتماد المواصفة المرسلة من الاتصالات إليها محقة، خاصة ونحن على أبواب مرحلة إعادة الاعمار، والمشاريع العمرانية الكبيرة القادمة لا محالة، مما يعني أن على نقابة المهندسين الإسراع باعتماد هذه المواصفة، وإلزام شركات البناء والمتعهدين بها بكافة المشاريع العمرانية القادمة، مع التأكيد على أن مسؤولية الاتصالات بهذا الشأن من المفترض ألّا تقف عند حدود اكتفائها بما قدمته من دراسة بهذا الشأن منذ عام 2016 فقط.
أما على مستوى نفي مسؤولية الاتصالات عن واقع تشابك الأسلاك القائم حالياً كظاهرة لافتة، فهو أمر غير مفهوم إطلاقاً، خاصة وأن من يقوم بتمديد شبكة الاتصالات وصولاً لبيوت المشتركين هم عمال الشركة أنفسهم، بمعنى آخر لا يمكن الحديث هنا عن ظاهرة التمديد العشوائي للشبكة كحال شبكة الكهرباء والمياه، والتعدي عليها في بعض الأحيان من قبل المواطنين، ولعل الأهم بهذا الصدد أن علب الاتصالات نفسها هي علب بالية وصغيرة غالباً، وفيها ومنها تبدأ ظاهرة التشابك التي يتم الحديث عنها، وكذلك الأمر يجب ألّا تكتفي الاتصالات بكونها عممت على المحافظة ما هو مطلوب على هذا الصعيد لحل هذه المشكلة، وتكتفي بذلك أيضاً، كونها مؤتمنة على خدمة من الواجب عليها استكمالها على أتم وجه للمواطن، بعيداً عن آليات تجيير المسؤولية بذلك.
المشكلة مستمرة
على ما يبدو بعد ذلك كله: أن ظاهرة تشابكات الأسلاك على المنازل والأبنية ستستمر بانتظار ما ستسفر عنه أعمال لجان البناء في محافظة دمشق، بحال موافقتها على إنشاء شبكات تمديد داخلي للهاتف في الأبنية القائمة حالياً، وفق مواصفات الشركة السورية للاتصالات، استناداً للتعميم المشار إليه أعلاه.
أما المؤكد فهو: أن مشكلة سوء خدمة الإنترنت وبطئها ستستمر هي الأخرى، وذلك لحين حل مشكلة ظاهرة تشابك الأسلاك، وهذا يعني أن المعاناة ستستمر، لكن بعيداً عن تحميل مسؤوليتها لشركة الاتصالات هذه المرة، في ظل تنصلها من المسؤولية وتجييرها على غيرها من الجهات، رغم عدم نفينا للمسؤولية المشتركة بالنتيجة.
أخيراً، يمكننا القول: إن الظاهرة الواجب التصدي لها وحلها، هي: ظاهرة التهرب من المسؤوليات والتنصل منها، فحل هذه الظاهرة ربما يكون كفيلاً بحل الكثير من المشكلات العالقة والمعلقة.